أردوغان والفوضى الدموية

نظام مارديني

تسير حكومة أوغلو نحو مزيد من انكشاف خداعها للشعب التركي، رغم محاولاتها الإعلامية الحثيثة بالإعلان عن حربها على «الإرهاب»، في محاولة كسب مزيد من التأييد الشعبي يسمح بديمومة حزب «العدالة والتنمية» في الفترة المقبلة وهو الذي يمشي على عكازين من الزجاج، بعد تعثره السياسي، وما يمكن تفسيره بالدخول في حلقة جديدة من الإجرام ضد الأكراد بحجة دعمهم حزب العمال الكردستاني.

يبدو أن أردوغان وحكومته اختارا «استراتيجية الفوضى الدموية» بعد خسارتهما في الميدان السوري وعودة الإرهابيين إلى تركيا مع ما تشكله هذه العودة من إرباك أمني لحكومة أوغلو سيؤدي في النهاية إلى انفجار كبير في الداخل التركي، بل وسيتم استخدامهم ضد المناطق ذات الأغلبية الكردية، وما التمرين العسكري الذي يقوم به الجيش التركي ضد المدنيين الأكراد إلا خطوة أولى في هذا الاتجاه. وقد حذر السفير التركي السابق لدى العراق وبريطانيا أونال تشيفيكوز، أنقرة من أن سياسة أنقرة أوصلت بلاده لـ«مأزق مميت»، مبيناً أن «السياسة التي انتهجتها بلادنا تجاه سورية أوصلت البلاد إلى وضع صعب»، ومؤكداً أن «واشنطن أو الأطلسي لا تعتزم الدخول في نزاع مع روسيا دفاعاً عن تركيا».

تدرك أنقرة أن حلب باتت خارج حسابات ما يُسمّى بـ«التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن في معركة تحرير الموصل من الدواعش، ولأن حلب غير الموصل جاءت قوة خاصة من الجيش التركي إلى معسكر النجيفي والإنزالات الأميركية المتعاقبة تشير إلى أن قوات «تركية – أميركية» ستقتحم مدينة الموصل بترحيب «أطراف داخلية» طالما أيدت تدخلاً كهذا لإنشاء كيان سني يقطع خطوط التواصل البري بين دمشق وطهران.

لا بد أن يستعيد أردوغان جيداً، ما قاله الزعيم السوفياتي بريجينيف ذات مرة لرئيس الوزراء التركي سليمان دميرال، «إذا كنتم تعتقدون أن القواعد الأميركية في تركيا تشكل خطراً علينا، فهي أقل من ذلك بكثير، ولكن إذا كانت هذه القواعد ضدّ سورية والشرق الأوسط فهي أكثر من ذلك بكثير». ويبدو أن التاريخ يكرر نفسه بعد 60 عاماً من سياسات رئيس الوزراء الأسبق عدنان مندريس، الحليف الأول لأميركا في تركيا، وهو الأب الروحي سياسياً لجميع الحكام اليمينيين في تركيا من الإسلاميين والليبراليين، الحلفاء الدائمين للولايات المتحدة.

ولكن ماذا لو كان أردوغان يلعب في الوقت الضائع بأفكار السذج فيحولهم مفخخات بشرية مؤقتة تشوّه الإسلام المحمدي وتلوّثه من جهة، وتربك «الجسد الكردي» من جهة ثانية؟

لا شك في أن الفكر الوهابي الذي أسس قاموس التطرف المذهبي، هو نفسه الذي أنتج هذا الكم الهائل من الإجرام!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى