«14 آذار» تنفِّذ الإملاءات السعودية باستحضار خطاب الفتنة

استمرت أمس ردود الفعل المستنكرة لللقرار السعودي بتجميد الهِبة المخصّصة للجيش وقوى الأمن الداخلي، داعيةً «قوى 14 آذار» إلى التوقف عن تنفيذ الإملاءات السعودية باستحضار خطاب التصعيد الفتنوي ومحاولة توتير الداخل اللبناني وإثارة الفتنة، وأكّدت أنّ اتّهام حزب الله بالوقوف وراء إيقاف الصفقة إنّما هو تعمية على الحقائق، واستغلال رخيص لموقف غير مشرّف من السعودية.

لقاء الأحزاب

وفي هذا المجال، اعتبرت هيئة التنسيق في لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية خلال اجتماعها الدوري في مقرّها، أنّ «قرار الحكومة السعودية إلغاء الهِبة، التي كانت قد أعلنت عنها لتسليح الجيش اللبناني و قوى الأمن الداخلي، إنّما يؤكّد بأنّ الهِبة مشروطة وهدفها ابتزاز لبنان والعمل على إخضاعه ليسير في فلك السياسة السعودية وتأييد حربها التدميرية ضدّ اليمن و شعبه، ودعم قوى الإرهاب التكفيري في سورية».

أضافت: «من الواضح أنّ هذا القرار السعودي يأتي تعبيراً عن تفاقم المأزق السعودي نتيجة فشل الحرب الإرهابية التكفيرية في سورية، والتي تؤشّر إليها الانتصارات التي يحقّقها الجيش العربي السوري والهزائم التي تمنى بها الجماعات المسلحة المدعومة سعودياً وتركياً، كما أنّ القرار السعودي يعبِّر أيضاً عن الفشل في الحرب ضدّ اليمن وارتفاع حجم الخسائر السعودية المادية والعسكرية، والتي أدّت إلى عجز في الموازنة السعودية ناهز الـ100 مليار دولار».

وأشارت إلى أنّ «الحكومة السعودية عمدت من خلال قرارها إلغاء الهِبة وابتزاز لبنان، إلى محاولة تصدير مأزقها إلى الداخل اللبناني، والإيعاز للقوى الموالية لها للتصعيد ضدّ المقاومة والجمهورية الإسلامية الإيرانية في سياق سياسة الهروب إلى الأمام».

وأكّدت أنّ «مثل هذه السياسة التي تنتهجها السعودية وقوى 14 آذار لن تقود إلّا إلى تعميق مأزقهم، لأنّ رهاناتهم على تغيير موازين القوى الإقليمية فشلت، والمؤشرات كلّها تؤكّد أنّ سورية وحلفاءها باتوا أقرب من أي وقت مضى من تحقيق الانتصار على قوى الإرهاب والدول الداعمة لها. و لذا على قوى 14 آذار التوقف عن تنفيذ الإملاءات السعودية باستحضار خطاب التصعيد الفتنوي ومحاولة توتير الداخل اللبناني وإثارة الفتنة، فمثل هذا الخطاب ثبت فشله، ولا يحترم مصلحة اللبنانيين في الحفاظ على الاستقرار وتجنيب لبنان الاهتزاز».

ولفتت الهيئة قوى 14 آذار إلى أنّ «العروبة الحقيقية إنّما تكون بالوقوف إلى جانب فلسطين وشعبها وانتفاضتها، وفي التصدي لقوى الإرهاب التكفيري ومساندة المقاومة التي هزمت جيش العدو وحرّرت الأرض، وتقوم اليوم بدور رئيسي في محاربة قوى الإرهاب، دفاعاً ليس فقط عن سورية العروبة، وإنّما أيضاً دفاعاً عن لبنان وأمنه واستقراره ووحدته الوطنية».

الصفدي والساحلي

من جهته، ناشد النائب محمد الصفدي في تصريح «اللبنانيين أن يحافظوا على المصلحة الوطنية العليا بتأكيدهم انتماء لبنان العربي والحفاظ على أفضل العلاقات مع الدول العربية، وفي مقدّمها المملكة العربية السعوية، التي كانت دوماً ولا تزال صاحبة الأيادي الخيرة والمواقف الداعمة لوحدة لبنان واستقراره».

وقال: «لطالما كان لبنان رائداً من رواد العروبة، يقف دوماً مع قضايا العرب المحقّة ولا يخرج عن إجماعهم».

أضاف: «أنّ التركيبة اللبنانية المتنوعة أجمعت في وثيقة الوفاق الوطني على انتماء لبنان العربي، ولا بدّ بالتالي من أن تكون مواقف الحكومة اللبنانية منسجمة مع مقتضيات هذا الانتماء، وحريصة في الوقت نفسه على أفضل علاقات الاحترام مع جميع الدول الصديقة».

أمّا عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب نوار الساحلي، فأكّد خلال حفل أُقيم في بلدة البزالية البقاعية، أنّ «الموقف السعودي بسحب الهِبة ابتزاز بكل ما للكلمة من معنى».

وقال: «يريدون أثماناً مقابل هِبة مزعومة لم ترَ النور أصلاً، وهي أكذوبة كبيرة، ولم يكونوا في يوم من الأيام جديّين»، لافتاً إلى «أنّهم منذ أكثر من سنتين وهم يسوِّفون ويؤجّلون، والقرار كان مذبذباً. وإلّا لماذا لم نرَ شيئاً من هذه الهِبة».

وأشار إلى أنّ «من يريد أن يساعد الجيش أهلاً وسهلاً به، ومن لا يريد محاربة الإرهاب فلا يختلق أعذاراً واهية وغير جديّة تفرح بها إسرائيل».

«تجمّع العلماء»

واعتبر «تجمّع العلماء المسلمين» في بيان، أنّ «أمر عمليات من غرف سوداء قد صدر بتوتير الأجواء على الساحة اللبنانية، مترافقاً مع تصعيد التفجيرات الأمنية على الساحة السورية، والهدف من وراء ذلك إشغال المقاومة والتأثير عليها في حاضنتها الشعبية».

وقال: «إنّ الهِبة السعودية كانت في الأساس رشوة لفرنسا من أجل موقفها في تعطيل الاتفاق النووي وفي الضغط على الساحة السورية، ولم يكن الهدف أساساً تزويد الجيش اللبناني بما يحتاج فعلاً، وعندما وقع الاتفاق النووي وحصل الدخول الروسي على خط محاربة الإرهاب في سورية، ولم يعد هناك من حاجة للموقف الفرنسي، تمّ إلغاء الصفقة، وليس للأمر علاقة بموقف لبنان في الجامعة العربية أو أي أمر آخر».

وأكّد أنّ اتّهام «جماعة 14 آذار حزب الله بالوقوف وراء إيقاف الصفقة إنّما هو تعمية على الحقائق واستغلال رخيص لموقف غير مشرّف من السعودية أولاً، لأنّ السعودية لو كان همّها حماية لبنان لما همّها موقف فريق من اللبنانيين منها خصوصاً، مع ادّعاء جماعتها في لبنان أنّهم الأكثرية، وثانياً، لأنّ جماعة 14 آذار تريد أن تعطي تبريراً للسعودية لعدم قدرتها على إتمام الصفقة نتيجة إفلاسها، وثالثاً، لأنّها تريد بهذا الأسلوب إعادة وصل ما انقطع بين جماعات 14 آذار من خلال هذا المبرّر، فلا يضحكنّ أحد على عقول اللبنانيين».

أضاف: «أنّ حجّة 14 آذار بأنه لا بُدّ من موقف موحّد في مسألة التضامن العربي، فأين هو هذا التضامن وسورية قلب العروبة النابض خارجه، إنّ التضامن هو في المواقف الإجماعية من العدو الصهيوني أو أي اعتداء خارجي على بلد من البلاد العربية كاعتداء تركيا على سورية، أمّا في موضوع إسقاط حكومة دولة من دون إرادة شعبها فهذا لا يشمله ما يسمى التضامن العربي وموقف وزير الخارجية جبران باسيل يأتي منسجماً مع ما أعلنته الحكومة من سياسة النأي بالنفس في القضية السورية».

واستنكرت «حركة الأمة» في بيان القرار السعودي «ولا سيّما في هذه الظروف التي يواجه فيها لبنان حرباً على المجموعات الإجرامية»، مؤكّدة أنّه «كما انتصر لبنان في تموز 2006 على العدو الصهيوني بفعل التلاحم بين الجيش والشعب والمقاومة، سينتصر اليوم في حربه ضدّ المجموعات الإجرامية».

السيِّد

بدوره رأى المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد، في بيان، أنّ قرار المملكة العربية السعودية الذي صدر مساء الجمعة الماضي «جاء في توقيته ردّاً على المواقف التي صدرت خلال مقابلة الرئيس تمام سلام التلفزيونية مع الإعلامي مارسيل غانم مساء الخميس الذي سبق، والتي جرى تفسيرها من السلطات السعودية على أنّها تأييد رسمي لمواقف وزير الخارجية جبران باسيل خلال اللقاءات العربية، وأنّها تعبّر عن سياسة الحكومة اللبنانية مجتمعة».

وأضاف: «أنّ كل ما يُحكى عن التباينات السياسية بين السعودية وحزب الله هو صحيح، كما أنّ معظم ما حُكي عن ملابسات الهِبة وتجميدها عملياً بعد وفاة الملك عبدالله هو صحيح أيضاً، ولكن القرار الرسمي بإلغاء الهِبة، كما أنّ توقيت الإعلان عنه، يرتبطان حصرياً بما سبق ذكره أعلاه، بما يشكّل رسالة موجّهة إلى الحكومة اللبنانية لتعديل موقفها، وليس إلى الوزير باسيل شخصياً، ولا إلى حزب الله المعروف بمواقفه السياسية الداخلية والخارجية منذ سنوات إلى اليوم».

وأكّد أنّ فريق «تيار المستقبل» و«14 آذار»، الذي يعلم بعضه بخلفيات توقيت القرار السعودي، إنّما وجد فيه فرصة للملمة صفوفه وتوحيد مواقفه وتناقضاته عبر توجيه اللوم إلى حزب الله بالتسبّب في إلغاء الهِبة. أمّا في ما خصّ المزايدة الإعلامية التي صدرت عن جعجع وريفي، فهي تعود إلى كونهما يلمسان الغضب السعودي وامتعاض الرئيس سعد الحريري من مواقفهما المشاكسة في موضوع الرئاسة وترشيح النائب سليمان فرنجيه، بحيث أنّهما وجدا في القرار السعودي فرصة لاسترضاء المملكة عبر الهجوم على حزب الله والتملّق إليها من أجل العفو عنهما، وإعادة وصل ما انقطع».

واعتبر أنّ «بيان 14 آذار» أول من أمس «والذي صدر على النحو شبه المعتدل بناءً على رغبة الحريري، جاء مخيّباً لجعجع الراغب في التصعيد والمبالغة، ومحبطاً لريفي لجهة تجاهله وتجاهل استقالته، كما جاء موجّهاً إلى الحكومة لتصويب مواقفها، في حين أنّ ما ورد في البيان المذكور لجهة وقف الحملات على الدول العربية والصديقة، فإنّه لا يُضير أيّاً من الأفرقاء اللبنانيين بمن فيهم حزب الله، شرط أن يكون الالتزام شاملاً للجميع، بمن فيهم الدول التي يتعرّض لها تيار المستقبل وحلفاؤه بإستمرار ومنذ زمن بعيد، بحيث أنّ سورية ومصر وليبيا واليمن والعراق هي دول عربية أيضاً، كما أنّ إيران، في المقياس الرسمي اللبناني كما في معظم التوجّه الشعبي، إنّما تنطبق عليها أيضاً صفة الدولة الصديقة».

غندور

وقال «اللقاء الإسلامي الوحدوي» في بيان، بعد جلسته الأسبوعية برئاسة رئيسه عمر غندور: «يمضي الاستثمار السياسي لإلغاء الهِبة السعودية إلى لبنان على قدم وساق، ويستمر الرّمي على حزب الله والتيار الوطني الحرّ بزعم أنّهما المتسبّبان في ضياع الهِبة المزعومة، بينما تُشير الوقائع والأرقام إلى أنّ الهِبة السعودية لم تكن في أحسن الحالات إلّا فكرة وحبراً على ورق كما قال وقتها قائد الجيش العماد جان قهوجي، لوّحوا بها لاستجرار مواقف سياسية مؤيّدة قد تحتاجها «مملكة الخير» في اندفاعتها المتهورة في اليمن والعراق وسورية، وإقامة الأحلاف العسكرية التي تريد تشكيلها على خلفيات مذهبية وصولاً إلى تفصيل بدلة أكبر من قياسها».

وتوقّف اللقاء عند استقالة وزير العدل أشرف ريفي من منصبه، ووجد فيها استقالة تحريضية لجدوى انتخابية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى