تلفزيون لبنان

لم يعطِ بيان مجلس الوزراء حول الإجماع العربي مفعوله السياسي الخليجي بعد، ويبدو أنّ الدبلوماسية السعودية لم تُنجز بعد تحليلها لمضمون البيان أو أنّها لم تتّخذ بعد المواقف النابعة من المراجعة الشاملة للأجواء التي عكّرت صفو العلاقات مع لبنان.

وقد توقّفت المحافل السياسية والدبلوماسية عند القرار السعودي الجديد بمنع السفر إلى لبنان ودعوة الرعايا المقيمين فيه إلى المغادرة، وترافق ذلك مع قرار إماراتي يمنع أيضاً السفر إلى لبنان ويقلّص عدد أفراد البعثة الدبلوماسية فيه.

وماذا بعد؟

سياسياً، يبدو الأمر بحاجة إلى ضمانات لبنانية تُقدّم للسعودية والخليج بالتزام الإجماع العربي في المواقف في المؤتمرات، ويمكن أن تكون بتكليف وزير موثوق بالتعبير عن الموقف اللبناني في تلك المؤتمرات، وهذا إجراء يتّخذه مجلس الوزراء.

سياسياً أيضاً، رئيس مجلس الوزراء تمام سلام كثّف اتصالاته الخليجية تمهيداً لجولة يقوم بها على الرياض وعواصم دول الخليج، وهو ينتظر إشارات من حكومات هذه الدول للتحرّك.

شعبياً، تقاطرت الشخصيات والوفود اليوم أمس ، إلى مقرّ السفارة السعودية للتعبير عن عمق العلاقة الأخوية بين لبنان والمملكة. وقال السفير علي عواض عسيري، إنّ مواقف البعض التي تحاول النيل من السعودية أمر لم نعرفه في تاريخ العلاقة مع لبنان.

«المنار»

سريعاً ردّت «مملكة الخير» على «جوقة الشرف» اللبنانية ووثيقة الوفاء للسعودية.

وقبل أن تغادر عبارات الاستجداء المنابر والشاشات، منعت المملكة رعاياها من زيارة لبنان، وطلبت من المتواجدين المغادرة حفاظاً على سلامتهم.. مخيّبة من أمل حتى الآن إعطاءه ولو فرصة أخيرة تُعيد الاعتبار، وربما عليه كمواطن صالح الاكتفاء بالتواقيع والالتزام بالتعاليم، والعودة على وجه السرعة.

عبّرت السعودية عن «حبّها» للبنان وتبعتها الإمارات، وعلينا انتظار جيبوتي والسودان.

لربما تكرّر لفظ العروبة على ألسنة أدعيائها، ما أهّلها لدخول موسوعة غينيس لمفردة سياسية حقّقت أرقاماً قياسية في استخدامها خلال يومين، لكنْ يبدو أنّ العروبة باتت تحتاج بشكل طارئ ومُلحّ إلى إعادة تعريفها مجدّداً.

نحن نفهم العروبة الحقّة في الوقوف إلى جانب فلسطين وشعبها وقضيتها، كما نفهمها بدعم سورية وصمودها، وليس بالتآمر عليها، والانخراط في حرب إسقاطها من معادلة القوة في وجه العدو الصهيوني.

فكفى أدعياء العروبة ذلّاً عند أعتاب نسختها المزوّرة، التي لم تجلب لهم حتى الآن إلّا المزيد من الذلّ والهوان.

والأمل أن يكتفي هؤلاء بذلّهم الشخصي، وينكفئوا عن محاولة تعميمه ليصبح ذلّاً وطنياً، في بلد بذل أهله وأبناؤه الكثير من التضحيات في سبيل الحرية والسيادة والاستقلال، التي لا يمكن أن تُستبدل بهِبات ولا مكرمات.

«ال بي سي»

إلى أين ستصل إجراءات دول مجلس التعاون الخليجي في حق لبنان، وما هو السقف الذي ستبلغه من إقفال فروع البنك الأهلي السعودي إلى إلغاء هبة المليارات. واليوم أمس ، تحذير المواطنين من السفر إلى لبنان، فيما الإمارات تقدّمت أكثر فمنعت رعاياها من السفر إلى لبنان، والسؤال: غداً ماذا؟

إجراءات اليوم أمس ، التي جاءت بعد أقل من 24 ساعة على البيان الملتبس لمجلس الوزراء تأتي كتعبير عن عدم رضى السعودية عمّا صدر، ما يعني أنّ إجراءات إضافية قد تُتّخذ في الأيام المقبلة.

في الانتظار، انفجرت بين وزيري «المستقبل» أشرف ريفي ونهاد المشنوق، على خلفية ما كشفه ريفي من على منبر السفارة السعودية من أنّ الاتفاق كان يقضي بأن يستقيل والوزير المشنوق معاً، ولكن المشنوق أخلّ، وهذا ما استدعى ردّاً وليس نفياً من الوزير نهاد المشنوق.

هذا ما يتلهّى به السياسيون، أمّا ما يقضّ مضاجع المواطنين، فالنفايات التي لا يجرؤ أحد على مقاربتها.

«أن بي أن»

تصعيد إعلامي تُقابله الواقعية السياسية اللبنانية، لا استقرار يُفرض داخلياً من دون توافق أمّنته الاتصالات بين القوى، وظهّرته في البيان الحكومي أمس أول أمس ، وبانتظار تحديد موعد جولات الوفد اللبناني في الخليج، كانت تُسجّل زيارات التضامن مع السعودية إلى سفارة المملكة في بيروت، لكن الرياض طلبت من المواطنين السعوديين عدم السفر إلى لبنان حرصاً على سلامتهم كما جاء في بيان وزارة الخارجية، طالبة أيضاً من المتواجدين في لبنان المغادرة وعدم البقاء إلّا للضرورة، وعلى خُطى السعودية رفعت الإمارات حالة التحذير من السفر إلى لبنان، وتخفيض أفراد البعثة الدبلوماسية في بيروت.

الحكومة اللبنانية باقية، هذا ما قاله الرئيس نبيه برّي من بروكسل، لقاءات رئيس المجلس تنوّعت، ومحاضراته تعدّدت أمام النوّاب البرلمانيين حاملاً معه ثوابت تبدأ من حرص اللبنانيين على وحدتهم ورفض التوطين للنازحين واللّاجئين وتأييد الحل السياسي لسورية، جازماً بأن لا حوار مع الإرهابيين.

زيارة الرئيس برّي إلى بروكسل مستمرة في نشاط حافل مع البرلمانين البلجيكي والأوروبي، فيما كان الوفد النيابي اللبناني في واشنطن يُجري لقاءات دسمة مع أعضاء الكونغرس والبنتاغون ووزارة الخزينة الأميركية، وبحسب معلومات للـ»أن بي أن»، فإنّ الوفد اللبناني لمس حرص الأميركيين على الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، الوفد سمع كلاماً إيجابياً مفاده أنّ واشنطن لا تريد استهداف ولا إرباك لبنان، ولا القطاع المصرفي فيه بأي عقوبات طالما أنّ اللبنانيين أقرّوا التشريعات اللازمة في مجلس النوّاب.

«ام تي في»

يبدو أنّ مجلس الوزراء أمس أول أمس ، أخطأ العنوان، فبدلاً من أن يصوغ بيانه التوضيحي الموجّه إلى السعودية بحبر سيادي، فقد صاغه بحسب المطّلعين على كواليس الدبلوماسية في المملكة بحبر حزب الله وبمفرداته، فكان أن وصلت الرسالة إلى طهران.

هذا باختصار ما استنتجه كل من سمع السفير السعودي في بيروت رغم تحفّظه ولياقته، وهذا ما ظهر جليّاً في مواصلة الرياض إجراءاتها التصعيدية ومنعها رعاياها من السفر إلى لبنان ومعها الإمارات، فيما لوّحت دول مجلس التعاون الخليجي بالإجراء ذاته.

ولا تتوقّف الأمور عند هذا الحدّ، إذ يبدو أنّ هناك دفتر شروط غير سهل يتعيّن على الرئيس سلام التقيّد به قبل استقباله في المملكة، وعند الاحتماء وراء تركيبة لبنان الهشّة للتملص، ينبري في المملكة من يقول ولماذا يستستهل لبنان إغضاب السعودية ويتحاشى دائماً إغضاب ايران؟

ممّا تقدم، يتّضح أنّ زمن تفهّم الخصوصية اللبنانية قد ولّى، وعلى اللبنانيين الخروج من الرّمادية إلى الألوان الفاقعة، ولكن بأي ثمن؟ وإذا كان الحياد الحقيقي هو الدواء من يُقنع حزب الله؟

«او تي في»

أيّ أعظم سيأتي بعد؟ منذ خمسة أيام، وإثر سحب السعودية هِباتها للجيش اللبناني، بشّر وزير حريريّ بأنّ الآتي أعظم. اليوم أمس ، طالبت الرياض مواطنيها بعدم السفر إلى لبنان، ومغادرته في حال وجودهم فيه، في موقف سارعت الإمارات إلى التزامه… وجرّاء الإجراء الخليجي الجديد، يبدو أنّ المسار مستمر على رغم جلسة مجلس الوزراء وبيانها، ليبقى الاستثمار للموقف مستمراً في بيروت عبر عراضة العريضة الحريرية التضامنية من جهة، وحملة التشويه والتحريض من جهة ثانية، وسط تصويب ممنهج على وزير الخارجية، ما دفع بتكتّل التغيير والإصلاح للأسف لسوء استغلال الموقف والتحريف، داعياً إلى عدم المزايدة بالحرص على العلاقات مع السعودية ودول الخليج. وعليه، يبقى السؤال: إلى أين؟ ربما إلى 2 آذار، وربّما تكون معركة الانقلاب على الشعب والميثاق عبر استدراج الخارج واستدعاء الأشقاء لأبناء الوطن… ولكن، بعد 2 آذار ستأتي الخيبة والصدمة، ويعود الهدوء. إلّا أنّ جبهة التصعيد هذه لا تبدو الوحيدة على الساحة، فداخل البيت الحريري جبهة أخرى… أشرف ريفي حاول توريط نهاد المشنوق بتنسيق الاستقالة، فسطّر وزير العدل السابق مذكّرة ضبط سياسية بحق زميله بتهمة الخيانة، قبل أن يكشف المشنوق محاضر داخلية المستقبل، غامزاً من قناة زميله الطرابلسي، عبر تجديد التزامه قرار قيادة التيار الذي يمثّله في الحكومة.

«الجديد»

من إعلان السرايا تضرّعاً لاستسقاء ودّ جافته السياسة.. إلى عريضة وادي أبو جميل تجديداً للبيعة.. إلى أداء مناسك الوفاء في يوم الغفران الطويل في مبنى السفارة، كلها خطوات لم تقطع الدرب أمام دقّ نواقيس التحذير. المملكة أصدرت قراراً آخر طلبت بموجبه إلى جميع مواطنيها عدم السفر إلى لبنان حرصاً على سلامتهم، وطلبت أيضاً إلى مواطنيها الزائرين والمقيمين المغادرة، وعدم البقاء إلّا للضرورة القصوى. الإمارات حذت حذو المملكة، وأعلنت نيّتها خفض التمثيل الدبلوماسي، ومن يدري قد ينسحب الأمر على كل دول مجلس التعاون الخليجي . القرار السعودي سوف يضطر الرئيس سعد الحريري إلى التزام تطبيقه فوراً بوصفه يحمل كل هذه الصفات، فهو المواطن السعودي والزائر غير المقيم، وليس لديه هنا من أيّ ضرورة قصوى تدفعه إلى البقاء.. لا سيّما أنّ حماسته لانتخاب الرئيس تُسقطها المعادلات السياسية القائمة. قد يكون التحذير أولى البوادر التي بشّر بآتيها الأعظم وزير الداخلية نهاد المشنوق، لكن ما هو متروك للقدر كان قضاؤه في بيت زعيم المستقبل في الرياض، وهناك طُرحت الاستقالة من الحكومة والخروج من الحوار في اجتماع خماسي ضمّ إلى الحريري ريفي وفتفت والسنيورة والمشنوق، وأوضح المشنوق أنّه كانت توجيهات الحريري ألا نقوم بأي خطوة تُحرج رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ورئيس اللقاء الوطني الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، ولاحقاً طلب الحريري تأجيل هذه الخطوات، وتُرك للحريري خيار نشر وقائع الاجتماع باعتبار كنّا في منزله. المشنوق الذي راودتْه الاستقالة عن نفسه غدر بريفي الذي رماها في لحظة تخلّي الحريري عنه.. تماماً كما فعل ميلاد كفوري بميشال سماحة، وفي يوم محاكمة لم يسعفْه عذره الطبّي في التغيّب عنها، قال سماحة إنّ كفوري الذكي.. استهدفني.. استدرجني.. حرّضني فأوقعني . كفوري الذي تتلمذ على يدي ريفي هائم في بلاد اللجوء الواسعة، فيما ريفي المستقيل من عدل أساسه الملك سيُنصّب نفسه «ريّساً» على نواة تكتّل سياسي وشعبي بدأت بوادره بالظهور شمالاً، وأمواجه تعلو شيئاً فشيئاً عند رصيف المينا المفتوح على متوسط تخرق «إسرائيل» أمياله البحرية، وما بين محاور البر وموج البحر حكاية لها تتمّة.. «وكل شي بوقتو حلو».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى