العلاقة التركية ـ الأميركية.. توتر ناتج عن الأولويات لدى الدولتين

ناديا شحادة

وضعت الأزمة السورية العلاقات الأميركية – التركية تحت ضغط هائل، وهو توتر ناتج عن الأولويات المختلفة لدى الدولتين. ففي حين تردد أنقرة اردوغان المطالبة بإسقاط الحكومة السورية، حددت واشنطن أهدافها بمحاربة تنظيم داعش ومكافحة الإرهاب الذي استفحل في المنطقة نتيجة دعم أعداء سورية له، وبالذات تركيا التي مازالت مصرة على دعم داعش ومتمسكة بمواقفها المعادية للحكومة السورية..

فأردوغان الذي وصفته صحيفة الواشنطن بوست في 27 تشرين الثاني عام 2015 بأنه دكتاتوري، واتهمته بانتهاكه للحريات وأهمها حرية التعبير، وكرّر مراراً أنه سيذهب إلى سورية للصلاة في ساحات جامع بني أمية، تلك التصريحات التي أطلقها وهو واثق من سقوط الحكومة السورية وإعادة الهيمنة العثمانية التي طالما حلم بها، وتزامنت تصريحاته التوسعية بالهجوم على حزب العمال الكردستاني المعارض ووصفه بالإرهابي إلى جانب مطالبته مجلس الأمن الدولي بإقامة مناطق عازلة داخل الحدود السورية تحت ذريعة إيواء النازحين قائلاً إن تركيا لا يمكنها أن تسمح لنفسها بعدم الاكتراث بالنزاع الذي يمزق جارتها على حد تعبيره، اتهم مؤخراً الولايات المتحدة الأميركية في 10 شباط من العام الحالي بأنها أدخلت المنطقة في بحر من الدم.

فالمتتبع لتصريحات أردوغان والمحيطين به يخرج بانطباع واحد مفاده حجم الإرباك الذي يعانيه نتيجة سقوط حلمه في عودة الإمبراطورية العثمانية، ويدرك كثرة الانتقادات شديدة اللهجة التي وجّهها أردوغان للولايات المتحدة الأميركية والتي كان آخرها التصريحات التي أطلقها نتيجة دعم الحكومة الأميركية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، لتتولّد أزمة جديدة في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية في ظل تصاعد الغضب التركي من تأكيد واشنطن على عدم اعتباره حزب الاتحاد الديمقراطي الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، حيث أكدت واشنطن في 9 شباط أنها لن تغير موقفها من عدم اعتبار حزب الاتحاد الديمقراطي إرهابياً، الأمر الذي جعل اردوغان يشن هجوماً غير مسبوق على الإدارة الأميركية والرئيس باراك اوباما، حيث شدد بنبرة حادة على ضرورة أن تختار الولايات المتحدة وتحدّد موقفها ما إن كانت حليفة وداعمة لتركيا أم حليفة للتنظيمات الإرهابية في إشارة لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي تعتبره أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني التركي الذي تصنفه تركيا وأميركا والاتحاد الأوروبي على لائحة المنظمات الإرهابية، حيث تساءل أردوغان: هل انتم إلى جانبنا أم إلى جانب منظمة الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني الإرهابية؟

يؤكد الخبراء الاستراتيجيون على أن الإدارة الأميركية التي أعلن وزير خارجيتها جون كيري أن بلاده لن تذهب إلى حرب مع روسيا من اجل المعارضة السورية، وصفها الخبراء بأنها رسالة إلى الرياض وأنقرة وليست للمعارضة السورية فحسب، وخذلت تركيا أردوغان وتفاوضت مع أعدائه الأكراد من خلف ظهره في عين العرب كوباني وطعنت السعودية في الظهر عندما تفاوضت مع إيران ووقعت معها اتفاقاً نووياً أدى إلى رفع الحصار عنها وعودتها إلى المجتمع الدولي كحليف وثيق، لن تعير اهتماماً لتصريحات أردوغان الأخيرة، فواشنطن بعثت برسالة له مفادها عليك الاستيقاظ من حلمك ولست أنت من يقرّر شروط اللعبة في سورية وفي المنطقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى