نادر: شهداؤنا شهادةٌ على مدى خطورة النظام الطائفي والمذهبي
لمناسبة الذكرى الثامنة والثلاثين لمجزرة عينطورة، أقامت منفذية المتن الشمالي في الحزب السوري القومي الاجتماعي احتفالاً خطابياً، حضره عميد الدفاع زياد معلوف، عميدة شؤون البيئة ميسون قربان، عضو المجلس الأعلى النائب السابق غسان الأشقر، مدير الدائرة الإذاعية كمال نادر، المندوب السياسي لجبل لبنان الشمالي نجيب خنيصر، عضو المكتب السياسي مسعد حجل، منفذ عام المتن الشمالي سمعان الخراط وأعضاء هيئة المنفذية، رئيسة مؤسسة رعاية أسر الشهداء وذوي الاحتياجات الخاصة نهلا رياشي، وعدد من أعضاء المجلس القومي ومسؤولي الوحدات الحزبية في المنطقة، وجمع من القوميين والمواطنين. كما حضر ممثل التيار الوطني الحر عبدو عازار وفاعليات.
قداس وعظة
بدايةً، أقيم قدّاس في كنيسة السيدة في البلدة، وألقى خلاله كاهن الرعية الأب يوسف الخوري عظة من وحي المناسبة جاء فيها: «تجتمعون رفاقاً في الحزب السوري القومي الاجتماعي مع مديرية عينطورة المتن، وفكر الزعيم مضيء لكم الظلمات التي تلتقي يقين الحقيقة وتعيش معها. يقول سعاده: «إنّ أساسنا القومي الاجتماعي يجب ان يكون في وحدتنا الروحية الكلّية قبل كلّ شيء، وهذه الوحدة الروحية يجب أن تشمل كلّ فكرة وكلّ نظرة في حياتنا، فرسالتنا البعث القومي الاجتماعي ليست متولدة من مجرّد كره للأجنبي، بل من رغبة حقيقية في صهر نظرياتنا وعقائدنا المتنافرة وسكبها في وحدة روحية لا تعود تتمكن المطامع الأجنبية من تفسيخها وإضعافها».
ويشرح الزعيم: «انّ القاعدة المناقبية السامية تأويلها الوحيد الصحيح الذي لا يقبل الجدل، هو أنّ المسيح قال بوجوب التساهل في الحقوق الفردية من أجل خير المجتمع».
وهنا تظهر أهمية الثقافة والتربية في تقويم الاعوجاج وفك قيود المقعدين وتوجيه قوى الحياة نحو الأفضل، ويركّز سعاده على أنّ كيان العائلة المعروف في سوريه هو أساس المجتمع، وهذا الأساس العائلي السوري هو الذي يعمّ المجتمع المتمدن.
واليوم دماء الشهداء تهمس لنا لكلّ واحد فينا، نعم دماء الشهداء تهمس عزة وكرامة، قوة وشجاعة، نبلاً ومثالية، غفراناً ومسامحة، مصالحة سماوية على مذبح صليب الشهادة في صمت مدوّ لتشع أنوار القيامة فتضيء كلّ الظلمات.
الحياة وقفة عزّ وقوّة سلام وحقيقة ومصالحة».
مسيرة إلى الضريح
وبعد القدّاس، توجّه الحشد إلى ضريح الشهداء في مسيرة تقدّمتها الأعلام الحزبية والأكاليل التي وُضعت على النصب التذكاري للمجزرة التي وقعت سنة 1976، بينها إكليل بِاسم رئيس الحزب النائب أسعد حردان.
بعد ذلك، بدأ الاحتفال الخطابي في قاعة كنيسة مار نوهرا، وافتُتح بنشيد الحزب والنشيد اللبناني، ثم ألقت عريفة الحفل خلود فارس كلمة قالت فيها: «إننا باقون على رغم إجرامكم في عينطورة، والنهضة باقية».
وألقى ميشال عازار كلمة المديرية، كما ألقت الزهرة روى عبدو الحاج كلمة الأشبال، وإليان بعقليني كلمة الطلبة. وألقى الشاعر سليم علاء الدين قصائد من وحي المناسبة.
عائلات الشهداء
وتكلم جورج مينا بِاسم عائلات الشهداء، وقال: «تعاقدنا على تحقيق نهضة أمتنا، وآمنّا بأنّ الدماء التي تجري في عروقنا هي وديعة للأمة نردّها حين تطلبها، وقد حقق شهداؤنا وعدهم وقَسَمهم هنا وعلى امتداد الوطن في كلّ ساحاته من لبنان وفلسطين إلى سورية والعراق».
وتوجّه مينا إلى مرتكبي المجزرة قائلاً: «إنكم قتلتم النور والأمل في هذا الجبل، لكنّنا اعتدناه وسنجابهه عبر أجيالنا الجديدة. إن الذين يأتوننا اليوم بفتاوى التكفير والهجرة والاغتصاب سينهزمون أمام صمود شعبنا وجيشنا في لبنان والشام وأمام قوى المقاومة التي حققت وستحقق المزيد من الانتصارات».
الوطني الحرّ
وألقى عبدو عازار كلمة بِاسم التيار الوطني الحر قال فيها إنّ عملية التغيير والإصلاح هي مسؤوليتنا جميعاً، ويجب تطوير نظامنا نحو المواطَنة ووضع المصلحة العامة فوق المصالح الشخصية. وأكّد ضرورة العمل لتجنيب لبنان أخطار الحروب.
مركز الحزب
وألقى نادر كلمة مركز الحزب، وجاء فيها: «إنّ أسلوب المجازر اجتاح بلادنا منذ مجيء عصابات الصهاينة الى فلسطين، بل قبل ذلك منذ أيام المماليك والعثمانيين، وفي العصر الحديث لجأت إليه الميليشيات الطائفية فوصمت تاريخ لبنان بالعار».
وأضاف: «إنّ شهداءنا في عينطورة وبرمانا ومشغرة وحلبا هم شهادة على أنّ النظام الطائفي هو خطر على الفكر وعلى العِلم وعلى التطوّر الديمقراطي والعلماني في هذا الكيان. وقد ثبت بعد مرور قرن كامل على إعلان لبنان الكبير، أنّ النظام الطائفي هو نقيض الدولة المدنية والمواطَنة الصحيحة، وهذا النظام شجع على التقوقع في مقاطعات الطوائف، ومنع أيّ قانون يساهم في تقدم المجتمع وإلغاء العنف من نفوس الأفراد والجماعات أو إزالة الحواجز التي تعيق وحدة المجتمع».
وأضاف: «إنّ ما يصيب العراق وسورية ولبنان وفلسطين هو نتاج مؤامرات الغرب والصهاينة. وما يجري يستدعي العمل على تحقيق النهضة القومية الاجتماعية بمبادئها ومفاهيمها لنبني على أساسها الإنسان والدولة وتأمين العدل والحرية والكرامة وإزالة أسباب الفساد والعنف والحروب الأهلية».
وتحدث نادر عن الوضع السياسي في لبنان، فقال إنه يمرّ من أزمة إلى أخرى، وهو مرتبط بسياسات خارجية وإقليمية، لكن ما يحفظ البلد من الانفجار الكبير هو فارق القوى الواقعية على الأرض من جهة.
وأبدى نادر تقدير الحزب العالي دور الجيش اللبناني والقوى الأمنية في مواجهة الإرهاب والبؤر المتفجّرة في البقاع الشمالي، ودعا إلى دعم الجيش اللبناني فعلياً بالسلاح والمال، ولكن ليس تحت الشروط الأميركية التي تمنع الجندي اللبناني من إطلاق النار على العدو الصهيوني.
وعن الوضع القومي العام قال نادر: «إنّ سورية تتقدم نحو الانتصار على الحرب الكونية وعلى الإرهاب والتطرّف المدعومين عربياً وتركيا و«إسرائيلياً» وغربياً، والمسألة مسألة وقت، وإن حزبنا يقوم بواجبه في كلّ المجالات، وقد أثبت وجوده بالأفعال والتضحيات، وإن عقيدته ومبادئه قد فرضت نفسها على أرض الواقع».
واتهم نادر دولاً عربية معروفة بتمويل الإرهاب ودعمه لقتل شعبنا في الشام والعراق ولبنان وفلسطين، بدل تمويل خطط محاربة الفقر والأمية والجهل في العالم العربي الممتدّ من «المحيط إلى الخليج» والذي يضمّ تسعين مليون أمّي على رغم دخول البشرية القرن الحادي والعشرين».
وأكد نادر ألّا خلاص للشام ولبنان والعراق وكل أمتنا إلا باعتماد مبادئ النهضة القومية الاجتماعية في الاستقلال والسيادة والاقتصاد القومي ووضع مصلحة سوريه فوق كلّ مصلحة. كما دعا إلى تبنّي مشروع الحزب بإقامة مجلس تعاون مشرقي بين دول الهلال الخصيب.
وختم نادر بتوجيه أسمى التحيّات بِاسم رئيس الحزب والقيادة المركزية إلى أرواح الشهداء والمناضلين، والتعازي إلى أُسَرهم، وهم الذين سيبقون على الدوام مصدر الفخر والاعتزاز وقد صارت دماؤهم حبراً للتاريخ.