الطائف ضحيّة الحريري
حسين حمّود
تطورات ميدانية وسياسية مقبلة عليها سورية في المرحلة المقبلة لمصلحة محور المقاومة بكلّ أضلاعه، ولا سيما لبنان الذي يقترب من انعطافة حاسمة من تاريخه السياسي.
وأوّل المتحسّسين لهذا المنعطف هو رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الذي تحدّث بمرارة، في تصريحاته وتغريداته ومقابلاته الصحافية، عن انتصار محور المقاومة في سورية والمنطقة، والذي سينعكس حتماً على لبنان الذي هو في قلب المحور المذكور.
ومردّ هذه التطورات، وفق مصادر متابعة، إلى تفاهم أميركي – روسي بشأن التعاطي المشترك مع الأزمة السورية، استناداً إلى جملة وقائع عسكرية وسياسية وسبل مواجهة تداعياتها. وأبرز هذه الوقائع:
1 ـ تفاقم خطر الإرهاب ليس في سورية فحسب، بل على امتداد العالم، ولا سيما الغربي منه، ما يحتِّم ضربه في معاقله المنتشرة في الشمال السوري من دون تمييز بين التنظيمات المسلحة.
كذلك غضّ نظر أميركي عن الإرادة الروسية بإقفال الحدود السورية – التركية لكونها تشكل خطوط إمداد لوجستي للمسلحين.
2 ـ عدم شمول التفاهم شرق سورية ومصيره المؤجل إلى مرحلة لاحقة.
3 ـ الدولة السورية ومؤسساتها هي العنصر شبه الوحيد بالتعامل مع هذا الإرهاب.
4 ـ الأكراد يشكّلون مساحة مشتركة روسية – أميركية وبالتالي دورهم محفوظ في صيغة مستقبلية لسورية.
5 ـ الأزمة السورية وضعت على سكة بداية حلّ، ولكن في سياق زمني طويل، أما عناصر الحلّ فمرتبطة بتطورات الميدان السوري في المرحلة المقبلة الكفيلة وحدها بتظهيرها، مع التسليم ببقاء الرئيس بشّار الأسد في منصبه، أميركياً لسنتين على الأقلّ، بحسب التسريبات الإعلامية، أما روسياً حتى نهاية ولايته مع احتفاظه بحقه بالترشّح في أيّ صيغة حلّ مقبلة.
وتشير المصادر في هذا السياق، إلى أنّ الروسي يمارس على الأميركي سياسة قضم التنازلات، انطلاقاً من إدراكه الأولويات الأميركية الحقيقية في هذه المرحلة ودخول إدارة باراك أوباما «سنة البطة العرجاء»، أيّ السنة الأخيرة من ولاية الرئيس والتي تتقلّص خلالها مروحة الخيارات الأميركية في الخارج والتركيز أكثر على الداخل.
أما مصير لبنان، سواء عادت سورية الموحّدة جغرافياً في زمن قياسي بقيادة الرئيس الأسد أو تكريس سيناريو الستاتيكو الواقعي الذي يبقي الشرق السوري المحتلّ من «داعش» خارج قواعد التفاهم الروسي الأميركي، في الحالتين فإنّ لبنان كقيمة استراتيجية وسياسية سيبقى في قلب التأثير المباشر في قوة الدولة السورية والنظام، مهما كان المآل النهائي لأحد الاحتمالين.
وفي هذا السياق، سيبقى منطق الانتظار يحكم مصير الاستحقاق الرئاسي اللبناني المرتبط بالتظهير النهائي لأحد السيناريوين وهذا الأمر لن يتمّ قبل مطلع الصيف المقبل كحدّ أدنى، أو مطلع العام 2017 أو ما بعده بقليل كحدّ أقصى من دون أن يكون هناك تحديد فعلي لموعد خروج لبنان من مأزقه الرئاسي، بسبب ارتباط قوى 14 آذار بأجندات إقليمية سعودية – تركية.
وتقول المصادر: «لو كان الرئيس سعد الحريري يريد إنقاذ اتفاق الطائف لتلقَّف عرض الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ووافق على ترشيح رئيس كتلة التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية من منطلق دفع الضرر أو التخفيف منه. أما وقد بدا من خطابه الأخير في ذكرى اغتيال والده، أنه ماضٍ في سياسة التصعيد فمن المرجّح أن يكون اتفاق الطائف هو ضحية موضوعية للتسويات الافتراضية المقبلة».