في غزّة صار للحجر قيمة
الياس عشي
سؤال : ما الفرق بين ما يحصل الآن في غزّة أو ما حصل، وما زال يحصل على مساحات شاسعة من العالم العربي؟
في غزّة بندقيّة العدو يهوديّة ، كذلك في الموصل وبغداد ودمشق وحلب والرقّة ودير الزور وغيرها من المدائن المفجوعة بفطير صهيون.
في غزّة أصبح للحجر قيمة.
اغتسل بنهر الأردن.
سُرق من قبر المسيح.
خبّأته الأمّهات في الحقائب المدرسية.
الحجر في غزّة أبجدية في أحضانها تربّى ناجي العلي، ومحمود درويش، وسميح قاسم، وآخرون ممّن دفعوا بالقصيدة العربية إلى أرض المعركة.
في غزّة تمشّط الأم أطفالها وتلبسهم المريول المدرسي على إيقاع الصواريخ، وتستبدل عرائس السكّر بمزيد من الحجارة، وتعلن عن بدء الانتفاضة الثالثة.
في غزّة ينام الغزّاويّون على أصوات عربية مبحوحة وخجولة ومخصيّة «تدين» ما يجري، وفي الصباح يبدأ الزحف إلى المدافن في طقس جنائزيّ جماعيّ.
في غزّة استبدل المقاومون الفلسطينيون أسلوب الشكاوى المملّة ضدّ الاعتداءات «الإسرائيلية» المتكرّرة على المدنيين، بأسلوب آخر يقوم على مبدأ العين بالعين والسنّ بالسن والبادي أظلم. ثلاثمئة وخمس وستون غارة «إسرائيلية» ووجهت بثلاثمئة ونيّف من الصواريخ، وصل بعضها إلى «تل أبيب»، وبعضها إلى «ديمونا».
بين المقاومة الفلسطينيّة في غزّة والمقاومة الوطنيّة في لبنان توأمة يصرّ ذوو النفوس الشريفة على التمسّك بها والعمل على تجذيرها لتصبح نهجاً في العمل الوطني المقاوم. تُرى هل ستتكرّر الأصوات التي سمعناها في بيروت بعد انتصار المقاومة على الكيان الصهيوني في حرب تموز 2006؟
في غزّة يحاكم اليوم «الربيع العربي»، وتحاكم معه جامعة الدول العربية التي صالت وجالت و«تعنترت» على سورية يوم كانت سورية تواجه حرباً عدوانية عالمية، وذلك بسبب موقفها القومي من القضية الفلسطينية، فيما غابت اليوم تماماً، وسقط المسرح على رؤسهم جميعاً، وهي تنتظر رصاصة الرحمة.
في غزّة يرددون ما قاله يوسف الخال :
« أمّا الأطفال وإن ماتوا
يحيَون مع الأطفالْ
في اليوم الثالث يحيَون مع الأطفالْ
في ملكوت الأجيالْ
وليصلبْ بيلاطس هذا الإنسانَ
فهذا الإنسانْ
يحيا بالصلب مع الإنسانْ
في أرض فلسطين هنا
في كل مكانْ».