الشاعر القوميّ شفيق عبد الخالق وقصّة نشيد المغترب

إن أنت أردت صديقاً وفياً، وجدته. أو رفيقاً صادقاً مؤمناً بسعاده مجسداً فضائل النهضة ومناقبها، لوجدت في الرفيق شفيق عبد الخالق أحد هؤلاء.

كان يشتاق الى الوطن وتدب في شرايين قلبه حنينه الى القرية والرفقاء الذين عرفهم مع بدء مشواره في الحزب. كان يسألني بلهفة عنهم، ويتوق لو يزور الوطن ليقعد مرة جديدة تحت فيء سنديانة، أو عند نبع ماء، أو فوق أي بقعة أرض يتنشق عبير وطنه ويملأ رئتيه وذاكرته وقلبه وأعماقه، قبل الرحيل.

كان يودع رفقاءه واحداً واحداً. ألبرتو شكور. نواف حردان. سمعان صوابيني. يورغاكي فهد. أكرم بشور، وأصدقاءه الشعراء الشيخ شكيب تقي الدين، نبيه سلامة، الرفيق فارس بطرس، الرفيق عبد الكريم صبح وميشال المغربي.

كان يرى تاريخاً منه يرحل مع كل منهم والكثير من الحكايا، تماماً كما يرحل الأدب المهجري والصحافة المهجرية فلا يبقى منها سوى الذكريات، ولولا نبض البعض، وبينهم الرفيق الباحث والشاعر يوسف المسمار .

التقيته كثيراً في زياراتي الى البرازيل أو في فترات إقامتي فيها، وسمعت عنه أكثر.

لقاءاتي هذه وما سمعته، جعلت من الرفيق الشاعر شفيق عبد الخالق يحتل مساحة واسعة في نفسي من المحبة والاحترام والتقدير.

لم أسمعه مرة يتناول أحداً. لم أعرف أنه تعامل، في أعماله التجارية، خارج أصول النزاهة والإخلاص والصدق.

لذلك حظي بالاحترام الكبير في حزبه، وفي الجالية، التي كان يحضر الكثير من مناسباتها الوطنية، خطيباً أو شاعراً.

في مديرية سان باولو لم يتول مسؤولية إدارية، إنما كان حاضراً دائماً، في الاجتماعات وفي مختلف الأنشطة ومساهماً بعقله وقلبه ووجدانه في كل ما يفيد نمو وعافية العمل الحزبي في سان باولو.

غادرتُ البرازيل، إنما لم أغادر الكثيرين من الأحباء، كان أبرزهم الرفيق شفيق عبد الخالق. يتصل بي في المناسبات، وأتصل. يكتب، وأكتب، وأرافق عطاءاته الشعرية، وحضوره الحلو في الجالية، وأرجو أن يطيل الله بعمره، وبعمر قلة من الشعراء المهجريين في واقع معيب من اللامبالاة من جانب وزارة الثقافة أو المجلات الثقافية المعنية، ولولا الأديب نعمان حرب 1 وزياراته الى البرازيل، فاصداره الكثير من الكتب عن شعراء عديدين فيها، لرحلت المعلومات عن هؤلاء الشعراء، وعن الحضور المشع للادب المهجري.

كتب الأديب نعمان حرب عن الرفيق الشاعر شفيق عبد الخالق، وعنه سيكتب الكثير كلما رغب أي باحث أن يفي الأدب المهجري حقه.

نبذة شخصية

– ولد الشاعر الرفيق شفيق عبد الخالق في بلدة مجدلبعنا قضاء عاليه .

– تلقى علومه في الجامعة الوطنية في عاليه وتخرج منها عام 1950 .

– غادر الوطن أواخر العام 1951 الى البرازيل حيث استقر في مدينة سان باولو .

– نظّم الشعر وهو في سن باكرة، والى جانب عمله في التجارة المتنقلة ثم الثابتة، تابع اهتمامه بالأدب والشعر منصرفاً الى المطالعة .

– امتاز شعره بالثورة على الأوضاع وبالدعوة الى النهضة وتغيير المفاهيم البالية .

– ضمن سلسلة «قبسات من الأدب المهجري» أصدر عنه الأديب نعمان حرب كتاباً تضمن دراسة عن شعره كما نشر له مجموعة كبيرة من قصائده .

ساهم في تأسيس «عصبة الادب العربي» الى جانب المؤسس الأمين نواف حردان، وشعراء من المهجر البرازيلي فأبصرت النور عام 1978 وكان لجريدة «الأنباء» لصاحبها ورئيس تحريرها الأمين نواف الأثر الكبير في انضمام العديد من شعراء وأدباء المهجر البرازيلي الى العصبة، عبر تخصيص صفحة كاملة في كل عدد من الجريدة، وكانت تصدر أسبوعياً، لنشر قصائد الشعراء والأدباء وإنتاجهم.

تولى الرفيق شفيق رئاسة العصبة في الفترة 1983 – 1984 .

– متأهل من السيدة سعاد المصري، وله منها: نازك طبيبة اسنان متأهلة من الأمين الدكتور فادي عبد الخالق. رشيد محامٍ وفوزي مهندس .

– شقيقه الرفيق نسيب شاعر شعبي معروف وله ديوان كان صدر في خمسينات القرن الماضي .

– في حديث أجرته جريدة « الأنباء « عام 1983 مع مدير المركز الثقافي السوري في سان باولو، الأستاذ سـلمان عزام، يقول في الرفيق الشاعر شفيق عبد الخالق : صاحب تعبير سهل ممتنع ، امتلك اللغة وصهرها وحوّلها الى مادة ليّنة ، ثم عاد فسكبها في قالب ممتع تسهل قراءته. وهذا السيل من الألفاظ العادية التي نجدها في قصائده إنما يعبّر عن قدرته في مجال لغة الضاد ، قدرته على الخوض في بحورها والتجوال في سهولها وأعماقها.

– يتميز الرفيق الشاعر شفيق بصدقه ومناقبيته ووفائه لأصدقائه ، وسموّه النفسي في كل تعامله الحزبي ، وفي أوساط الجالية التي تكنّ له الكثير من الاحترام والتقدير، وله حضوره اللافت في مناسباتها العامة ومشاركته، بكلمات وقصائد .

قصة نشيد المغترب

كانت مجلة «الثقافة» الصادرة عن عمدة الثقافة في الحزب نشرت في عددها 16 كانون الثاني شباط 1986 نشيد المغترب القومي الاجتماعي من وضع الرفيق الشاعر شفيق عبد الخالق .

فرحت، فترة بعد فترة، أرفع الاقتراحات بأن يلحن هذا النشيد فينضم الى سلسلة أناشيد الحزب النشيد الرسمي، موطني يا توأم التاريخ، نشيد الأشبال، نشيد المقاومة الى أن تقرر ذلك صيف العام 2011 بإيعاز من حضرة رئيس الحزب الأمين أسعد حردان وإشرافه .

ساهم في التنفيذ الرفيق فؤاد حبيب وكان لابنه، المخرج التلفزيوني المعروف إيلي حبيب، دوره في التلحين وفي التوزيع الموسيقي.

منذ ذلك التاريخ بات نشيد المغترب وقد طبعت كمية كبيرة منه على C/D في حوزة فروع الحزب عبر الحدود، وفي حوزة أي فرع أو رفيق في الوطن يرغب في اقتنائه.

كلمات النشيد

سـوريا عمر من المـجد التليـد وصـراع هز اعطـاف الوجـود

شـعبك الطـامح أطواد الـمعالي ونـجـوم في متـاهـات الليـالي

سـوريانا منـك إبـداع الخـلود يـا دم في ثـورة الجيـل الجـديد

أنـت ميـثـاق العهـود

وكـرامـات الـجـدود

ونـداءات الشـهـيـد

وطن مـا زال للمجـد وسـاده صـانع التـاريخ قـومي الإرادة

روّض البحـر فجـاب الشـفق وفـدى عليائـه تحلو الشـهادة

فـصـمـود وقـيـادة

واعـتـزاز وسـيـادة

إنـنـا جـيـل سـعاده

أمـتي من بعثت شـرعاً وحقـا وفنـوناً من ضيـاء النـور أرقى

معبد الشـمس ونور الشـهب ثـورة النصـر وسـيف العـرب

وبسـطنا عَلَمَ التمدين شـرقا وبـلغنا كبـريـاء كـل مـرقى

نـحن من ثقـف خـلقا

ورفضنـا العيـش رقـا

ووهـبـنا الكون نطقـا

نـحن من علم بالحـرف الزمانا واتـخذنا فسـحة الشـمس مكانا

نـحن تاريخ الحضارات المجيـدة وبطــولات الإرادات العنـيـدة

قمـم المـجد امتداد مـن ذرانا أي شـعب حـمل الفكـر سـوانا

وفـداك سـوريـانـا

قـد تـحـدينا الزمانا

وسـقـينـاك دمـانا

هوامش

1 أصدر الأديب نعمان حرب عن منشورات «دار مجلة الثقافة» في دمشق سلسلة من الكتب عنوانها «قبسات من الأدب المهجري»، تناولت العديد من أدباء وشعراء المهجر الأميركي اللاتيني.

ل.ن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى