عذراً أهلنا في لبنان

جمال العفلق

ليست مجرّد صدمة، هو جَرح آخر في جسد الوطن السوري، جرح إنساني لا تحملون أنتم أيّ وزر فيه ولا أيّ إثم هو جرح أطفال سورية في ضيافتكم…

ولأنّ بوصلتنا ثابتة ولا تقبل المساومة، ومهما ارتفع موج البحر، فشراع سفينتنا لا يعرف إلا طريق المقاومة.

في مثل هذه الأيام كانت حرب الكرامة وحرب رجال الله في الميدان في مثل هذه الأيام، كما يومنا هذا، كانت صواريخ المقاومة تدكّ حصون الصهيونية صواريخ اليوم في فلسطين هي سورية وإيرانية ووصلت إلى المقاومة عبر سورية كما صواريخ الأمس في حرب تموز 2006 التي أطلقها رجال الله من جنوب لبنان.

في مثل هذه الأيام إبان حرب تموز كانت أبواب دمشق كما كانت دائماً مشرعة لإخوتنا، وكان ياسمين الشام يُفرش في درب العوائل والأهالي، وبيوت أهل سورية فُتحت لكلّ من تجاوز بوابة المصنع. ولمن لا يريد ان يفهم ولا يريد ان يعرف فإنّ دمشق اليوم تدفع ثمن مواقفها ودعمها للمقاومة وللخط المقاوم.

أهل سورية كما أهل لبنان المقاومون دفعوا من دمهم ومالهم – وما الحرب التي شنّت عليهم اليوم إلا واحدة من حروب الإبادة والتدمير أخذت البشر والحجر، انّ بلاد الشام اليوم على بركان – صراع دامٍ بين خطين لا ثالث لهما… خط المقاومة والكرامة من فلسطين الى بغداد وخط العمالة والرضوخ والتبعية العمياء للصهيونية العالمية خط التفرقة المذهبية والطائفية المقيتة ذلك الخط الذي تغذيه أموال الجهل، فما ان سمع الناس اسم الطفل الضحية في مقطع لم يتجاوز الدقيقتين حتى كشر الطائفيون عن أنيابهم وبدأ الشحن الطائفي واستخدمت أسوأ الألفاظ في الشهر الحرام.

أقول الطفل الضحية ليس الذي مورست عليه تلك السادية المريضة وتحت أعين البالغين، إنما ذلك الصغير البريء الذي حرّضه البالغون على فعل لا يعرف هو معناه ولا يدرك المقصود منه.

مقطع تناولته وسائل التواصل والمحطات وأصبح قبلة الصراع، وكأن هذه الأمة قد أنهت كل أزماتها وحروبها وهذه حربها الباقية. نحن اليوم نعيش حرباً كونية، عوائل تُباد في فلسطين كما في العراق وفي سورية، طيران الكيان الصهيوني بوقود عربي يقتل الأطفال على شواطئ غزة، وسيارات مفخخة وقتل على الهوية في عواصم بلاد الشام، وجامعة عربية التزمت الصمت ومنظمة التعاون الإسلامي ليست بأفضل حال منها – وحقوق الإنسان الدولية فقدت القدرة على النطق أمام جرائم الصهيونية العالمية، اليوم ونحن نعيش ذكريات انتصار تموز 2006 ونعيش حرب المقاومة في فلسطين وقلوبنا ترقص فرحاً على رغم جراحنا مع كلّ صاروخ يدكّ حصون الصهيونية ويزعزع قلوب قطعان المستوطنين في الكيان الغاصب.

نحن بوصلتنا فلسطين ولن تغيّرنا الحوادث العابرة، نحن خط المقاومة الرافض للذلّ والهوان، نحن من آمن بأن «إسرائيل» أوهن من بيت عنكبوت، وأنّ الأرض لنا وستعود لنا، ولن تغيّرنا أفعال المرضى والمهووسين المدفوعين إما بالحقد أو بالمال.

وسورية اليوم تفتخر بأنّ رجال المقاومة دافعوا عنها ووقفوا الى جانب جيشها، وليس في السوريين من ينكر الفضل او الجميل، ولكن من حقنا ان نشكو، لعلّ صوتنا يصل الى أهل العقد والحلّ، فحقنا عندهم وليس عند أحد سواهم. فباسم كلّ طفل لبناني وسوري وفلسطيني أقول لهم إنّ أطفال اليوم هم رجال المستقبل، فلا تسمحوا لهم بتدميرهم وتخريب عقولهم، فحربنا طويلة ولم تنتهِ بعد وإنْ خسرنا هذا الجيل سنحتاج الى عقود أخرى حتى نعيد البناء من جديد.

عُذراً أهلنا في لبنان فهذه ليست شكوى:

إنما ظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى