المعلوف: نسعى لإقناع حلفائنا بدعم ترشيح عون
حاورته روزانا رمال- تحرير محمد حمية
نفى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جوزيف المعلوف، أن يكون رئيس «القوات» سمير جعجع قد وعد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية بترشيحه للرئاسة، موضحاً أنّ الأمر لا يعدو كونه أحاديث بين قنوات التواصل بين «القوات» و«المردة»، وهي أقرب إلى «جسّ النبض» فقط.
وأشار المعلوف في حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز» إلى أنّ «الإطلالة الإعلامية في لقاء معراب وإعلان جعجع ترشيح رئيس تكتّل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، شكّلت زلزالاً سياسياً في البلد»، مؤكّداً استمرار «القوات» في ترشيح عون، كاشفاً عن تواصل وحوارات مع كل الفرقاء في 14 آذار لإقناعهم بهذا الترشيح. لكنّه لفتَ إلى أنّ «المجهود الأساسي لإيصال عون إلى الرئاسة يقع على عاتق حزب الله».
وفي ما يلي نص الحوار كاملاً
سنتحدث بداية عن المصالحة بين التيار الوطني الحر وحزب «القوات اللبنانية»، هناك من يتساءل، لماذا جاءت هذه المصالحة في سياق رئاسة الجمهورية ولم تأتِ في المراحل السابقة؟
أولاً، هذه المصالحة ليست ظرفية، بل هي بعيدة من المصالح الشخصية أو الحزبية. ترشيح جعجع لعون كان نتيجة، وضمن مسار طويل من الحوارات الثنائية، بعد استمرار الشغور الرئاسي وتعطيل الانتخاب، أعلن جعجع أنّه جاهز للسير برئيس توافقي وأن لا «فيتو» على أحد. وبعد ذلك قرّرنا كتكتّل نيابي مع الهيئة التنفيذية لـ«القوات» أنّه يجب الدخول في حوارات مع الجميع وعلى رأسهم التيار الوطني الحر لإيجاد الحل للشغور الرئاسي الذي ينعكس بشكلٍ سلبي على كامل المؤسسات الرئيسية في البلد، وبدأنا بحوار جدّي بين الحزبين، والنتيجة كانت التوصل إلى إعلان النيّات في حزيران 2015، وعلى ضوء هذا الإعلان بات واضحاً أنّ التقارب بين الطرفين جدّي، والـ16 بنداً شكّلت قواسم مشتركة للطرفين. لذلك الحدث هو المصالحة وترشيح جعجع لعون كان نتيجة. وصحيح أنّ الحوار مستمر بين الحزبين لكن لا تزال بعض المواقف والملفات الاستراتيجية تشكّل خلافاً بينهما، وهذا لا يمنع من الوصول إلى ملء الشغور الرئاسي والاتفاق على قانون انتخابي جديد لإعادة تجديد السلطة في البلد، الموضوع الرئاسي كان الملف الأساسي بين الحزبين، إذ إنّ هناك أولويات وطنية تمّ الاتّفاق على حلّها تدريجياً.
يُقال إنّ جعجع هو الرابح سياسياً في كل الأحوال، لأنّه إذا تمّ انتخاب عون سيبدو أنّه صانع رؤساء، وإذا لم يُنتخب سيبدو أنّه استطاع أن يُحدث شرخاً في «8 آذار» كما سيحصد تأييد المسيحيين الذين يقفون في المنطقة الرمادية، فهل تمّ الترشيح ضمن هذه الحسابات؟
ترشيح جعجع لعون ليس ردّ فعل على ترشيح الحريري لفرنجية، لكنه مرتبط بشكلٍ أو بآخر بهذا الترشيح، لأنّه بما أنّنا كقوى «14 آذار» سلّمنا جدلاً بأنّ رئيس الجمهورية من قوى «8 آذار»، اقتنعنا بأنّ عون لديه التمثيل المسيحي الأقوى على الأرض والوجود الوطني ما يخوِّله أكثر لأن يكون رئيساً وقد تكون النتيجة ربحاً لجعجع، لكن الهدف الأساسي من الترشيح هو للمصلحة الوطنية. كما رأينا أنّ عون مرشّح حزب الله، ما دفعنا إلى العمل لكي نلتقي على هذا الترشيح كحل وطني لسدّ الفراغ. الحدث الأساسي هو المصالحة التي طوت صفحة سوداء من عشرات السنين بين «القوات» و«التيار».
المصالحة جديّة
هل إنّ هذه المصالحة مبنيّة على أُسُس ثابتة، أم ستنتهي بعد إنجاز الملف الرئاسي؟
المصالحة جديّة، مبنيّة على التسامح المتبادل، ومرّت بتنقية الذاكرة، والمصالحة مع الذات ومع الآخر. وهناك ارتياح من الأكثرية الساحقة للشارعين المسيحي بشكلٍ خاص واللبناني بشكلٍ عام، وكانت ضرورية للحفاظ على الكيان اللبناني. ليست ذات طابع مسيحي رغم أنّها بين فريقين مسيحيين ولا تشكّل اصطفافاً ضدّ أي طرف آخر، ولها البعد الوطني، وتساعدنا للحفاظ والتعاطي بسواسية بين مكوِّنات المجتمع، لأنّه إذا استمرّ التهميش للطرف المسيحي ستُضرب الشراكة، لأنّ الشراكة تتمّ بين شركاء أقوياء وهذه الشراكة تساعد على استعادة الشراكة لكل المواطنين اللبنانيين التي تتجلّى بانتخاب عون رئيساً، ثمّ قانون انتخاب عادل وحكومة وحدة وطنية.
ما الذي كان يحول دون إجراء هذه المصالحة سابقاً؟
المصالحة بدأت منذ استشعارنا خطر الفراغ الرئاسي، وقد يكون المخرج الأساسي هو التلاقي بين «التيار» و«القوات». تعطيل الملف الرئاسي سرّع هذه المصالحة، نتمنّى أن تكون الحوارات مع كل الأطراف على أُسُس سليمة وواضحة، تبدأ حوارات ثنائية وتصل إلى حوارات جماعية.
جس نبض
كيف تُفسِّر ترشيح الحريري لفرنجية الذي قال إنّ جعجع كان يفكّر بترشيحي؟
الحوارات الثنائية بين «القوات» وأطراف ثانية كانت موجودة، منها حوارات جديّة وأخرى لجسّ النبض. جعجع لم يعِدْ بترشيح فرنجية، بل كان هناك مجرّد أحاديث بين قنوات التواصل بين «القوات» و«المردة». لم نعِدْ أحد ونُخلّ بالوعود، الحديث عن ترشيح جعجع لفرنجية كان جسّ نبض فقط.
هل ترشيح جعجع لعون يرتبط بمتغيّرات على الساحة الإقليمية فرضت على جعجع والحريري قبول مرشّح من «8 آذار»، وأين كانت المسؤولية الوطنية لديكم في السابق؟ ما الذي تغيّر؟
ليست المرة الأولى التي تقدِّم فيها «14 آذار» تنازلات مع التمسّك بثوابتها ومبادئها التي انطلقت من «ثورة الأرز»، ترشيح عون جاء انطلاقاً من الاتفاق على 10 بنود واضحة وفي إطار سياسي شكل إعلان النيّات، هي بنود مترابطة مع ثوابت «14 آذار»، السيادة والحرية والاستقلال. التنازلات بدأت من زيارة الحريري إلى سورية إلى موضوع قبول حكومة الشراكة الوطنية وإعطاء «8 آذار» الثلث المعطِّل، ومن ضمن هذه الثوابت إيجاد حل لسلاح حزب الله ضمن الدولة اللبنانية. نحن نعرف الرابط الإقليمي لحزب الله بإيران وسورية، لكن يجب أن نضع رؤية طويلة الأمد لحل مشكلة سلاح الحزب، وليس غداً، على قاعدة انخراط كل القوى تحت إمرة الدولة اللبنانية، هناك واقع إقليمي فرض نفسه لا سيّما في سورية والعراق وولادة الحركات التكفيرية التي هي عدو لـ«السنّة المعتدلين». بالتأكيد القوى الإقليمية تركت أثراً على بعض القرارات اللبنانية من ضمنها الملف الرئاسي.
هناك من يقول إنّه لو سقط النظام في سورية والرئيس بشار الأسد منذ سنوات، هل كان جعجع رشّح عون مرشح حزب الله، أو رشّح الحريري فرنجية صديق الرئيس الأسد؟
لن أدخل في فرضيات لم تحصل، لكن أسأل، لو ذهب النظام في سورية في العام 2011 أين كان سلاح حزب الله اليوم؟ التدخُّل الروسي في سورية غيّر المعادلة العسكرية إلى حدٍ كبير، وتجميد مفاوضات جنيف جاء بسبب انتصارات للنظام على الأرض بدعم روسي على كل القوى التي تقف ضدّ النظام وليس فقط القوى التكفيرية. «14 آذار» لم تراهن على الخارج، بل ساهمت في خروج الجيش السوري من لبنان. نحن نطالب بعدم تدخّل سورية في الشؤون اللبنانية الداخلية، وهذا ورد في النقاط العشر في لقاء معراب والتي تترابط مع مبادئ السيادة والاستقلال والحرية التي نادت بها «14 آذار»، كل القوى الدولية تُبيِّت الشر للشرق الأوسط وتستفيد من الحروب القائمة على الأرض والصراعات بين المكوِّنات في منطقتنا. الحوار يُبعد التأثيرات الخارجية علينا، إذ النزاعات أثبتت أنّ الجميع خاسرون مع استنزاف القدرات العربية والإيرانية. الحل بتنقية ذاتية ومصالحة وتنقية وطنية في كل دولة عربية قبل إجراء المصالحات الإقليمية المبنية على المصالح.
ظهر ترشيح عون لجعجع وكأنّه تحدٍّ لحزب الله أكثر منه ترشيحاً جديّاً لعون، وإحراج للحزب بأنّه لا يستطيع إيصال عون للرئاسة. هل تقوم «القوات» بمساعٍ لإقناع حلفائها بترشيح عون؟
إعلان ترشيح عون الذي جاء بهذا الوضوح والالتفاف الذي لاقاه من القياديين والمسؤولين في القطاعات بمعراب من الطرفين، والطلّة الإعلامية الجديّة لعون وجعجع، شكّلت زلزالاً سياسياً في البلد. نحن مستمرون في ترشيحنا لنؤكّد جديّتنا، وهناك تواصل وحوارات مع كل الفرقاء في «14 آذار» لإقناعهم بالترشيح، وهناك أيضاً تحرّكات من قِبل فريق العماد عون من خلال بعض الزيارات لتوضيح بعض الأمور. لكن نعتبر أنّ المجهود الأساسي يكون من قِبل حزب الله بعد تأكيد الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بإطلالته الأخيرة، أنّه لا يزال متمسّكاً بعون كمرشّح حزب الله وربما «8 آذار» أيضاً.
لا مانع لدينا من التوافقات
كيف قرأت موقف السيد نصر الله بأنّه لا يريد النزول إلى المجلس قبل حصول توافق على انتخاب عون؟
كما يشيد السيد نصر الله بالديمقراطية الإيرانية السليمة، فإنّ النزول إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس لا يخالف هذه الديمقراطية، فلينزل كل الأطراف لتأمين النصاب الدستوري للانتخاب بمعزل عن اسم الرئيس، وتتمّ عملية الانتخاب بالطريقة الديمقراطية. ولا مانع لدينا من التوافقات إذا أدّت إلى نتيجة، فلنحترم الكيان والدستور اللبناني والطائف، ونبادر إلى الانتخاب في مجلس النوّاب.
هل يشكِّل نزول حزب الله إلى المجلس النيابي لانتخاب عون تحدّياً لتيار المستقبل، ويؤدّي إلى مشكلة مذهبية؟
الانتخابات الديمقراطية ليست تحدّياً لأي طرف، الشراكة في الوطن لا تُلغي العملية الديمقراطية، المستقبل لم يقاطع جلسات الانتخاب منذ الجلسة الأولى وهو الأكثر حضوراً خلال 35 جلسة، وهذا إيجابي ويُعتبر احتراماً للدستور.
إشكالات بين «القوات» و«المستقبل»
كيف تصفون علاقة «القوات» مع «المستقبل» بعد ترشيح جعجع لعون؟
علاقة جيدة، لكن هناك بعض الإشكالات نتجت عن الملف الرئاسي، لكن علاقتنا أصلب من أي خلاف على الرئاسة، وما يجمعنا أكثر ممّا يفرّقنا. ثوابت «ثورة الأرز» لا تزال موجودة وقائمة، وهناك عناصر جامعة للطرفين.
لشرق أوسط جديد
هناك انفتاح غربي اليوم على إيران بعد توقيع الاتّفاق النووي ورفع العقوبات الدولية، كيف سيؤثّر ذلك على لبنان في ظل تحالف إيران مع حزب الله؟
منذ حكم الشاه كانت إيران ولا تزال جزءاً أساسياً من النظام العالمي والواقع الشرق أوسطي، اليوم رعاية إيران لا تزال مستمرة للنظام في سورية بتدخّلٍ مباشرٍ سياسي وعسكري ومالي إيراني، ولديها حزب الله كحليف أساسي في لبنان وبعض المكوِّنات في العراق والحوثيين في اليمن، لا أحد يُنكر الواقع الوجودي الإيراني في المنطقة، إذا لم نكن قادرين على مشاهدة الصورة الأوسع كعرب وإيرانيين بأنّ الشرق الأوسط هو لأبناء الشرق الأوسط وليس خاضعاً لمخططات الدول الكبرى كما يحصل اليوم من خلال استنزاف هذه الدول للأمول الإيرانية والعربية. هناك دور فاعل لإيران كما للسعودية في العلاقات مع الغرب، فلننطق من الشرق الأوسط إلى شرق أوسط جديد يعتمد على الشراكة، ولا يعرف العداء والامتدادات الاستراتيجية.