حكومة نتنياهو… حماس… غزة: أين المقاومة وفلسطين؟
عامر نعيم الياس
الحرب بين حماس وحكومة نتنياهو، بين الكيان المحتلّ وقطاع غزة، العنوان الرئيسي لمجلة «ليبيراسيون» الفرنسية على موقعها الإلكتروني «غزة: إسرائيل تقبل وقف إطلاق النار، وحماس ترفض» فالحكومة الصهيونية المصغّرة برئاسة بنيامين نتنياهو قبلت اقتراح الهدنة الذي اقترحته مصر، بينما استبعدته حماس، وذلك بعد أسبوع «من الهجوم «الإسرائيلي» العنيف على قطاع غزة الذي تجاوز في عنفه ذلك الذي جرى عام 2012».
الاقتراح المصري جاء قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة ويتضمّن: «وقفاً فورياً للاعتداءات الجوية والبحرية والبرية الإسرائيلية» وفتح باب التفاوض بين الأطراف المعنية، وقد رحبت واشنطن على الفور باقتراح القاهرة، فهل نضجت حماس؟
هل ما يجري في غزة ناتج من أزمة بين الغزاويين وحكومة نتنياهو؟ أم أنه جاء على خلفية حادثة اختطاف وقعت في الضفة الغربية؟ لماذا هذا التركيز الإعلامي على غزة وحماس في الإعلامين الغربي والعربي، هل يندرج في إطار التوصيف أم يهدف إلى فرض الاحتواء تمهيداً لسيناريو فتح؟ أين دور الفصائل الأخرى للمقاومة في هذا التصدي البطولي للعدوان الهمجي؟
إن التعاطي الإعلامي الخليجي عموماً، لغياب العربي للأسف عن صورة ما هو عربي، والغربي خصوصاً مع العدوان «الإسرائيلي» على الفلسطينيين، وإن اختلف في إبراز حجم المجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق سكان قطاع غزة، وهنا الأرجحية والموضوعية تميل لمصلحة الإعلام الغربي، هذا التعاطي اجتمع على ثابتٍ أساس لمعادلة هذه الحرب إعلامياً ونخبوياً وسياسياً وهي: لا فلسطين فالمستهدف قطاع غزة، ولا مقاومة إلا حماس، وهو ما يشكل أساس التصعيد «الإسرائيلي»، إن حدث، وأساس الهدنة التي طرحتها مصر قبيل اجتماع جامعة العرب التي أتت لحفظ ماء وجهها، وحتى ماء وجه القيادة المصرية الجديدة التي تميل إلى تبني الدبلوماسية الصامتة في التعاطي مع ما يجري في غزة من دون الاضطرار إلى إعطاء حماس نقاطاً سياسية مجانية في ملف إعادة الود الذي انقطع مع مصر السيسي.
منذ تشكيل الحكومة الوفاقية الفلسطينية قبل أقلّ من شهرين، كان الموقف الأوروبي والأميركي منها معيارياً، بمعنى أنّ هذه الحكومة تحت التجربة ويراهن على قدرتها في إجراء تحوّل في نهج حماس السياسي، وبالفعل الواضح أنّ الحراك القائم في إدارة أزمة الحرب الحالية من جانب الإدارة الأميركية وأدواتها في المنطقة، يقوم على أساس إنضاج وقفٍ إطلاق النار بدعم إقليمي وضغطٍ أميركي يجنّب حكومة نتنياهو أكبر خسائر ممكنة، ولا يمنح حركة حماس، التي تصرّ على اتفاق تهدئة جديد يراعي التغيّرات التي حدثت في المنطقة، نصراً واضحاً يفك الطوق عن الحركة التي باتت محاصرة سياسياً بعد ارتمائها في أحضان التنظيم العالمي للإخوان المسلمين ضاربةً بعرض الحائط علاقاتها الإقليمية مع الدولتين السورية والمصرية. لكن هل يقف الأمر عند هذا الحدّ؟ وهل تملك حماس أدواتٍ للضغط؟
الواضح من خطاب خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة من الدوحة، أنه يريد الوصول إلى تهدئة، وفي موازاة ترحيب واشنطن وتل أبيب بالمبادرة المصرية وسط استمرار القصف «الإسرائيلي» الوحشي، وفي ضوء المواقف الأخيرة للسلطة الفلسطينية، فإنّ تكتيك تحويل مسار العدوان على فلسطين يصبّ في إطار استمالة حماس تحت غطاء الحرب وإلغاء دور الفصائل الأخرى في القطاع، وتعزيز مشروع الفصل القائم بين الضفة والقطاع، والذي تتحمل الجماهير الفلسطينية جزءاً منه في ضوء هذا الصمت الشعبي المريب في الضفة إزاء ما يحصل في غزة، وكأنّ الغرب نجح في تصوير القطاع بمن فيه كمجموعة من الخارجين على الإجماع الدولي.
في الختام دائماً، لا بدّ من متطوّع لإنقاذ الكيان الصهيوني، ومتطوّع لترسيخ الوضع الراهن الذي تريده واشنطن، هنا يأتي العربي سواء كان ابن بلد أو شقيقاً، لا فرق بينهما، فالحرب ليست على فلسطين بل على غزة، وحماس تحت المجهر، لا بدّ من التركيز عليها، هي فتح التسعينات واتفاق أوسلو واختزال منظمة التحرير. كعادتنا نؤخذ فرادى، واليوم دور الحركة الإسلامية الإخوانية التي دخلت السياسة والحكم والانتهازية من أوسع الأبواب.
كاتب سوري