غزة: 6 دبابات إسرائيلية في اليوم الثاني للحرب البرية

كتب المحرر السياسي

كما وعد الرئيس السابق للحكومة بتضمين خطابه مفاجأة، في إفطار تيار المستقبل، يطلق خلالها مبادرة نوعية، كانت المفاجأة بالفراغ مخيّماً على الخطاب، بما كان منتظراً لمعاجلة الفراغ الرئاسي.

كما لو تمنى باراك أوباما مفاجأة جاءته قضية الكارثة الجوية التي أودت بحياة ركاب الطائرة الماليزية التي دمّرت وسقطت وهي في الأجواء الأوكرانية، فحوّلها مضبطة اتهام لروسيا التي تدعم قوات الدفاع الشعبي في شرق أوكرانيا، التي اتهمها الرئيس الأميركي باراك أوباما بالوقوف وراء إسقاط الطائرة، وهو يطالب بتحقيق دولي محايد يدّعي فيه الحاجة إلى كشف الفاعل من دون تأثير من أحد، ومن دون أن يرفّ له جفن في المقابل كان مندوبوه في مجلس الأمن يمنعون أي إدانة لإسرائيل على جرائمها الموصوفة في غزة، وكان يصفها هو بحالة الدفاع المشروع عن النفس، معلناً بلسان صريح وقوف حكومته معها بلا شروط.

المقايضة التي يعرضها أوباما على روسيا تقوم على تمييع التحقيق الذي قد ينتهي إلى إدانة حلفائها في شرق أوكرانيا مقابل ضمان مقعد لإسرائيل في مائدة الشرق الأوسط، من دون ربط ذلك بتعهّدات السلام وموجباته التي تصرّ عليها موسكو، وترى في حرب غزة فرصة دولية لفرضها، بينما تصرّ واشنطن على وقف الحرب بلا شروط وحجز مكانة لإسرائيل بلا شروط أيضاً.

في قلب كلّ هذه الفوضى الفكرية والقانونية والأخلاقية يعود إلى موازين القوى أن تقول الكلمة الفصل، وفي غزة تدور الحرب الحقيقية، هناك حيث الدم والنار يتحدثان ويلتحمان، لا يكفي حصاد الشهداء لفهم المشهد، الذي قد يريده البعض بكائياً فقط، ففي اليوم الثاني للهجوم البري لا يزال الهجوم يراوح مكانه بعدما انسحبت الدبابات الإسرائيلية التي توغلت في طرفي غزة الشمالي والجنوبي بسبب إصابة بعضها وتدمير بعضها الآخر، حيث أفادت مصادر قيادية في المقاومة لـ»البناء» أنّ ست دبابات إسرائيلية قد أصيبت بصواريخ ضدّ المدرّعات وبالعبوات الذكية على جبهتي خان يونس وبيت حانون توزعت مناصفة بين كتائب عز الدين القسام وسرايا القدس.

نتنياهو الذي يصدر الأوامر بالتراجع لدباباته لمواصلة عمليات القصف ينتظر تسارع الضغوط القطرية والتركية على المقاومة لتخفيض سقف الشروط المتصلة برفع الحصار وقضية الأسرى، وينتظر المدد الديبلوماسي الأميركي والفرنسي لربط فتحه لمعبر بيت حانون بانتشار مراقبين دوليين عليه بعدما صار أمر فتح معبر رفح محسوماً في أيّ وقف للنار بوضعه في عهدة الحكومة الفلسطينية الجديدة.

لبنان المتفاعل مع ما يجري في غزة، بين من يراها حرباً للمقاومة مع «إسرائيل»، ومن تتوزع مشاعره على ضفتي الحرب فيدعو إلى نصر حماس وهزيمة المقاومة من دون أن يجد تفسيراً لذلك، والمستمع يتساءل كيف ذلك؟ وينتظر ماذا بعد؟ كما لم يجد الذين استمعوا إلى الرئيس سعد الحريري تفسيراً لكلامه، وهم يتساءلون دفعة واحدة ماذا بعد؟ والسؤال بلا جواب إلا بالانصراف لطعام الإفطار عملاً بقاعدة «طعمي التمّ بتستحي العين»، كي لا يتساءل أيّ من الحضور هل هذه هي المفاجأة التي وعدتنا بها؟

«المستقبل» يُقفل المعالجات

ضرب تيار المستقبل الاتصالات لإيجاد مخرج للقضايا المعيشية العالقة عرض الحائط. وأعلن أنّ الاتصالات مع حركة أمل وصلت إلى طريق مسدود، وأن لا جلسة تشريعية لإقرار السلسلة من دون أن يقدم وزير المال علي حسن خليل إيرادات موثقة، في حين أنه يريد المقايضة بين إقرار السلسلة من جهة وإعطاء الرئيس فؤاد السنيورة صك براءة عن الـ 11 مليار دولار التي صرفها من خارج القاعدة الاثني عشرية.

ووفق مصادر على صلة بالمفاوضات التي حصلت ما بين «المستقبل» و«أمل»، فإنّ السنيورة وفريقه بدوا أكثر تشدّداً بعد زيارته إلى السعودية ولقائه رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري وربما مسؤولين سعوديين. ولاحظت المصادر أنّ بيان كتلة «المستقبل» الذي صدر بعد ساعات من عودة السنيورة من جدة كشف بوضوح أنّ «المستقبل» يقفل الأبواب على أي مخارج لإقرار سلسلة الرتب والرواتب، إلا برفع الضريبة على القيمة المضافة على كلّ المواطنين، وأيضاً في قوننة رواتب الموظفين، إذ يرهن حضور الجلسة التشريعية لذلك بتسوية ملف الإنفاق غير القانوني في عهد حكومة السنيورة.

اجتماع مع نادر الحريري ينتهي سلبياً

وبحسب المصادر، فإنّ اللقاء الذي حصل مساء أول من أمس بين وزير المال علي حسن خليل ومستشار الحريري نادر الحريري بحضور الوزير وائل أبو فاعور انتهى إلى مقاربات سلبية للموضوعين الأساسيين اللذين جرى التركيز عليهما. فعلى مستوى إقرار السلسلة أعاد مستشار الحريري الربط بين الموافقة على إقرارها برفع الضريبة على القيمة المضافة، وهو الأمر الذي رفضه وزير المال. وفي خصوص قوننة الرواتب، أعاد نادر الحريري تكرار الموقف ذاته الذي كان أعلن عنه السنيورة ونواب كتلته، من حيث الربط بين الموافقة على هذه القوننة وبين تسوية ما يُسمّى قطع الحساب من عام 2005 حتى اليوم، وهو ما يعني تبرئة السنيورة من المخالفات التي ارتكبها خلال ترؤسه للحكومة. وأما أن تبقى مخالفة القانون في صرف الرواتب على أساس سلفات الخزينة، وانطلاقاً من قانون المحاسبة العمومية، وهو الأمر الذي رفضه الوزير خليل، مؤكداً أنه لن يقوم بأي مخالفة للقانون مهما كلّف الأمر.

وأشارت المصادر، إلى أنّ الحريري اقترح أن يُصار إلى عقد جلسة لإقرار سندات «اليوروبوند» بحجة أنّ هناك استحقاقات على الدولة، لكن الردّ كان أنّ الأمور الحيوية التي تهمّ اللبنانيين أهمّ من سندات «اليوروبوند».

وبذلك تقول المصادر إنّ «الاجتماع انتهى على «زغل» إذ باتت المواقف أكثر تشنجاً وأكدت أنّ موقف «المستقبل» السلبي موجّه للنائب جنبلاط قبل أن يكون موجّهاً للرئيس بري، خصوصاً أنّ رئيس «التقدمي» يدرك مدى المخاطر التي تهدّد لبنان ليس سياسياً واقتصادياً فحسب، بل أمنياً في ظلّ الحريق الحاصل في المنطقة.

الجراح: تسديد غلاء المعيشة من السلسلة مخالف للقانون

وعقد نائبا تيار المستقبل جمال الجراح وغازي يوسف مؤتمراً صحافياً مشتركاً في المجلس النيابي للردّ على وزير المال علي حسن خليل.

وأكد أنّ القوننة يجب أن تطبّق على كلّ المرحلة السابقة من عام 2005 إلى عام 2013 من دون استثناء، لا سيما أنّ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي أنفقت 12500 مليار كسلفات خزينة، وأنّ كتلة التحرير والتنمية كانت مشاركة في الحكومة التي ارتكبت ما ارتكبته من مخالفات قانونية.

الرواتب لن تدفع إلا بالقانون

في المقابل رفض مصدر نيابي في التحرير والتنمية لـ«البناء» المخرج القاضي بأن يغادر الوزير خليل البلاد عدة أيام يوقع في خلالها وزير المال بالوكالة آلان حكيم قرار تسديد الرواتب للقطاع العام، مؤكداً أنّ الرئيس نبيه بري لن يقبل به وأنّ الرواتب لن تدفع بتكرار المغالطات الدستورية إنما وفق القوانين.

وأشار الوزير خليل إلى «أنّ الجرّاح ويوسف يتحدّثان بأمور كثيرة فيما المطلوب تشريع مخالفات المرحلة السابقة»، داعياً إياهما «للذهاب إلى مجلس النواب لإقرار مشروع قانون بفتح اعتمادات إضافية للإنفاق». وقال: «إنّ التهويل وخلافه لن يثنيانا عن الالتزام بالموقف القانوني».

«لا تغني ولا تسمن»!

وكما أشارت «البناء» في اليومين الماضيين، فإنّ ما طرحه الحريري في إفطار تيار «المستقبل» لا يُعَدّ أي مبادرة جدية وملموسة يمكن أن تُفضي إلى حلحلة الاستحقاقات التي تواجهها البلاد، وكلّ ما قدّمه مجرّد عناوين عامة «لا تسمن ولا تغني»، ما يشير بوضوح إلى أنّ الحريري و«تياره» مصرّون على أخذ البلاد باتجاه ما يخدم مصالح هذا الحليف وإلا التعطيل.

وطرح الحريري ما وصفه خريطة طريق تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية تتقدم على أي خريطة أخرى، تشكيل حكومة جديدة تتولّى مع الرئيس الجديد مواجهة المرحلة وإجراء الانتخابات النيابية، وانسحاب حزب الله من سورية، إعداد خطة وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب بكلّ أشكاله. معتبراً أنّ مواجهة الإرهاب مسؤولية وطنية تقع على عاتق الدولة، التوافق على خطة طوارئ لمواجهة النزوح السوري إلى لبنان، إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها القانونية، وتجنّب أي شكل من أشكال التمديد لمجلس النواب، ورأى أنه من دون ذلك، يعني دخول لبنان في سيناريو انهيار كامل للدولة.

ورمى الحريري «كرة» الانتخابات الرئاسية في مرمى الأطراف المسيحية. ورداً على اقتراح العماد عون بانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب بالقول: «إن أي محاولة للقفز فوق صيغة الوفاق الوطني واتفاق الطائف خطوة في المجهول».

مصادر 8 آذار: كلامه لا يقدّم ولا يؤخّر

وقالت مصادر نيابية في 8 آذار لـ«البناء» إن كلام الحريري وما اعتبره خريطة طريق لا يقدّم ولا يؤخّر في معالجة الأزمة. ولاحظت أن ما طرحه الحريري ليس جديداً، ويجري التشاور به بين الأطراف السياسية. وأما المواقف المتصلة بالقضايا الأخرى فهي تشكل تكراراً لما يصدر عن كتلة «المستقبل». وأضافت أن ما يمكن استنتاجه مع مضمون كلمة الحريري أنه وفريقه لا يريدون تسهيل معالجة الاستحقاقات الداهمة بدءاً من الاستحقاقات الحياتية والمعيشية.

إطلالة للسيد نصر الله

من ناحية أخرى من المتوقع أن يطلّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله خلال مناسبتين: الأولى تبقى غير مؤكدة، وهي بعد غد الأحد في ليلة القدر، والثانية مؤكدة في يوم القدس الواقع في 25 الجاري وما قد تتضمّنه من معطيات ومواقف جديدة من الاستحقاق الرئاسي وصولاً إلى ما يجري من مواجهات في القلمون مع المجموعات الارهابية بالإضافة إلى العراق والعدوان «الإسرائيلي» على غزة.

إجراءات أمنية جنوباً

جنوباً كثف الجيش اللبناني و«اليونيفيل» إجراءاتهما الأمنية ودورياتهما على طول الحدود مع فلسطين المحتلة وداخل القرى الجنوبية في ظلّ انتشار أمني كثيف لضبط الوضع والحؤول دون أي زعزعة لاستقرار المنطقة. وكثّف اللواء التاسع في الجيش دورياته ونقاط التفتيش في كلّ قرى المنطقة للتأكد من هويات المواطنين وأوراق السيارات. كما سيّرت اليونيفيل دورياتها على طول الحدود متّخذة بعض نقاط مراقبة، كما وجالت مروحية دولية فوق الخط الأزرق. ترافق ذلك مع استمرار تحليق طائرة الاستطلاع الاسرائيلية من دون طيار الـ MK في أجواء قرى منطقة مرجعيون.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى