روسيا تتمسك بحقها في الرد على العقوبات الأميركية
حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن الولايات المتحدة الأميركية تدفع باتجاه تصعيد الصراع في أوكرانيا نحو الحرب الأهلية والتفكك مشدداً، على أن العقوبات التي تفرضها واشنطن ضد موسكو تتعارض والمصالح القومية الأمريكية.
وقال بوتين في مؤتمر صحافي بالعاصمة البرازيلية في ختام جولته في أميركا اللاتينية: «إن «العقوبات الجديدة التي فرضتها الإدارة الأميركية أمس بحق عدد من الشخصيات السياسية الروسية والبنوك والمؤسسات العاملة في قطاعي الطاقة والدفاع الروسيين تتعارض مع المصالح القومية للولايات المتحدة نفسها، لأن شركات الطاقة الأميركية الكبرى التي تود الاستثمار في روسيا ستصطدم جراء هذه الإجراءات بقيود معينة، وستفقد بالتالي شيئاً من قدرتها التنافسية مع باقي الشركات».
واعتبر بوتين أن مثل هذه الطريقة في التعامل تدل على عدم المهنية على الأقل، لافتاً الى أن «مخططي السياسة الحالية في الولايات المتحدة الأميركية ينتهجون سياسة خارجية عدوانية، بما فيه الكفاية وغير مهنية بما في الكفاية، وهذا ما لاحظناه على مدى السنوات العشر الأخيرة».
ولفت بوتين إلى أن «الولايات المتحدة تدفع أوكرانيا إلى حرب أهلية عبر العملية العقابية المستمرة التي تنفذها السلطات الأوكرانية ضد شرق البلاد». مؤكداً أن «هذه السياسة محكوم عليها بالفشل.
وأشار الرئيس الروسي إلى «وجوب القيام بجهود مشتركة لحثّ أطراف الصراع في أوكرانيا على وقف فوري لإطلاق النار، والجلوس إلى طاولة المفاوضات. مشيراً إلى أن «روسيا من دون غيرها باستثناء أوكرانيا نفسها لها مصلحة في وقف إراقة الدماء، وتسوية الأزمة الحالية في الدولة الجارة» بحكم علاقات الأخوة التاريخية بين البلدين، معربا عن أسفه لعدم وجود أحد يشارك موسكو في مساعيها بهذا الصدد.
وحمّل بوتين مسؤولية إراقة الدماء في أوكرانيا «لأولئك الذين يدفعون البلاد نحو التأجيج وهذه الطريق. لافتاً إلى أن «هؤلاء لا يملكون أي حق أخلاقي بأن يحملونها للآخرين».
من جانب آخر، قال الرئيس الروسي: «إن موسكو لا تعترض على تلقي أوكرانيا مساعدات مالية من صندوق النقد الدولي وغيره من المقرضين الكبار». مشدداً في الوقت ذاته، على «وجوب منع استخدام هذه الأموال في شن الحرب على المدنيين شرق البلاد».
واعتبر بوتين أن «الجميع يريد دعم الشعب الأوكراني مالياً، ولكنه استطرد أن هذه الرغبة تستهدف الشعب الأوكراني وليس بعض من وصفهم بـ»القلة أو النصابين» في أوكرانيا» .
وأشار بوتين إلى أن «صندوق النقد الدولي امتنع تقليدياً عن تقديم المساعدة المالية للبلدان التي هي في حالة حرب، معرباً عن اعتقاده بأنه يجب التمسك بهذا التقليد في حالة أوكرانيا».
كما دعا الرئيس الروسي «صندوق النقد الدولي الى التفكير في مثل هذا النوع من أدوات التحكم لمراقبة توزيع المساعدات المالية في أوكرانيا، وللتأكد من توجيه هذه الأموال إلى المجالات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، وعدم ضياعها عن طريق المصارف الخاصة الغامضة أو سرقتها».
جاء ذلك في وقت أكدت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو لن تتسامح أبدا مع الابتزاز الأميركي بشأن أوكرانيا، وأنها تحتفظ بحقها في اتخاذ تدابير رداً على العقوبات الأميركية الجديدة.
ونقلت وكالة «إيتار تاس» عن الوزارة قولها في بيان «إن البيت الأبيض وعبر اعتماد هذه العقوبات ضد روسيا، يحرّض على إراقة الدماء في جنوب شرق أوكرانيا» لافتة إلى أن المحاولات «الشائنة» والتي لا أساس لها لإلقاء اللوم على موسكو في الحرب الأهلية في أوكرانيا، والتي نتجت عن أزمة داخلية عميقة، وأدت بالفعل إلى سقوط العديد من الضحايا هي دليل على أن استراتيجية الولايات المتحدة وعملائها في كييف، لتهدئة السخط الشعبي بالقوة فشلت.
وأضافت الوزارة أنه «بدلا من اعتماد المنطق في مواجهة الحكومة الأوكرانية التي تستخدم الطيران والمدفعية الثقيلة والعربات المدرعة ضد شعب منطقتي دونباس ولوبانسك يعمد البيت الأبيض إلى التحريض على إراقة الدماء، ويحاول بطريقة منافقة تحويل المسؤولية وتزييف الحقائق بشكل صارخ واستخدام هراوة العقوبات وهو السلاح المفضل لديه».
وأكدت الوزارة أن دوائر الأعمال الأميركية ستتأثر أيضاً بشكل خطير بسبب أي قيود ضد روسيا لافتة إلى «أننا ذكرنا مراراً أنه لا جدوى من التحدث بلغة العقوبات بغض النظر عن مداها فهذا النهج لن يؤدي إلى شيء جيد، وأولئك الذين يؤمنون بالتفرد وحقهم بفرض إرادتهم على بقية العالم سيواجهون حتماً خيبة أمل مريرة».
ولفتت الخارجية الروسية إلى أن «الاتحاد الأوروبي أذعن لابتزاز الولايات المتحدة متجاهلاً مصالحه الخاصة، واختار طريق العقوبات ضد روسيا وقالت: «إن بروكسل مثل واشنطن تستخدم «منطق المرآة العاكسة» حيث يتم القاء اللوم في المشكلات على الأشخاص الذين يبذلون جهوداً حقيقية لتهدئة الوضع في أوكرانيا، بينما يتم التكتم بشكل واضح على الحقائق الصارخة، مثل تدفق اللاجئين المتواصل من أوكرانيا إلى روسيا وقصف الأراضي الروسية وغيرها من الاستفزازات المعادية لروسيا التي يقع اللوم فيها على الحكومة الأوكرانية.
وجاء في بيان الخارجية الروسية أن «الاتحاد الأوروبي عبر دعمه فرض عقوبات ضد روسيا يتحمّل المسؤولية عن العملية العسكرية التي تشنها كييف والتي تقتل الناس يومياً».
وأضافت الوزارة أنه «بدلا من استخدام الفرص المتاحة لبدء حوار بين كييف والممثلين عن جنوب شرق أوكرانيا، فإن الاتحاد الأوروبي يتواصل مع الاشخاص الذين يدعون إلى حل النزاع الأوكراني الداخلي بالقوة وإثارة المواجهة مع روسيا في هذا الموقف».
وتابعت الوزارة إنه «إذا اعتزمت واشنطن تدمير العلاقات مع روسيا فليكن ذلك» مضيفة «نحن سنبقى منفتحين على التعاون البناء مع جميع الدول بما فيها الولايات المتحدة على أساس مبادئ المساواة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ومراعاة المصالح الحقيقية لبعضها البعض».
و قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف: «إن العقوبات الأميركية ستلحق الضرر بالمصالح السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة نفسها، وأن موسكو تعتمد موقفاً هادئاً ومدروساً».
وأضاف ريابكوف :»إن الغطرسة والسخرية هما السمتان اللتان تصفان بدقة السياسة الأميركية تجاه روسيا». مؤكدا أن «بيانات الولايات المتحدة بشأن التزامها النهج الجماعي لا قيمة لها».
وكانت الولايات المتحدة فرضت في وقت سابق عقوبات جديدة مستهدفة 11 شركة روسية.
وفي السياق، حثّ البرلمان الأوروبي طرفي النزاع في أوكرانيا على إيجاد حل سياسي عبر الحوار، حيث شدد نواب البرلمان في قرار صدر عن دورته العامة في ستراسبورغ يوم أمس على «ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة».
ودان البرلمان أعمال العنف في أوكرانيا التي توقع يوميا ضحايا تؤدي إلى تدمير المباني وتهجير للمدنيين، داعياً النواب إلى عقد جلسة جديدة لمجموعة الاتصال حول أوكرانيا بأسرع ما يمكن، مؤكدين دعمهم للحوار بين طرفي النزاع.