شيخ الثورة المسكين أعمى يقود عمياناً فكيف السبيل إلى النور؟
سعدالله الخليل
صراخ من بقي من قادة المجموعات المسلحة المنسحبة من الشيخ مسكين، واستنجادها بالدول العربية الداعمة لها، يعيد إلى الذاكرة المشاهد الأولى لما أطلق عليه يوماً «الثورة السورية»، حينها جاهدت قيادات المعارضة السورية لإبعاد تهم الدعم الخارجي من الدول الخليجية عن حراكها التخريبي، وبعد أشهر قليلة من محاولات التخفّي الفاشلة، تسلّل أغلب قادة هذه المعارضات إلى العباءة الخليجية، وأظهروا ما خفي من ولاءات. وكما خرجت من درعا أولى صيحات الحرية والتخريب خرجت أيضاً أولى شرارات أسلمة الحراك باستنفار القنوات المحسوبة على السعودية وقطر للترويج لشيخ الجامع العمري في درعا والملقب بشيخ الثورة السورية أحمد الصياصنة، قبل استنساخ التجربة عبر العرعور والعريفي وما لحقهم من شيوخ حملت من الثورية ما يكفي لتغذية ما يجري في سورية بآلاف مؤلفة من فتاوى إباحة الدم والعرض والممتلكات العامة والخاصة.
وبالرغم من اكتشاف السلطات السورية في الجامع العمري ومنذ الأشهر الأولى للأزمة للدور المشبوه للصياصنة بتحويل الجامع إلى مستودع للذخيرة ومشفى ميداني، أطلقت سراحه بعد اعترافات بثها التلفزيون السوري للشيخ الضرير، حينها دافع إعلام العدوان على سورية عن الصياصنة متهماً الدولة السورية والتلفزيون بفبركة الاعترافات والصور لتشويه صورة الشيخ المسكين مستغلة ضعف بصره.
هرب شيخ الثورة إلى الأردن لإدارة العمليات من هناك، وقبل أشهر أوفدته غرفة العمليات المشتركة متسللاً إلى درعا للحدّ من الخلافات والتناحر بين الفصائل المتقاتلة في ما بينها على خلفية تقدّم الجيش في درعا، على أمل قدرته التوفيق في ما بينها واستعادة التوازن، الا أنّ الشيخ المسكين فشل في إعادة المياه إلى مجاريها بعد تساقط تلك المجموعات وسقوط أحلام المنطقة العازلة، حينها أشيع أنّ الصياصنة نقل إلى المشفى.
اليوم، وبعد سقوط الشيخ مسكين ماذا عسى أن يحلّ بالشيخ المسكين؟ بالتأكيد لن يكون بأفضل حال من شيوخ مملكة آل سعود ومن راهن عليهم من جماعة الرياض بانتزاع مكان في التسوية السورية، فعلى أبواب النسخة الثالثة من ملتقى جنيف تسقط عنترياتهم وخطوطهم الحمر التي تلاشت أمام التهديد الأميركي بوجوب الذهاب إلى المفاوضات قبل تدهور الوضع الميداني أكثر، وإصابة المشروع الأميركي والسعودي في المقتل، فتستدعى السعودية ومن معها إلى طاولة جنيف صاغرة، وتعيد الاعتبار للأكراد الذين باتت مشاركتهم محسومة في ضوء الإصرار الروسي والتفهّم الأميركي رغم الرفض الفرنسي والسعودي.
أمام استحقاق جنيف بدت الأمور أكثر وضوحاً ولا ينفع من سار في ركب السعودية وأقرّ بوثيقة الرياض التي رماها الأميركي في سلة نفايات فيينا محاولات التنصل من المركب السعودي، كما تسعى هيئة التنسيق المعارضة والشخصيات المستقلة التي شاركت في ملتقى الرياض، بعد أن أدركت غرق المركب السعودي.
ما بعد الشيخ مسكين سقط كلّ شيوخ الثورة الوهابية… فأعمى لا يمكن أن يدلّ أعمى إلى النور.
«توب نيوز»