الأسد السوري رئيساً لولاية جديدة مدتها 7 سنوات
أدى الرئيس السوري بشار الأسد القسم الدستوري لولاية رئاسية جديدة مدتها 7 سنوات، وذلك في قصر الشعب في العاصمة دمشق، أمام رئيس وأعضاء مجلس الشعب، وحضور رسمي وشعبي كبير، حيث ألقى الأسد بعد أدائه اليمين الدستورية خطاباً، تناول فيه ملامح المرحلة المقبلة في ولايته الرئاسية، في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وبرز في خطاب الرئيس الأسد عدد من النقاط المفصلية الرئيسة، تمثلت بالتأكيد على مواصلة تطهير البلاد من الارهابيين والتأكيد على دور المصالحات الوطنية وفعاليتها لضمان عودة الأمن الى سورية، وتضميد الجراح النازفة بين أبناء الوطن الواحد، وتفعيل دور مكافحة الفساد في الدولة والمجتمع، إضافة لإعادة الإعمار وترسيخ مفهوم الاندماج الكامل بين السوريين والتجانس بين أبناء سورية بمختلف طوائفهم و مذاهبهم، ليكون البديل عن العيش المشترك.
وتطرق الأسد الى دور الأخلاق في المجتمع على اعتبار أن لها الدور الأكبر الذي بنت عليه الأزمة أسس صمودها، وقال: «إذا كان هناك اليوم شبه إجماع بين السوريين أن السبب الأساسي لانغماس البعض في تدمير الوطن هو الجهل، فإن الأساس الأخطر الذي بنيت عليه الأزمة هو انعدام الأخلاق، فانعدام الأخلاق هو الذي يؤدي إلى تشويه الشرائع، واحتقار الشرف، وبيع الأوطان، وبالنتيجة فناء الأمم، وهو العائق الأكبر لتطور المجتمعات، فالتطوير لا يعتمد فقط على الأنظمة والقوانين على أهميتها، لكن الأهم أن التطوير ثقافة مبنية على الأخلاق، أي لا تطوير بلا أخلاق، هما صنوان متلازمان، قد تؤدي الأخلاق الحميدة والرفيعة لحسن تطبيق القوانين، ويمكن للقوانين الجيدة أن تنمي الأخلاق، لكن لا يمكن لها أن تزرع بذورها إن لم تكن قد زرعت مسبقاً في الأسرة والمجتمع».
وأكد الرئيس السوري على أهمية الحوار الوطني الذي أطلقته الدولة مع مختلف القوى السياسية و الحزبية والفعاليات الاجتماعية، مشيراً أن هذا الحوار لايرتبط بالمرحلة الراهنة بل يسعى لرسم معالم مستقبل الوطن وشكل الدولة في كل المجالات من دون استثناء، ويناقش كل ما يرتبط بالأزمة أو لا يرتبط بها، وما سبقها أو ما نتج عنها.
وقال الرئيس الأسد في خطابه: «بعد 3 سنوات و4 أشهر أراد الشعب ونفذ.. وتحدى كل أشكال الهيمنة والعدوان بحمل السلاح، أو بقول كلمة الحق».. معتبراً أن «المشاركة الكبيرة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت في الثالث من حزيران، كانت استفتاء في وجه الإرهاب وأسقطت مشاريع الدول الكبرى والقيادات المنقادة».
وانتقد الأسد الشعارات التي طرحت في بداية الأزمة السورية، متوجهاً للسوريين بالقول: «فشلوا بإقناعكم أنهم الحريصون على مصالح الشعب وحقوقه، وفشلوا بإشعاركم أنكم بحاجة لأوصياء عليكم لإدارة أموركم وشؤون بلادكم، وفشلوا أخيراً ونهائياً بأن يغسلوا أدمغتكم أو أن يكسروا إرادتكم»، معتبراً أن «السوريين أفشلوا مخططات الخارج والعملاء».
واعتبر الأسد أن «الحرب التي تخاض ضد الشعب السوري هي حرب قذرة، وأن انتصار الشعب السوري على هذه الحرب لم يكن ليتحقق لولا الجراح التي قدمها، مؤكداً أن المستقبل ملك للشعب ولا غيره، وأن سورية ما زالت قادرة على الصمود والبناء.
وأكد الرئيس الأسد على «انتهاج مبدأ المصالحات المحلية التي تقطع الطريق على المخططات الخارجية»، معتبراً أن «من عاد إلى الطريق الصحيح سامحته الدولة فعاد وقاتل إلى جانب الجيش»، وشدد على عدم الحوار مع من أسماهم «القوى العميلة» على أساس أنها سورية، بل كممثلة للدول التي تتبع لها، وفي هذا السياق شن هجوماً على جماعة الإخوان المسلمين مطلقاً عليهم اسم «الشياطين». وشدد الأسد على محاربة الإرهاب بالقول «لن نتوقف عن محاربة الإرهاب وضربه أينما كان حتى نعيد الأمان إلى كل بقعة في سورية».
واعتبر الأسد أن «هناك مخططاً كبيراً في المنطقة لن يقف عند حدود سورية، وأن الدول العربية والإقليمية والغربية التي دعمت الإرهاب ستدفع هي الأخرى ثمناً غالياً، منتقداً بعض الدول الإقليمية التي لها دور فاعل في الأزمة السورية»، قائلاً «نحن لا نحب العنتريات ولا البندريات التي تعني الانبطاح والعمالة».
وانتقد الرئيس الأسد موقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من سورية، حيث قال: «إن أردوغان لا يجرؤ على تمني الصلاة في المسجد الأقصى كما فعل في تمنيه الصلاة في المسجد الأموي»، و ربط ما يجري من عدوان «إسرائيلي» على قطاع غزة بما يحدث في سورية قائلاً :«ما يجري اليوم في غزة ليس حدثاً منفصلاً أو آنياً، فمنذ احتلال فلسطين وصولاً إلى غزو العراق وتقسيم السودان.. هو سلسلة متكاملة، مخططها «إسرائيل» والغرب لكن منفذها كان دائماً دول القمع والاستبداد والتخلف».
وشدد على أن «القضية الفلسطينية ستبقى القضية المركزية استناداً للمبادئ واستناداً للواقع وما يفرضه من ترابط بين ما يحصل في سورية وفلسطين».. وهذا يتطلب منا أن نميّز تماماً بين الشعب الفلسطيني المقاوم الذي علينا الوقوف إلى جانبه، وبين بعض ناكري الجميل منه.. بين المقاومين الحقيقيين الذي علينا دعمهم، والهواة الذين يلبسون قناع المقاومة حسب مصالحهم لتحسين صورتهم أو تثبيت سلطتهم».
وأكد الأسد في خطابه على «تخليص مدينة الرقة من الإرهاب، وأنه لن يهدأ للسوريين بال حتى تعود حلب آمنة مطمئنة، كما توجه بالشكر إلى الأوفياء من أبناء المقاومة اللبنانية الأبطال الذين خاضوا المعارك المشرفة الى جانب الجيش السوري، وأيضاً إلى إيران وروسيا والصين في احترام قرار الشعب السوري، وموجهاً التحية الأكبر للشعب السوري الذي كان احتضانه لأبنائه العسكريين، حاضنة لإنجازاتهم وأساساً لانتصاراتهم، قائلاً «معكم ستبقى سورية شامخة عصية على الغرباء».
وقال الرئيس الأسد: «إن الفساد يشكل التحدي الأكبر لأي مجتمع أو دولة، وأن مكافحته تأتي عبر الحساب والإصلاح الإداري وتطوير مناهج التعليم والمؤسسات الدينية التعليمية»، معتبراً أن «مكافحة الفساد هي أولويتنا في المرحلة القادمة في مؤسسات الدولة والمجتمع ككل».
و أضاف: «إن الضرر الأكبر الذي أصاب الاقتصاد هو في تدمير البنى المادية الحيوية لنمو الاقتصاد واستمراره».. مؤكداً أن «إعادة الإعمار هي عنوان اقتصاد المرحلة المقبلة، وأن ورش إعادة الإعمار ستبدأ على الأرض مطلع العام المقبل أو نهاية العام الجاري».