القوات تعترف باشتراط إبعاد روكز لترشيح فرنجية… والمشنوق يستبق الحريري باسيل لإحياء تفاهم التيار والمستقبل… والانتخابات البلدية على النار… بانتظار!

كتب المحرّر السياسي

يدور المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا حول نفسه في حلقة مفرغة في جنيف بانتظار أن يحسم لقاء ميونيخ المرتقب بعد عشرة أيام، ما تلكّأت الحكومة الأردنية عن القيام به منذ لقاء فيينا الثاني الذي كلّفها بإجراء المشاورات اللازمة والتحقيقات المناسبة لإعداد لائحة مقترحة لتصنيف التنظيمات الإرهابية، وفرزها عن التشكيلات المعارضة المفترض أن يجري ضمّها إلى الحوار الهادف لبدء عملية سياسية، تحشد قدرات الحكومة والمعارضة في حكومة موحّدة وراء الجيش وتشكيلات شعبية مساندة، في الحرب على الإرهاب، وتنال دعم المجتمع الدولي واعترافه، وتستردّ السفارات السورية، والعلاقات التجارية والمالية الطبيعية، بما يعزز صمود السوريين ويسهّل انخراطهم في مقتضيات هذه الحرب ضمن تحالف تحت رعاية الأمم المتحدة يضمّ المعسكرين اللذين تقابلا وجهاً لوجه في الحرب السورية وعلى رأسهما كلّ من واشنطن وموسكو، بانتظار أن تحسم الانتخابات لاحقاً وفقاً لدستور جديد مستقبل السلطة وتقاسم مؤسساتها ومناصبها.

بتواطؤ مع الرياض نتج عن التلكّؤ الأردني، فتح الباب لمخالفة القرار الأممي في تشكيل الوفد المعارض مرتين، مرة بضمّه تنظيمات إرهابية، ومرة باستثنائه فصائل معارضة يفترض ضمّها وفقاً لمبدأ تشكيل وفد يضمّ جميع أطياف وشرائح المعارضة، كما نص القرار 2254.

تقف الحكومة السورية والوفد الذي يمثلها في جنيف عند هاتين النقطتين، في اعتبار البدء بالمفاوضات يستدعي قيام المبعوث الأممي بتقديم لائحة الوفد المعارض مشفوعاً بنتائج تحقّقه منه وفحص مدى مطابقته للقرار الأممي، وهو ما يبدو مستحيلاً على دي ميستورا، كما يبدو مستحيلاً عليه وضع جدول تنفيذي لبندين فوق التفاوض كما يقول، وهما وقف النار والإفراج عن المعتقلين، طالما أنّ وقف النار يجب أن يشمل الجيش السوري وحلفاءه من جهة، وهم فريق واضح ومحدّد، وله مرجعية، وفصائل المعارضة في المقابل، من دون التنظيمات الإرهابية، وهو ما ليس واضحاً أو محدّداً، وكيف يمكن مطالبة الحكومة بالإفراج عن معتقلين وفقاً للائحة يقدّمها وفد جماعة الرياض ومن ضمنها جيش الإسلام، وتنتهي الأمور بعد أسابيع بتصنيفه إرهابياً، وكيف يستطيع أن يطلب من الدولة السورية التعاون أصلاً في تطبيق أيّ خطوات أمنية قبل حسم مسألة التصنيف؟

في قلب هذه الحلقة المفرغة يدور دي ميستورا وينتظر الدعم السياسي من الثنائي الأميركي الروسي الذي سيجتمع على مستوى نواب وزير الخارجية اليوم، حيث يلتقي غينادي غاتيلوف مع آن بترسون تمهيداً للقاء ثلاثي يضمّ الأربعاء أو الخميس وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري.

شهرا شباط وآذار يبدوان مستهلكين في تركيب وترتيب الوفد المعارض وتنقيته من التشكيلات الإرهابية، وتوفير مساحة تتسع بين صفوفه لجميع التشكيلات التي شاركت في مؤتمرات المعارضة، خصوصاً مؤتمرات دمشق موسكو والقاهرة إضافة لمؤتمر الرياض، وتحديداً ضمّ مَن اختارهم دي ميستورا كمستشارين من جهة، والتشكيل الكردي الذي يتزعّمه صالح مسلّم والذي سيصير التشكيل المسلح الأول في المعارضة بعد إخراج جيش الإسلام وأحرار الشام من بين صفوفها من جهة أخرى، وقبل أيار تقول مصادر متابعة سيبدو صعباً توقع البدء بروزنامة الحلّ السياسي، ما يعني أنّ التعويل سيبقى على الميدان وما يفرضه الجيش السوري من وقائع تتكفل بتسريع حسم ما يبقى عالقاً في طريق الانطلاق.

دي ميستورا الذي أعلن بدء العمل الرسمي، بعملية جنيف، والتقى وفد جماعة الرياض، سيلتقي اليوم بالوفد السوري الرسمي، وهو يعلم أنه لا يفعل سوى أخذ الصور التذكارية يوماً بيوم بانتظار حدوث الأهم، وحتى ذلك التاريخ سيكون منشغلاً بابتكار خطوات إعلامية كالقيام بمساعٍ إغاثية ومبادرات إنسانية متفرّقة تملأ الفراغ ولا تستدعي أصلاً انعقاد جنيف.

لبنانياً، بعد كلام النائب سليمان فرنجية الذي وضع خطاب الأمين العام لحزب الله السيد نصرالله كعنوان لإعادة ترتيب بيت الحلفاء، بما يعيد ترشيح العماد ميشال عون إلى الواجهة كمشروع رئاسي تلتقي عليه قوى الثامن من آذار، أملاً بسعي لضمّ الرئيس سعد الحريري إلى هذا المشروع، برزت عناصر متعاكسة على مؤشر الحركة على خط عون الحريري، فوزير الخارجية جبران باسيل، كشف عن مساعٍ جدية لإحياء تفاهم الحريري عون الذي كاد ينتهي قبل صدور الفيتو السعودي بوضع خطة وصول عون إلى بعبدا والحريري إلى السراي، بينما كان الشريك المنفعل والمفترض في ترشيح عون الذي تمثله القوات اللبنانية يكشف تأكيداً لما قاله النائب فرنجية عن فيتو وضعته «القوات» على ترشيح العميد شامل روكز لقيادة الجيش كواحد من شروط قبولها بترشيح فرنجية للرئاسة، ما يعني أنّ الموقف مع عون جاء ضمن استدراج عروض، وليس وليد قناعة أحادية بعون رئيساً، ولا احتجاجاً مبدئياً على قيام الحريري بترشيح فرنجية، وهنا أصاب بيان «القوات»، باكتفائه بالمطالبة لفرنجية بضرورة التكتم على المحادثات بينهما عملاً بمبدأ المجالس بالأمانات، أصيب جمهور العماد عون بخيبة تتصل بالفيتو على روكز والذهول بتمسّك فرنجية به، وفي المقابل أساء كلام «القوات» للتفاهم مع العماد عون بالإيحاء ضمناً أنه حصل عبره سياسياً على ما لم يقبل به فرنجية على مسار موازٍ كان وزير الداخلية نهاد المشنوق يستبق أيّ كلام للرئيس سعد الحريري بكلام سلبي تجاه خطاب السيد نصرالله واصفا إياه بالتعطيل، راسماً علامات تساؤل كبرى حول موقف الحريري الفعلي.

مرة أخرى كما كل مرة تنسدّ الآفاق الرئاسية يعود اللبنانيون إلى أوراقهم الحكومية، وهذه المرة عينهم على الانتخابات البلدية، التي يبدو أنّ الاتهام المتبادل بين الأطراف السياسية، في تعطيل الانتخابات الرئاسية والنيابية، صار حافزاً ليتحوّل التبرّؤ من مسؤولية تعطيل الانتخابات البلدية مصدراً لتقاذف كرة الترحيب بإجرائها، ربما بانتظار مفاجأة تبرر تعطيلها، أو استخدامها أداة قياس لموازين القوى وبالون اختبار في قراءة التحالفات القديمة والجديدة.

«القوت» تردّ على فرنجية

استدعت المواقف التي نسبها رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية إلى «القوات اللبنانية» خلال لقاءات جمعت الطرفين منذ أكثر من عام، استنفاراً قواتياً من معراب، حيث تمنّت على «مرشح لرئاسة الجمهورية أن يحفظ بالحدّ الأدنى مبدأ «المجالس بالأمانات» ومن دون تحوير». وأشار بيان صادر عن دائرة الإعلام في «القوات» إلى أن «فرضية ترشيح فرنجية طُرحت آنذاك ولم تُمانعها «القوات»، وهذا أكبر دليل إلى حسن نيّتها تجاه النائب فرنجية، لكنها ربطت ذلك بمجموعة تفاهمات تبيّن خلال البحث بأن تيار «المردة» لا يستطيع مجاراتها». وأضافت «عند الكلام عن التفاهمات، شدّدت «القوات اللبنانية» على أنه يهمُّها جداً موضوع قيادة الجيش ومن الطبيعي أن يكون لها رأي وازن في هذا الشأن، وليس أي شيء آخر. واعتبرت أن ما قاله فرنجية عن طلب «القوات» مساعدتها لفتح حوار جدّي مع «حزب الله»، «عارٍ تماماً من الصحة، أولاً نظراً للأسباب السياسية المعروفة، وثانياً لو كان للقوات هذه النيّة لفعلت هي ذلك مباشرةً ولا لزوم لفرنجية ولا لغيره»، مذكرة أن «التلاقي مع عون بدأ منذ أشهر طويلة قبل موضوع طرح فرنجية».

وفيما لا يزال رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ملتزماً الصمت حيال إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق أنه «كان في الصفر، وبقي في الصفر، لأن عملياً، ما عرضه السيد حسن نصر الله قبل ثلاثة أيام عنوانه الأساسي والوحيد هو تعطيل انتخابات الرئاسة ولو بغلاف ديمقراطي». وعلمت «البناء» من مصادر نيابية في تيار المستقبل أن وزير السياحة ميشال فرعون تبلّغ من الحريري أنه لا يزال على موقفه من ترشيح رئيس تيار المردة».

وفي سياق متصل، رجحت مصادر في فريق 14 آذار «أن لا يشارك رئيس حزب القوات سمير جعجع في احتفال ذكرى 14 شباط»، مشيرة إلى «أن العلاقة بين جعجع والحريري لا تزال متوترة والاتصالات شبه معدومة».

كنعان بعد لقائه الراعي: اليد ممدودة للجميع

في غضون ذلك يواصل التيار الوطني لقاءاته ومشاوراته الرئاسية، ولهذه الغاية زار أمين سر تكتل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، مجدداً التأكيد «نعم تمّ ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية لأسباب عديدة وأبرزها انه الأكثر تجسيداً مسيحياً وميثاقياً ووطنياً لهذا الواقع الذي نعيشه ونحن نحتاج لرئاسة قوية تجسّد هذه الإرادة المسيحية الوطنية».

وأشار إلى أن «اليد ممدودة للجميع وستبقى، لأن هذا الاتفاق بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية هو اتفاق عام يشكل رؤية مسيحية».

إحياء التفاهم بين عون والحريري؟

إلى ذلك أوضحت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن اللقاء بين رئيس «التيار» الوزير جبران باسيل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري تجربة لا تزال في بدايتها في إطار محاولة لإحياء التفاهم الذي حصل بين الحريري والعماد ميشال عون في الموضوع الرئاسي، وربما تتبين نتائجها خلال أسبوع».

وإذ نفت المصادر أي تواصل بين التيار الوطني الحر وتيار المردة في الموضوع الرئاسي. أوضحت أن العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب «القوات اللبنانية» تتم على أساس «القطعة»، أي كل ملف بملفه، وستتطور بشكلٍ تصاعدي.

جلسة حكومية اليوم

حكومياً، يلتئم مجلس الوزراء اليوم لاستكمال مناقشة وإقرار بنود جدول أعماله إلى جانب ثلاثة ملفات رئيسية، تأمين تمويل الانتخابات البلدية والاختيارية، تثبيت المتطوّعين في الدفاع المدني واقتراح وزير العدل أشرف ريفي إحالة ملف الوزير السابق ميشال سماحة إلى المجلس العدلي.

وتوقعت مصادر وزارية لـ«البناء» أن يطرح موضوع تمويل الانتخابات البلدية من خارج جدول الأعمال، مرجّحة إقرار هذا الموضوع وأن لا يرفض أحد من مكونات الحكومة هذا الأمر.

وشككت المصادر بأن يقرّ مجلس الوزراء تثبيت المتطوعين في الدفاع المدني، قائلة: «إنها مسألة ليست سهلة».

ملف النفايات أصبح «تسلاية»

وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» أن «إحالة قضية الوزير السابق ميشال سماحة إلى المجلس العدلي ستأخذ وقتها في النقاش»، وأشار إلى أن «وزير العدل أشرف ريفي مصرّ على طرحه على جدول الأعمال، ولكن ذلك لن يتسبب بمشكلة في مجلس الوزراء».

وأمل درباس أن «لا يتم طرح ملف النفايات في جلسة اليوم، نظراً لأن هذا الملف أصبح «لعب عيال وتسلاية»، ودعا درباس كل من لديه حلول أخرى غير خيار الترحيل إلى الخارج أن يطرحها، وليس فقط أن يعمل لعرقلة ما أنجزته اللجنة المكلفة هذا الملف حتى الآن، «لأن ما وضعته الدولة من تكاليف حتى الآن باهظة جداً». وذكر درباس بأن «طاولة الحوار أعطت الضوء الأخضر وأمنت الغطاء الكامل لوزير الزراعة أكرم شهيب لإيجاد الحل لهذا الملف، وتساءل: فلماذا إذاً يُعرقل في مجلس الوزراء اليوم بعد أن وجدنا الحل؟

قزي: لن نعيد النازحين السوريين

على صعيد آخر، أكد وزير العمل سجعان قزي، «أن ربط المساعدات الدولية بتأمين العمل للنازحين قضية أساسية بالنسبة للشعب اللبناني الذي يعاني من البطالة بنسبة 25 ومنهم 36 في عمر الشباب».

وأشار قزي إلى أن «سياسة العمل في لبنان ترسمها وزارة العمل تحديداً وليس أي وزارة أخرى، لا وزارة الخارجية ولا رئاسة الحكومة وهذا أمر واضح. كما أن على الحكومة اللبنانية أن تتخذ الموقف الذي يفرضه مثل هذا التدبير الدولي. نحن حتى الآن نقول لن نعيد النازحين السوريين بل يجب أن نعيد النظر في هذا القرار».

وقالت مصادر وزارية لـ«البناء» إن هذا الملف ربما سيطرح في جلسة اليوم، وأوضحت أنه حتى لو اشترطت الدول على لبنان أموراً تتعلّق بالنازحين السوريين على أراضيه مقابل تأمين المساعدات، لكن الدولة اللبنانية هي صاحبة القرار وترفض ما تريد وتقبل ما تريد ولن تخضع تحت أي ظروف.

إلى ذلك، يغادر رئيس مجلس الوزراء إلى لندن غداً للمشاركة في «مؤتمر مساعدة سوريا والمنطقة»، حول النازحين السوريين، الذي تستضيفه العاصمة البريطانية في الرابع من الشهر الحالي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى