محاولات يائسة لإعادة إنتاج تجارب سابقة
حميدي العبدالله
إصرار المعارضة على أن يكون بين الشروط المسبقة لمشاركتها في «جنيف 3» وقف شامل للعمليات العسكرية، بما في ذلك التي تستهدف جبهة النصرة على كافة الجبهات، ولا سيما جبهات حلب، حيث اعتراف «المرصد السوري» أنّ مقاتلي النصرة هم القوة الأساسية التي تقاتل الجيش السوري وحلفائه في ريتان وبقية محاور جبهات شمال حلب، الإصرار على ذلك من قبل معارضة الرياض يشكل محاولة واضحة لإعادة إنتاج التجارب التي شهدتها سورية في أعوام 2011 و2015.
معروف أنه في هذين العامين، كان الجيش السوري يمتلك كلّ القدرات للقضاء على المسلحين، وكلّ مرة حاول القيام بذلك، وأوشكت مواقعهم على الانهيار، كان يتمّ اللجوء إلى طلب وقف إطلاق النار بعد التمهيد له بذرائع مختلفة من بينها افتعال مجازر وإلصاق التهمة بوحدات الجيش السوري وتجييش الرأي العام عبر الإعلام، وكانت حملات التجييش تؤدّي إلى ضغوط على الدولة السورية تشارك فيها أحياناً دول حليفة لسورية تحرجها مثل هذه الحملات، وتنجح المعارضة ومن يقف وراءها ويدعمها بوقف تقدم الجيش والحصول على المزيد من الوقت لالتقاط الأنفاس، والحصول على المزيد من المعدات العسكرية، وجلب المزيد من المسلحين الأجانب، إلى أن وصل الوضع إلى ما وصل إليه في جنيف عام 2015 حيث أصبحت الجماعات المسلحة، بعد استقدام تنظيمات القاعدة من القوة ما يجعل لها القدرة على الحسم في مواجهتها مسألة معقدة تتطلب تضحيات كثيرة ووقتاً أطول، إضافة إلى تأثير كلّ ذلك على معنويات المواطنين ووحدات الجيش السوري، حيث ساعد كلّ ذلك على تنظيم أعمال فرار وانشقاق من أعداد محدودة من وحدات منتشرة في كلّ أنحاء سورية، ولكن عمليات الفرار والانشقاق على ضآلتها أربكت الجيش وأثرت عليه لأنّ الخيانة والطعن في الظهر من أخطر الأساليب المعتمدة في الحرب على سورية.
اليوم يسعى وفد معارضة الرياض إلى إعادة إنتاج التجربة ذاتها من جديد. ففي ضوء الانتصارات التي حققها ويحققها الجيش، ولا سيما على جبهات أرياف حلب وريف اللاذقية، وفي محافظة درعا وريف دمشق، يسعى المعارضون إلى استغلال انعقاد «جنيف 3» للمطالبة بوقف العمليات العسكرية، أيّ وقف تقدّم الجيش لكي لا تتاح لهم الفرصة من جديد لإعادة تجميع صفوفهم، وجلب المزيد من الإرهابيين الذين يأتون إلى سورية من أكثر من مئة دولة في محاولة أخرى لاستعادة زمام المبادرة واستعادة المناطق التي خسروها في المواجهات السابقة.