رجا: المقاومة ستفرض شروطها والانتفاضة ستندلع في أراضي 48
دمشق – سعد الله الخليل
مع تسارع الأحداث على الساحة الفلسطينية ونقل العدو المواجهة من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، تبرز تساؤلات عدة حول اختيار التوقيت ومسقبل العملية والأهداف التي تسعى الى تحقيقها وآفاق اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثالثة.
وفي لقاء مع «البناء» أكد أمين سر حركة فتح الانتفاضة أبو حازم، أن العدوان «الإسرائيلي» على الشعب الفلسطيني مستمر بغضّ النظر عن التوقيت الذي اختاره للهجوم على غزة، والذي تكمن أهميته بأنه أتى بعد ثلاثة أسابيع من الهجوم على الضفة الغربية ليشمل بذلك كل الشعب الفلسطيني، وتزامن مع التطورات على الساحة العراقية وانشغال المنطقة بـ»داعش» وأخواتها.
وأضاف أبو حازم قوله: «أنا لا أميل إلى تنتفيذ هجوم بري على القطاع، على رغم أن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو قد يرتكب حماقات ويتورط «، وحول صعوبات العمل البري في غزة أضاف: «معروف أن القطاع لا يتجاوز عرضه 17 كلم وطوله 80 كلم، وهو محاط بالقوات «الإسرائيلة» فهو عملياً في مرمى النار، وقد يدخل لمناطق محددة كأن يجتاح جنوب القطاع في رفح للسيطرة على منطقة الأنفاق، وتدمير ما تبقّى منها، وبالتالي يقطع شريان إمداد القطاع، إضافة الى وجود فصائل المقاومة واستعدادها والشعب للمواجهة، ما يصعب المهمّة خاصة في مناطق الكثافة السكانية في القطاع».
ولفت أبو حازم الى توحد فصائل المقاومة في الموقف حول المقاومة لمواجهة الكيان، بغضّ النظر عن أحجامها وطبيعة الهجوم، وهذا التوحد لا يلغي الخلافات السياسية بينها، والتي هي بالأساس تتمحور حول العدو الصهيوني، والتعامل معه ومواجهته ككيان قائم على العدوان، وكل التجارب أثبتت استحالة التعايش معه، وهذا ما يجب أن تدركه الفصائل التي ما تزال تراهن على التسوية، فالمواجهة بالكلمة والحجة مستحيل مع عدو قائم على القوة، فما قام على القوة لا يواجه إلا بالقوة، واعتبر أبو حازم أن الخلافات ما تزال سبباً في تأخر مواقف المقاومة.
وتابع أبو حازم «عند انتهاء القتال سيعود كل فصيل إلى مواقفه السياسية السابقة لأنه لا نيّة لدى السلطة لتوحيد العمل لإصرارها على المفاوضات، التي يرفضها الشعب الفلسطيني، كما رفضها المجلس المركزي واللجنة التنفيذية لحركة فتح، والكل طالب بعدم العودة دون تحقيق العدو لأي شروط ليست بتعجيزية، كوقف الاستيطان وإطلاق سراح الأسرى، وعلى رغم رفض العدو خالف رئيس السلطة مواقف الفصائل وذهب للمفاوضات، وهو خيار لا يمكن للفصائل السير فيه، ويجب أن يكون ما يجري درساَ للسلطة، ولكل من يسير في طريق المفاوضات، فالعدو لا يفهم لغة التفاوض سوى من بوابة تقديم التنازلات، ويسعى الى طرد الشعب الفلسطيني تحت وهم المفاوضات، وبالمجمل السلطة باتت بعيدة عن قاعدة المقاومة وأصبحت عالة على الشعب الفلسطيني.
وفي ما يتعلق بالتهدئة رأى أبو حازم أن «مجلس الأمن يماطل ويصمت على قتل أبناء الضفة واقتحام الخليل، وهذا الصمت المريب منه ومن الأنظمة الرجعية يعطي فرصة للعدو الصهيوني ليحقق شيئاً على الأرض، وهناك تصميم دولي على السماح للعدو بتحقيق أهدافه، وهذا معروف عن مجلس الأمن ودوره عبر السنوات كمؤسسة خاضعة للولايات المتحدة»، ويتابع أنه «من غير المفهوم كيف يطالب المجلس الفصائل بوقف الصواريخ، وكأنها هي من بدأت المعركة العدو من بدأ العدوان، وعليه أن يوقفها من دون شروط، لكن المجتمع الدولي يحاول فرض شروط على المقاومة لتدجينها، والذهاب إلى المفاوضات لإنهاء قضية فلسطين والقضايا المرتبطة من قضية اللاجئين وحق العودة».
واعتبر المسؤول الإعلامي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أنور رجا في حديث لـ»البناء» أنه «رغم انطلاق شرارة الأحداث من الضفة إلا أن العدو اختار ضرب قطاع غزة الذي يعتبر الهدف السياسي، والمحدد لطبيعة العملية العسكرية وقال: «في الضفة هناك حليف وشريك عمل على تحجيم وتقييد ووضع الحواجز بوجه بدايات التحرك الشعبي الفاعل، الذي كان سيؤدي لانتفاضة واسعة كون التنسيق مع السلطة فاعل في الضفة، اختار العدو السير باتجاه العدوان على غزة، والذي يأتي في سياق الالتفاف على الاتفاق على حكومة الوفاق التي بدأت انعكاساتها على الواقع في غزة لكسر الحصار المنظور وغير المنظورعلى القطاع من الطرف المصري، نتيجة استغلال أطراف فلسطينية متمثلة بحماس للتطورات في المنطقة، واللعب بأوراق أضرت بالقطاع من جهة وسوء تعامل السلطة مع الجانب المصري وابتزازه، وبالتالي جاء العدوان ليثبت حالة المعاناة في القطاع»، واعتبر أن الكلام بأن ما يجري في القطاع عدوان على حكومة الوفاق ليس دقيقاً.
واعتبر رجا بأن ما «يجري من عدوان محاولة لتفكيك أحد عناصر القوة في الساحة الفلسطينية بتكريس فصل غزة عن الضفة، لمنع قيام أي وحدة اتصالية على مستوى التنظيم الشعبي وتنسق الجهود الفلسطينية».
ووضع رجا الخطوة استباقية لضرب الانتفاضة الفلسطينية المقبلة في الضفة، وروح الإسناد المادي والعملي والتخلص من غزة، بحيث تكون غزة عند حدوث الانتفاضة قد أنهكت وأصبحت خارج الحسابات، وأضاف: «يريدون منا أن نجلس على مقاعد الاحتياط لا أكثر، وأن نبقى ضحية عنف العدو وهمجيته، وأن يجري مع الشعب الفلسطيني ما جرى على الساحة العربية، عندما أخذ الحراك الشعبي إلى غير مساره والتعامل مع كل منطقة على حدى بشكل منفصل عن الآخر لينطبق علينا المثل القائل « أكلنا يوم أكل الثور الأبيض « وهو ما جرى في البلدان العربية والكل يتفرج».
واعتبر رجا أن النقطة المركزية لكل ما يجري تتمثل بأن الاستهداف يأتي بعد فشل نقله حالة ما يسمى الربيع العربي إلى حلف المقاومة، فذهبوا إلى الخاصرة الرخوة من بوابة فلسطين، ففشل اختراق البنية الصلبة لمحور المقاومة والممانعة في سورية، ومع انتقال سورية من مرحلة الدفاع إلى الهجوم بتسديد ضربات للحلف المعادي وما يعانية من أزمات، واندحار مشروع الإخوان المسلمين، ما دفعهم للاستعجال بالانقضاض على فلسطين، اعتقاداً منهم أن فلسطين خارج التغطية، وعلى هذا الأساس أتى وزير الخارجية الأميركي جون كيري الى المنطقة ويستكملون الدور السياسي العربي والأميركي في المنطقة العربية.
وأكد رجا أن العدوان على غزة لن يكون كسابقيه في 2009 و2013 فاليوم لن تفرض على المقاومة شروط، وستندلع الانتفاضة في أراضي 48 وتنتقل إلى الضفة وربما تمتد المواجهة إلى جبهات أخرى على ضوء تطورات المعركة، فكل الأمور متعلقة بسير العمليات على الأرض، وأظن أن العدو لن يكتفي بتكرير سيناريوهات سابقة تكون مقدمة لضرب شريط الحدود.