جمعة: للدخول إلى الوطن من باب الحرية وليس الطائفية مهنّا: لتطبيق إصلاحات الطائف وحماية المقاومة وخيارها
أحيت حركة «أمل» ـ إقليم بيروت، ذكرى انتفاضة 6 شباط باحتفال أقيم على مسرح «الأمل» في ثانوية الشهيد حسن قصير طريق المطار، حضره وزير المال علي حسن خليل، نائب رئيس حركة أمل مدير عام المغتربين هيثم جمعة، رئيس المكتب السياسي للحركة جميل حايك، وفد من الحزب السوري القومي الاجتماعي برئاسة نائب الرئيس توفيق مهنا، القائم بأعمال السفارة الإيرانية محمد صادق فضلي ممثلاً السفير الإيراني محمد فتحعلي، ممثلو الأحزاب والقوى الوطنية، ممثلو قادة الأجهزة الأمنية، وفاعليات بلدية واختيارية ونقابية وتربوية، وأعضاء من المكتب السياسي لـ«أمل» والهيئة التنفيذية وإقليم بيروت والمناطق.
بعد النشيد الوطني ونشيد «أمل»، كان عرض فيلم وثائقي يلخّص أحداث 6 شباط، ثم قدّم عضو قيادة إقليم بيروت زياد الزين الاحتفال، لافتاً إلى «أنّ 6 شباط ثورة ميّزت نفسها عن التصنيف التقليدي للثورات، لأنها لم تكن ردّ فعل بل الفعل نفسه».
مهنا
وألقى نائب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي كلمة باسم الحزب استهلها قائلاً: كنت واحداً من قيادة الحزب في بيروت خلال مرحلة الاجتياح «الإسرائيلي»، وحصار العاصمة واجتياحها وتحريرها في 29 أيلول 1982، وانسحاب جيش العدو وعملائه تحت ضربات المقاومة ذليلاً ومقهوراً، معلناً بمكبّرات الصوت بعد عملية «الويمبي» البطولية التي نفّذها الرفيق البطل خالد علوان: «لا تطلقوا النار إننا راحلون».
وكنتُ واحداً من قيادة ورفقاء صمدوا وقاوموا السلطة السياسية التي فرضها الاحتلال «الإسرائيلي» فرضاً، السلطة الكتائبية، حيث تعرّض المناضلون من كلّ القوى والتيارات للخطف والتصفية والاعتقال والملاحقة على مدى سنوات، حيث كان واحدنا يضطر إلى أن يغيّر أماكن سكنه أكثر من مرة، تجنّباً للخطف الذي طاول العشرات منّا… من مفقودين ما زال مصيرهم مجهولاً، ونستفقد بعضنا بعضاً مع كلّ صباح لنعرف من خُطف منّا ومن نجا.
أصدقكم القول، إنّنا رغم تحرير العاصمة بيروت وانتصار المقاومة على الاحتلال، لم نشعر بأمان، ولم نشعر بأننا أصبحنا قادرين على الحركة والنشاط والتنفّس من شدّة الظلم والضغط إلّا عندما انزاح كابوس السلطة الفئوية عن صدر الضاحية النوارة، ووضع الحدّ بالموقف الصامد لمحاولات تركيع الضاحية وإسقاط موقعها وما تمثّل من قاعدة ارتكاز في المقاومة بكافة أشكالها وتعبيراتها.
أضاف مهنا: السادس من شباط، محطة مضيئة في تغيير المعادلات على الأرض وإسقاط نهج الإغراق والهيمنة للسلطة السياسية الفئوية الجاهلة والمتواطئة، وإصرارها على استخدام الجيش في مهمّات فتنوية وجهوية ضدّ الشعب، وزجّه في أتون الصراعات السياسية الداخلية. إنها محطة مضيئة لتصحيح بوصلة النظام السياسي وإعادة رسم مهمّات للجيش خارج التوظيف والحسابات الطائفية والسلطوية الفاشية.
وقال مهنا: العبرة في 6 شباط، أنها شكّلت اختراقاً سياسياً ووطنياً لإعادة صياغة النظام السياسي وعقيدة الجيش في آنٍ معاً. ومن دون المقاومة وانطلاقاتها وانتصاراتها وتضحيات شعبنا، ومن دون محطة 6 شباط، هل كنّا وصلنا إلى وقف الحرب الأهلية وتكريس الخيارات والثوابت الوطنية والقومية التي نصّت عليها الوفاق الوطني في الطائف وباتت جزءاً من الدستور؟ وتأكّد في ضوء ذلك أنّ عقيدة الجيش الوحيدة هي العقيدة الوطنية المواجهة للعدو الصهيوني وحماية الوطن والدولة ووحدة الشعب والأرض، كمهمّات محدّدة لا حياد عنها.
نعم، لم يكن اتفاق الطائف، وليس هو بطبيعة الحال بحجم طموحاتنا، لم يكن إلّا ضرورة سياسية ووطنية لوقف الحرب ليس أكثر. لم تُبن الدولة التي نرغب، توزّعت السلطة بطريقة جديدة راعت توازنات فرضتها الحرب ونتائجها، وميزان القوى الذي فرض نفسه…
لكنّ الطائف لم تشذّ إبرته عن الطينة الطائفية، وعجينته كانت من معجن نظام 1943 الطائفي. انتقلنا مع الطائف من نظام الطائفة الحاكمة إلى نظام الطوائف الحاكمة. واليوم، ها نحن وبكلّ أسف، بدل أن نرتقي باتجاه نظام الدولة المدنية اللاطائفية، ننحدر إلى حضيض الانقسامات المذهبية التي يزداد اشتعالها وعنف جمرها الملتهب الذي تغذّيه القوى الاستعمارية والحلف المعادي، للنيل من انتصاراتنا وخنق مقاومتنا التي تتعرّض للفتنة والحصار والعقوبات بكلّ مستوياتها السياسية والإرهابية، فضلاً عن افتعال الضغوط المالية بذرائع شتّى.
وشدّد مهنا على أنّ المناسبة هي لإعادة التأكيد أنّ التمسّك بالطائف، يجب أن يُترجم بإصدار قانون انتخاب وطني لا طائفي، ونحن في الحزب السوري القومي الاجتماعي ندعو إلى أن يعتمد النسبية ولبنان دائرة واحدة، معبَراً وحيداً إلى دولة جديدة ونظام سياسي حديث.
ويجب أن يُترجم بوضع نص الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية مادة أولى في جدول أعمال الحكومة ومجلس النوّاب، لأنّ الغرق في مهاوي الفرز الطائفي والخندقة المذهبية سيودي بنا، وبكلّ آمالنا في تحقيق المستقبل الآمن.
واعتبر مهنا أنّ التمسّك بالطائف يجب أن يتجسّد في حماية المقاومة وقوّتها وخيارها، وفي العلاقات الطبيعية والمتينة والمميّزة مع سورية، والعداء للعدو «الإسرائيلي»، وتعزيز عقيدة الجيش وسلاحه، وبناء قدراته لمقاتلة العدو الصهيوني وقوى الإرهاب والتطرّف التي يحدق خطرها بنا، وتتربّص وتنتهز الفرص لمدّ مشروعها الإرهابي ونوازعها لقيام دولة خلافة مزعومة أو إمارات مذهبية ظلامية تقوّض الدولة والمجتمع، وتخرق نسيج الحياة خدمةً للمشاريع المعادية لأمتنا.
وأردف مهنا: الدولة بلا رأس، والمؤسسات الأساسية معطلة، ولذلك، ندعو إلى إنجاز استحقاق انتخاب رئيس جديد للبلاد، لأنّ الفراغ قاتل إنْ لم نُسرع إلى ملئه تدخل البلاد في نفق أشدّ ظلمة، وإذا كانت الأوضاع قد خطت مؤخراً خطوة إلى الأمام بإعادة تفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي بالحدّ الأدنى، فإنّ المطلوب يبقى أكثر… رغم قناعتنا بأنّ أزمة البلاد هي أزمة نظام سياسي، لا أزمة رئاسات فقط، وترميم أعمال المؤسسات القائمة، ما يستدعي إعادة الاعتبار إلى النقاش الصريح حول بناء الدولة على أنماط جديدة في الفكر والنهج والأداء.
السادس من شباط محطة أعادت وصل بيروت ودمشق عبر الجبل والبقاع، وهي حلقة من حلقات كسر اتفاق الذلّ والعار في السابع عشر من أيار.
صحيح أنّها محطة من ذاكرة الحرب الأهلية، ولكنّ الصحيح أن نأخذ العِبَر منها لنؤكّد وحدة الدولة والمؤسسات والشعب، وأن نسدّ كلّ الأبواب أمام تسرّبات الفتن التي تكاد تجعل من الدولة والمجتمع أشلاء محطمة، ومن الدولة هيكلاً فارغاً، تنخره النعرات والصفقات والمحسوبيات.
وإذ حيا مهنا الرئيس نبيه برّي، والإخوة في حركة أمل وكلّ مقاوم ومساهم في التحرير، قال: تحمّلنا معاً ضريبة الدم، وسيبقى عنوان نضالنا مقاومة عدو واحد بوجهين: العدو الصهيوني والإرهاب. وسنبقى نقاتل على مدى أرضنا القومية بكلّ ما أوتينا من قوّة.
ألم يقل الإمام الصدر: «إسرائيل شرّ مطلق».
ألم يقل سعاده: «… وليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا وحقنا وأرضنا إلّا اليهود».
كما حيا مهنا أبناء شعبنا في فلسطين والشام والعراق، الذين يقفون متصدّين لقوى الإرهاب والعدو، إلى أن تنتصر إرادتهم وهي إرادة الأمة.. كلّ الأمة.
جمعة
ثم ألقى جمعة كلمة حركة «أمل»، فتناول أهمية ثورة السادس من شباط التي كانت ثورة كلّ اللبنايين وكانت بمثابة عاصفة من الحرية على يد ثوار ميامين، وانشق ذلك الصبح عن رسالة حق وقرار جريء لقيادة الانتفاضة ممثلة بالرئيس نبيه بري، وهو إسقاط العصر الإسرائيلي واتفاق 17 أيار، وكلّ أنواع الهيمنة، فكان الانتصار وعاد لبنان عربي الملامح مرفوع الرأس، وعاد وجه العروبة مزهوّاً، وعاد الجنوب شعلة للحق والمقاومة، فانتفاضة 6 شباط محطة مضيئة في تاريخ لبنان.
وتابع: انتفاضة 6 شباط لم تعط حقها في التحليل ولا في التاريخ، وكأنها نقطة عابرة أو لفريق من اللبنانيين، بل على العكس إنها لبنانية بامتياز، فلولا هذه الانتفاضة كان 17 أيار، فهي مثلت فعلاً وطنياً وصناعة لبنانية التقت فيها الإرادات الوطنية بحيث تمكنا جميعاً من بناء قواعد ارتكاز المقاومة، وممارسة فعل التحرير حيث وجد العدو، ومن جهة ثانية أمّنت الانتفاضة أسباب النجاح للخروج من الحرب الأهلية، وأمّنت رفضاً للهيمنة والاستئثار والتطلع نحو مشروع وطني قائم على فكرة المساواة والعدالة الاجتماعية واحترام المواطن وحقوقه، وأسّست لتوقيع اتفاق الطائف ومهّدت الطريق لعودة الدولة ومؤسساتها وأدوارها الطبيعية، وهذه الانتفاضة كانت الصدى لأولئك الشهداء الذين قدّموا دماءهم فداء للبنان، فهؤلاء ما زالت بطولاتهم تنير لنا الدرب ومتابعة الطريق.
واعتبر جمعة أنّ ضغوطات اليوم لا تقلّ عن الضغوطات في الماضي، فالمنطقة العربية والتحدّي التكفيري الذي ليس له مثيل، والسياسات المشبوهة لتفكيك المنطقة العربية، بالإضافة إلى السياسات «الإسرائيلية» والعدوان المستمرّ من أجل شق القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين مرة أخرى إلى شتات آخر، ومن أجل القول أيها العرب ليس لديكم قضية، قضيتكم في ما بينكم سنة وشيعة وغيره، إزاء هذا الواقع من حالات الإضطراب والفوضى المهيمنة على منطقتنا اليوم، نخاف أن تنعكس هذه النار على لبنان، والمطلوب منا جميعا أن نؤكد وحدتنا الوطنية، التي هي درعنا الواقي ونعود للاحتماء بالمؤسسات وبالقانون، وننتج حياتنا السياسية من خلال انتخابات رئاسية وتفعيل عمل المؤسسات التنفيذية والتشريعية والإدارية.
وأكد مسؤولية الدولة في قيادة المجتمع، والابتعاد عن لغة التصادم والعصبيات القاتلة والسجالات البشعة والدعوات المشبوهة التي توحي للمواطنين بأنّ الدولة أصبحت لفئة دون أخرى، وأن هناك غبناً يلحق بفئة دون غيرها، وهذا غير صحيح وهذا أسلوب رفضه اللبنانيون جميعاً لأنه يسيء إلى لبنان والعيش المشترك، ويحمل في طياته بعض العنصرية البغضاء.
ودعا إلى العودة إلى الحوار المخلص البناء والديمقراطي التي تديره الدولة ومؤسساتها، فلا يجوز في هذه الظروف الصعبة تحويل البلد إلى مكان للخوف والقلق على المصير والمستقبل.
ولفت جمعة إلى أنه رغم ما نعانيه اليوم، وبالمقارنة مع تلك الأيام في 6 شباط، فإننا نملك من نقاط القوة الشيء الكثير الذي يصنع حياة الدولة والمجتمع، وندعو الجميع خصوصاً الذين يحاولون أن ينصّبوا اليوم أنفسهم مدافعين عن هذا وذاك، أو عن تلك الطائفة، فيجب أن يعودوا الى ضمائرهم فالوقت ليس للمناورات أو لتسجيل النقاط علماً أنّ أغلبهم في موقع المسؤولية، وفي موقع الاتهام أيضاً.
كما دعا للدخول إلى الوطن من باب الحرية والديمقراطية وليس من الطائفية، إذ إنّ الطوائف نعمة وليست نقمة، لكن الطائفية السياسية شكلت منذ الاستقلال عنصر ضعف للدولة وعنصر تحكم بالدولة ومواردها وعلاقاتها، وجعلت من الطوائف متاريس لحماية المصالح، فالطائفية لن تحفظ الطائفة بل الديمقراطية هي التي تحفظ الجميع، فيجب العمل على السير باتجاه إلغاء الطائفية السياسية، وجعل الدولة فوق الطوائف وترسيخ الديمقراطية الحقيقية لأنها البديل للطائفية، وهي الحصانة للطوائف وللمواطنين، وطريق لبنان نحو الاستقرار والازدهار والتقدّم، مشدّداً على أهمية الالتقاء والتحاور من أجل فتح الآفاق وتوسيع الخيارات أمام كلّ المواطنين، ليأمنوا في مستقبلهم وعيشهم، إذ إنّ مشاكل الفقر والديون أشدّ إيلاماً من الطائفية، ويجب الاعتراف بأننا أمام أزمة اقتصادية واجتماعية تهدّد المجتمع، كما أننا نتعرّض لسياسات ظالمة ولضغوطات مالية ضاغطة على لبنان المقيم وعلى لبنان المغترب من أجل إفقار هذا الوطن وإفقار أبنائه الطيبين.
ودعا جمعة إلى الوقوف وراء الجيش في الدفاع عن الوطن ضدّ العدو «الإسرائيلي» وقوى التكفير والإرهاب، هذا الجيش الذي يمثل وحدة لبنان ومناعته وقوته إلى جانب المقاومة، ويشكل الحصن الحصين للبنان وشعبه ولوحدته الوطنية.
ووجه جمعة التحية إلى فلسطين وشعبها وأبطال الانتفاضة الشعبية الذين يقاومون العدو بأجسادهم وأرواحهم، فلا يستكينون ولا يتراجعون ويؤمنون بأنّ النصر لهم.
احتفالات في المناطق
إلى ذلك، احتفلت حركة أمل في مختلف المناطق اللبنانية بذكرى انتفاضة السادس من شباط وألقيت كلمات أكدت أنّ الانتفاضة كانت «محطة مفصلية من تاريخ لبنان الحديث، أسهمت مباشرة في إسقاط العصر الإسرائيلي، وأعادت لبنان إلى دوره المحوري الطبيعي العروبي في إطار الصراع العربي ـ الإسرائيلي».
فقد أقامت حركة «أمل» إقليم بيروت، ندوة تحت عنوان «السادس من شباط كرامة وطن» وذلك في مكتب الشهيد بلال فحص في بيروت، في حضور شخصيات وفاعليات ولجنة وأعضاء الشعب في المنطقة الرابعة في إقليم بيروت.
وأقامت مؤسسات أمل التربوية ـ ثانوية الشهيد مصطفى شمران في بلدة البيسارية في قضاء الزهراني، ندوة سياسية، بمناسبة انتفاضة 6 شباط، تحدث فيها رئيس الهيئة التنفيذية في حركة «أمل» محمد نصرالله.
وفي البقاع، أحيت الحركة ذكرى الانتفاضة باحتفال أقامته في حسينية بلدة بيت شاما، في حضور مسؤول الحركة في البقاع مصطفى الفوعاني وأعضاء من قيادة الإقليم وفاعليات.
ونظم نادي الشقيف في النبطية لقاء سياسياً مع عضو المكتب السياسي لحركة أمل النائب هاني قبيسي في مقر النادي بعنوان « لبنان ما قبل انتفاضة 6 شباط 1984 وما بعدها»، في مقر النادي، في حضور النائبين ياسين جابر وعبداللطيف الزين، ممثل النائب علي عسيران الدكتور علي العزي، قائد سرية درك النبطية العقيد توفيق نصرالله، المسؤول التنظيمي المركزي للحركة حسين طنانا وفاعليات.
كما نظمت شعبة ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية في مكتب الشباب والرياضة في حركة «أمل» في إقليم الجنوب ندوة سياسية مع عضو هيئة الرئاسة في الحركة رئيس مجلس الجنوب الدكتور قبلان قبلان في قاعة الثانوية بعنوان «انتفاضة 6 شباط 1984 ـ لغة الرصاص».