عين دارة: بين معمل الباطون وتزوير ملكية المشاع
يوسف الصّايغ
تسلطت الأضواء مجدّداً على بلدة عين دارة في قضاء عاليه من باب عودة الحديث عن المساعي المبذولة للسير بمشروع إنشاء مجابل للباطون على أراضٍ تابعة لمشاعات البلدة، مع ما يرافق ذلك من حديث عن عمليات تزوير حصلت للحصول على ملكية تلك العقارات لبناء المعمل عليها بعد أن تمّ رفضه من قبل أهالي زحلة، ما أدى إلى نقل المشروع إلى منطقة عين دارة الرازحة تحت خطر التلوث النّاجم عن الكسّارات والمرامل التي فتكت بجبالها وطبيعتها.
تحريك الملف مجدّداً
جديد القضية يتمثل بإعادة تحريك موضوع جبّالات الباطون التي يرتبط اسم النائب نقولا فتوش بها، وإن بشكل غير مباشر، عبر شقيقيه بيار وموسى، حيث يجري العمل على استكمال الإجراءات القانونية، لجهة الحصول على موافقة وزارتي الاقتصاد والبيئة والمجلس الأعلى للتنظيم المدني لإنشاء معمل «كلينكر» لصناعة الإسمنت وتوابعه، وبات السؤال المطروح الآن من قبل أهالي وفعاليات عين دارة: «هل حصل النائب فتوش على موافقة من بلدية البلدة لإنشاء المعمل بعد حصوله قبل حوالي العام على رخصة من وزارة الصناعة، أم أنه يعمل للحصول على قرار من مرجعية أعلى من سلطة البلدية لاستكمال مشروعه وفرضه بالقوة؟
وفي السياق، تؤكد مصادر رفيعة في بلدية عين دارة لـ»البناء»، فضلت عدم ذكر إسمها، أنّ الموضوع الآن تتم إثارته تزامناً مع الحديث عن قرب موعد الانتخابات البلدية، وبالتالي أصبح الموضوع مادة للتداول الإعلامي وتسويقه في المشاريع الانتخابية. وتفيد المصادر عينها بأنّ البلدية لم تُعطِ موافقتها للأخوين فتوش على مشروع إقامة المعمل وتمّ رفضه قبل عام من الآن».
كيف بات العقار 4314 ملكاً خاصّاً؟
في المقابل، تقول جهات مطّلعة على الملف من بلدة عين دارة لـ»البناء» إنه وإلى جانب رفض إقامة المعمل وتوابعه، نظراً للخطر البيئي وتلويث الهواء بعد أن لوّثت الكسارات والمرامل مياهنا الجوفية، «فإنّ علامة استفهام ترتسم حول العقار رقم 4314 الذي حصل النائب فتوش على ملكيته بموجب حجّة بيع. وتلفت الجهات المذكورة إلى أنّ حجة البيع غير قانونية ومن خلال الاطّلاع عليها يتبين أنها موقعة في العام 1925 وعليها ختم الدولة العثمانية، بينما الكلّ يعرف أنّ لبنان كان خاضعاً للانتداب الفرنسي في تلك الحقبة، الأمر الذي يفضح عملية التزوير الحاصلة».
وتضيف: «إنّ العقار المذكور مُحاط بعقارات جميعها أراضي مشاع فكيف تمّ استملاك هذا العقار وبيعه»؟ وتستند الجهات المطّلعة إلى الخرائط والإفادات العقارية التابعة للمشروع الأخضر، والتي تشير إلى أنّ العقارات الواقعة أعلى وأسفل الطريق المؤدي إليه المشروع جميعها أراضي مشاع ومن ضمنها العقار رقم 4314، «فكيف بات هذا العقار ملكاً خاصاً»؟ وتكشف الجهات المطلعة أنه «تمّ ضم أرض تبلغ مساحتها 350 ألف متر مربع إلى العقار المذكور فبات جزء من طريق المشروع الأخضر خاضع لملكية النائب فتوش، وتربط التزوير الحاصل بعملية المسح التي حصلت قبل العام 1990 حيث كانت البلديات غير موجودة، وعليه كانت الأمور تتم بناء على إفادة من المختار وعدد من الشهود، ما جعل مساحة مشاع البلدة تتقلص من حوالي 8 ملايين متر مربع إلى 200 ألف متر مربع فقط في الوقت الحالي بفعل عمليات التزوير التي تمّ بموجها استملاك أراضي المشاع بموجب حجج مزورة تمّ تمريرها».
وتختم بأنّ ضغوطاً تمّت ممارستها على بلدية عين دارة ما دفعها إلى التنازل عن القضية التي سبق أن رفعتها على شقيقي النائب فتوش لضمِّهما أرض مشاعٍ تُقدَّر مساحتها بحوالي 200 ألف متر مربع.
مطالبة بإلغاء القرار 3/2014
في تموز من العام 2014 رفع أهالي بلدة عين دارة كتاباً إلى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق طالبوا فيه بوقف القرار رقم 3/2014 الصادر عن المجلس البلدي بأكثرية 8 أعضاء من أصل 15 عضواً والقاضي بسحب الدعوى المرفوعة ضدّ بيار وموسى فتوش وذلك بطلب من رئيس البلدية الذي تمّ رفع قضية ابتزاز ضدّه ما دفعه إلى الطلب من المجلس البلدي التراجع عن الدعوى.
وبناء على ما سبق، طالب أهالي البلدة بوقف تنفيذ القرار رقم 3/2014 الصادر بتاريخ 8/7/2014 والتحقيق في أسباب اتخاذه ومسؤولية رئيس البلدية في دعوى الابتزاز المرفوعة ضدّه والتي أكد أنه سيدخل السجن بموجبها، مع الإشارة إلى أنّ رئيس البلدية سبق له أن تنازل عن دعوى أخرى كان قد رفعها على الأخوين فتوش بشأن عدم أحقية تملُّكهما العقار رقم 4314 كما هو مُثبت في الحكم رقم 80 بتاريخ 30/9/2014 الصادر عن محكمة الاستئناف المدنية في جبل لبنان.
رفض المجلس البلدي
أصدر مجلس بلدية عين دارة في آذار من العام الفائت قراراً جاء فيه: «بتاريخ 28-3-2015 اجتمع مجلس بلدية عين دارة، في حضور رئيسه المهندس سامي حداد ونائب الرئيس دانيال يمّين والأعضاء: يوسف وهبة، الياس حداد، أسعد حداد، عبدالله بدر، الياس يمّين، ميشال هيدموس، خطار زيتوني، باسم بدر وبسام حداد، وذلك بناء على دعوة رئيسه التي بلغت في حينه وفقاً للمادة 32 من قانون البلديات رقم 188/77، وتعديلاته لبحث وإقرار الأمور التي دُعي المجلس من أجلها. قرار المجلس تقدم السيدان بيار وموسى فتوش بطلب إلى المجلس البلدي بإنشاء مجمع صناعي يتضمن صناعة الإسمنت على أنواعه و«الكلينكر» ومطاحن إسمنت وغيرها من الأنشطة الصناعية المختلفة في منطقة عين دارة العقارية. كما ورد في الكتاب المُقدّم من السادة بيار وموسى فتوش المُسجَّل في البلدية تحت رقم 223 تاريخ 27-3-2015، طالبين إحالة الطلب إلى المجلس البلدي لاتخاذ القرار المناسب بشأنه، وبناء على ذلك تمّت دعوة المجلس البلدي في تمام الساعة الثالثة والنصف من يوم السبت الواقع في 28-3-2015، من قبل رئيس البلدية المهندس سامي حداد، وبعد التداول ونظراً لرأي جميع الأعضاء عن خطورة المشروع المقدم، وآثاره على الصحة والبيئة في منطقة عين دارة العقارية وجوارها، تمّ رفض الطلب جملة وتفصيلاً بإجماع الأعضاء الحاضرين».
قضية حياة أو موت
وأصدر مختار عين داره أنطوان بدر، من جهته، بياناً باسم أهالي البلدة ناشد فيه المسؤولين المساعدة على وقف مشروع معمل الإسمنت في أراضي عين دارة. وأشار البيان إلى أنه وبعدما أثارت بعض وسائل الإعلام مشكورة، خبراً مفاده عزم السيد بيار فتوش على إنشاء معمل إسمنت في عين دارة، سبق وفشل في إنشائه في أماكن كثيرة من لبنان، بدءاً من زحلة، وصولاً إلى مقنة، وحيث حاول سابقاً الاستحصال على رخصة لإنشائه في عين دارة رُفضت من قبل المجلس البلدي بالإجماع، وبعد أن أُثير لاحقاً حصوله على رخصة من وزارتي الصناعة والبيئة من دون موافقة بلدية عين دارة، وبما أنّ إقامة هكذا معمل تُعتبر أشدّ فتكاً من الإرهاب العسكري، كون ضرره بمثابة الموت الحتمي للبلدة، خصوصاً أنّ الحياة في عين دارة أصبحت كجحيم لما تُشكله انبعاثات الكسارات، وبناء على ما تقدم، وبعد التداول، قرر أهالي عين دارة مجتمعين، الوقوف في وجه هكذا مشروع مهما كان الثمن، معتبرين القضية قضية حياة أو موت، ومناشدين المسؤولين الروحيين والزمنيين المساعدة لإنهاء مشروع الموت هذا».