الأسد: مستعدُّون لوقف إطلاق النار شرط عدم استغلال الإرهابيين له

أعلن الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مع صحيفة «البايس» الإسبانية أول أمس، استعداد حكومته لوقف إطلاق النار بشرط عدم استغلاله من قبل الإرهابيين.

وأضاف الأسد: «أعلنّا أنّنا مستعدّون.. لكن الأمر لا يتعلق فقط بالإعلان، لأنّ الطرف الآخر قد يُعلن الأمر نفسه.. المسألة تتعلّق بما ستفعله على الأرض.. إذا أردتَ استعمال عبارة وقف إطلاق النار، وهي ليست الكلمة الصحيحة، لأنّ وقف إطلاق النار يحدث بين جيشين أو بلدين متحاربين. إذن، لنقل بأنّه وقف للعمليات. المسألة تتعلّق أولاً بوقف النار، لكن أيضاً بالعوامل الأخرى المكمّلة والأكثر أهمية، مثل منع الإرهابيين من استخدام وقف العمليات من أجل تحسين موقعهم».

وطالب الأسد بمنع الدول، وخصوصاً تركيا، من إرسال الإرهابيين إلى سورية أو تقديم أي نوع من الدعم اللوجستي لهم لوقف العمليات العسكرية، مشيراً إلى أنّ قرار مجلس الأمن الذي يتعلّق بهذه النقطة لم يُنفّذ.

وأضاف الأسد أنّ هناك 80 دولة تدعم الإرهابيين بطرق مختلفة، مشيراً إلى أنّ بعضها يدعمهم مباشرة بالمال أو بالدعم اللوجستي أو بالسلاح أو بالمقاتلين، وبعضها الآخر يقدّم لهم الدعم السياسي في مختلف المحافل الدولية.

واستبعد الأسد إمكانية إرسال تركيا والسعودية قوات بريّة إلى سورية، لكنه هدّد إذا ما حدث ذلك بالتعامل معها كما مع الإرهابيين. «سندافع عن بلدنا. هذا عدوان. إنّهم لا يملكون أيّ حق للتدخل في سورية سياسياً، ولا عسكرياً».

وأشار الرئيس السوري إلى ضرورة توفّر جميع الشروط اللازمة لنجاح وقف إطلاق النار، «إذا لم نوفّر جميع هذه المتطلّبات لوقف إطلاق النار، فإنّ ذلك سيُحدث أثراً عكسياً، وسيؤدي إلى المزيد من الفوضى في سورية، ويمكن أن يُفضي ذلك إلى تقسيم البلاد بحكم الأمر الواقع. ولهذا السبب، إذا أردنا تطبيق وقف العمليات فإنّ ذلك ممكن أن يكون إيجابياً مع توافر العوامل التي ذكرتها».

كما أكّد الرئيس السوري أنّ الدعم الروسي والإيراني لبلاده كان مهمّاً لتحقيق الجيش السوري تقدماً على الأرض، «لا شكّ أنّ الدعم الروسي والإيراني كان جوهرياً كي يحقّق جيشنا هذا التقدم، أما القول إنّه ما كان بوسعنا تحقيق ذلك فهذا سؤال افتراضي. أعني أن لا أحد يمتلك الإجابة الحقيقية عن تلك الـ»إذا».. لكننا بالتأكيد بحاجة إلى تلك المساعدة».

وحول المزاعم الأميركية بشأن قصف روسيا مستشفى في سورية، قال الأسد إنّها عارية عن الصحة، ولم يقدّم أحد دليل عليها، «بعض المسؤولين الأميركيين قالوا إنّهم لا يعرفون من فعل ذلك. هذا ما قالوه لاحقاً.. هذه البيانات المتناقضة أمر شائع في الولايات المتحدة، لكن ليس لدى أحد دليل حول من فعل ذلك وكيف حدث ذلك. وفي ما يتعلق بالضحايا، فإنّ هذه مشكلة في كل حرب. أشعر بالحزن طبعاً لموت كل مدني بريء في هذا الصراع، لكن هذه حرب، وكل حرب سيّئة، فليس هناك حرب جيدة لأنّ هناك دائماً مدنيّون وهناك أبرياء سيدفعون الثمن».

وتابع الرئيس أنّ «الأميركيين هم الذين فعلوا هذا. قتلوا العديد من المدنيين في الجزء الشمالي من سورية وليس الروس. أعني أنّه لم يقع حادث واحد يتعلّق بالمدنيين حتى الآن، لأنّ الروس لا يهاجمون المدن، بل إنّ هجماتهم تحدث بشكل رئيسي في المناطق الريفية».

وعبّر الأسد عن رؤيته لمستقبل سورية بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية يمكن لجميع الأحزاب السياسية الانضمام إليها، تكون مهمّتها إعداد دستور جديد، ثمّ إجراء استفتاء عليه، لتجري الانتخابات بعد ذلك طبقاً للدستور الجديد.

وحول مسألة بقائه في السلطة، وردّاً على سؤال الصحيفة، أين يرى الرئيس السوري نفسه بعد 10 سنوات؟ قال الأسد: «الأكثر أهمية كيف أرى بلدي لأنّني جزء من بلدي، بالتالي بعد 10 سنوات أودّ أن أكون قد تمكّنت من إنقاذ سورية كرئيس، لكن ذلك لا يعني أنّني سأكون رئيساً بعد 10 سنوات. أنا أتحدث عن رؤيتي لهذه الفترة.. ستكون سورية سليمة ومعافاة.. وسأكون أنا الشخص الذي أنقذ بلاده. هذا عملي الآن، وهذا واجبي.. إذن، هكذا أرى نفسي في ما يتعلّق بالمنصب. وعن نفسي كمواطن سوري، هذا ليس هدفي. أنا لا أكترث بوجودي في السلطة، بالنسبة لي إذا أراد الشعب السوري أن أكون في السلطة فسأكون، وإذا أرادوا ألّا أكون فلن أكون. أعني إذا كنت لا أستطيع مساعدة بلدي فعليّ المغادرة مباشرة».

وقد صرّح وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس، أنّ الهدنة في سورية يمكن أن تدخل حيّز التنفيذ قريباً.

وقال كيري عبر مؤتمر صحفي عقده مع وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، في العاصمة الأردنية عمان: «نحن أقرب إلى وقف إطلاق النار في سورية من أي وقت مضى». وأضاف كيري: «تحدّثت مع لافروف، وأعتقد أنّنا توصّلنا لاتفاق مشروط من حيث المبدأ على وقف القتال في سورية».

وأكّد كيري أنّ الرئيسين الروسي والأميركي بوتين وأوباما سيضعان اللمسات الأخيرة على اتّفاق الهدنة في سورية.

وكان جون كيري واصل بحث آلية وشروط الهدنة في سورية مع سيرغي لافروف، اليوم الأحد، حسب الخارجية الروسية.

تجدر الإشارة إلى أنّه جرى الاتفاق أول أمس في جنيف بين روسيا والولايات المتحدة على مشروع وثيقة لوقف العنف في سورية تستثني «جبهة النصرة» و«داعش».

وحسب تسريبات من جنيف، يجب أن يبدأ سريان مفعول الاتفاق خلال أسبوع بعد إقراره، وكان من الواضح أنّ «جبهة النصرة» شكّلت حجر عثرة أمام الاتفاق، حيث طالبت المعارضة السورية بوقف ضربها، ورغم أنّ الحجّة هي تداخلها جغرافياً مع الفصائل الأخرى للمعارضة، وخاصة «الإسلامية» المتحالفة معها، إلّا أنّ هذا لا يُخرجها من خانة الإرهاب بالنسبة للروس والأمريكان على حدّ سواء.

وأعلنت الخارجية الروسية في بيان لها، أنّ لقاء جرى بين بوغدانوف وسفير سورية في موسكو «تمّ خلاله التركيز على سير تنفيذ اتفاقات الاجتماع الوزاري لمجموعة دعم سورية الدولية في 11 شباط في ميونيخ».

وأكّد البيان «ضرورة الإسراع بحل مسائل إيصال المساعدات الإنسانية إلى كافة المناطق السورية، بالإضافة إلى وقف الأعمال القتالية ومواصلة محاربة المجموعات الإرهابية بلا هوادة».

وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أكّد أنّ مناقشات مكثّفة «جادّة وبنّاءة» جرت بين دبلوماسيين أميركيين وروس بشأن وقف الأعمال القتالية في سورية.

ويأتي تصريح كيري «نحن أقرب إلى وقف إطلاق النار في سورية من أي وقتٍ مضى» مخالفاً تماماً لما أعلنه مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا بأنّ فرص السلام تبدو أضعف من أي وقت مضى.

ميدانياً، أدّت 4 تفجيرات إرهابية وقعت في شارع التين بمنطقة السيدة زينب بريف دمشق إلى ارتقاء عشرات الشهداء، وجلّهم من النساء والأطفال.

ونقلت وسائل إعلام سورية أنّ الانفجارات نُفّذت بثلاثة انتحاريين وسيارة مفخخة. وقالت إنّ تفجيرات السيدة زينب خلّفت نحو 80 شهيداً وأكثر من 120 جريح، وأضافت أنّ السلطات ألقت القبض على مجموعة تنتمي لـ»داعش»، فشلت في تنفيذ عملية إرهابية في المنطقة نفسها. ونفى التلفزيون السوري أنباء تحدّثت عن تفجيرات في منطقة المزة في دمشق.

وكان تنظيم «داعش» تبنّى مسؤولية التفجيرات في السيدة زينب.

من جانبٍ آخر، ارتفع عدد شهداء التفجير الإرهابي المزدوج في شارع الستين وسط مدينة حمص إلى أكثر من 50 شهيداً، وعشرات الجرحى.

وكان تفجير إرهابي مزدوج بسيارتين مفخّختين قد وقع في شارع الستين بمدينة حمص السورية صباح أمس.

وتعرّضت مدينة حمص منذ مطلع العام لعدد من التفجيرات الإرهابية المزدوجة، والتي أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عنها، وكان آخرها التفجير المزدوج الذي استهدف نقطة تفتيش أمنية في شارع الستين في 26 الشهر الماضي وأودى بحياة 19 شخصاً.

يُذكر أنّ المناطق المذكورة استُهدفت مراراً، وهزّ تفجيران أواخر الشهر الماضي منطقة السيدة زينب جنوب العاصمة السورية، بوساطة سيارة مفخخة وانتحاري في شارع كوع السودان، خلّفا 60 قتيلاً و40 جريحاً، تبنّى تنظيم «داعش» آنذاك مسؤولية التفجيرين الإرهابيين.

وتأتي هذه التفجيرات تزامناً مع مساعي إلى جمع الأطراف السورية حول طاولة المفاوضات، بعد التوافق على شروط وقف إطلاق النار بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة.

إلى ذلك، قُتل خمسون إرهابياً من تنظيم «داعش» على الأقل خلال الأربع وعشرين ساعة الأخيرة خلال المعارك مع الجيش السوري الذي يُحرز تقدّماً في ريف حلب، حسبما أفاد الأحد ما يُسمّى «المرصد السوري».

وبحسب «وكالة الأنباء الفرنسية»، أشار المرصد إلى أنّ المسلّحين قُتلوا خلال القصف العنيف والغارات المكثّفة للطيران الروسي.

وسيطر الجيش السوري منذ فجر السبت على 18 قرية واقعة على طريق محوري يبلغ طوله نحو 40 كلم تربط شرق حلب بالرقة، معقل «داعش»، بحسب المرصد.

وأضاف «المرصد»، «أنّ الجيش يحاصر هناك عدداً كبيراً من عناصر التنظيم في نحو 16 قرية واقعة جنوب الطريق»، وذلك «لتعزيز وجوده في شرق وجنوب شرق المحافظة».

وتمكّن الجيش السوري من طرد مسلّحي الفصائل المعارضة وعناصر تنظيم «جبهة النصرة» من عدد من البلدات والمدن في شمال محافظة حلب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى