القوات لن تسمّي أحداً في الاستشارات… والمستقبل والاشتراكي للمشاركة بتسمية الخطيب الأمطار غمرت الساحل فتعطلت الطرقات… والفضيحة تتكرّر… ولا مسؤول الدولار يتراجع بأمل التكليف والتوقّعات بنقلة ثانية بعد الاثنين… وثالثة مع التأليف
كتب المحرّر السياسيّ
بات اللبنانيون يريدون حكومة، أي حكومة، بعدما أذاقهم التلاعب بالحراك الشعبي وتحويله إلى منصة للعبة مبرمجة تهدف إلى إنهاء الحراك عبر اليأس من تحقيق أي إنجاز، ومنح الجهات الداخلية والخارجية الهادفة لتمرير أجندات خبيثة فرصة الاستثمار بتلقف كرة الدعوة إلى استقالة الحكومة التي تمّ إلباسها ذات ليل للحراك بقوة محطات تلفزيونية وجمعيات مموّلة دولياً وبعض الناشطين الخبراء. وصارت شعار الحراك، فتلقاها رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، واستقال وارتاح، وأمضى أربعين يوماً من الاستقالة يمسك بزمام المبادرة باعتباره رئيس الكتلة الأكبر التي يفترض أن يخرج منها اسم الرئيس المكلف المنتمي للطائفة التي تمثل كتلة المستقبل أكبر كتلها النيابية. ونامت المطالب في الانتظار من تخفيض فواتير الهاتف الخلوي وحسم أمر صدورها بالليرة اللبنانية، إلى تحريك قروض الإسكان، وتخفيض الفوائد المصرفية على القروض التجارية، وإعادة هيكلة ديون المصارف ونسب الضريبة على أرباحها، وسواها من الإجراءات التي كانت تتّسع لتحقيقها الأربعين يوماً، بما فيها عقد مؤتمر سيدر وبدء تنفيذ التزاماته، بعدما يكون المجلس النيابي، الذي تمّ تعطيله باستخدام الحراك مجدداً، قد أنجز الموازنة العامة، وأقرّ سلة قوانين طالب الشعب بها لمكافحة الفساد، لا زالت تنتظر. فسافر المطلوبون للمساءلة وقاموا بتهريب أغلب أموالهم، فيما الحراك منشغل بالضغط على رئيس الجمهورية لتحديد موعد الاستشارات النيابية، ليفاجأ أن الحكومة الآتية تشبه بقواعد تشكيلها ورموزها ووزرائها الحكومة المستقيلة، لكن بعدما صار لسان حال الناس نريد حكومة، وليس مهماً مَن يترأسها ومَن يشارك فيها، وقد أظهرت التظاهرة الرمزية أمام منزل المهندس سمير الخطيب حجم التراجع في الزخم الشعبي تجاه المشاركة في معارك تتصل بتوازنات القوى المشاركة في الحكم، ولا تقدّم ولا تؤخّر في الشؤون التي تهمّ الناس أساساً، وفي مقدّمها سياسياً إقرار قانون انتخاب جديد خارج القيد الطائفي ووفقاً للنظام النسبي ولبنان دائرة واحدة، كان متاحاً إقراره بضغط شعبي حيوي وفاعل، وبات مصيره معلقاً لما بعد نيل الحكومة الجديدة الثقة.
بانتظار موعد الاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، يوم الاثنين، تتبلور مواقف الكتل النيابية التي كان أبرزها إعلان القوات اللبنانية عزوفها عن التسمية، ما رأت فيه مصادر نيابية تراجعاً عن تسمية الرئيس سعد الحريري، الذي تمسّك بتمسيته الرئيس نجيب ميقاتي وكتلته. ولعزوف القوات عن تسمية الحريري وفقاً للمصادر النيابية تفسير وحيد هو ثقة القوات بأن الحريري ماضٍ بتسمية الخطيب والمشاركة بحكومته، ومثله سيفعل النائب السابق وليد جنبلاط، بحيث يصير الجدل حول مصير الاستشارات النيابية واحتمال تأجيلها أو تبدّل مناخاتها، مستبعداً وفقاً للمصادر ذاتها.
الفضيحة التي وقعت على رؤوس اللبنانيين كانت مع الفيضان الذي غمر الطريق الساحلية بين بيروت والجنوب في منطقة الناعمة، في تكرار لفضائح كل بداية لوسم الأمطار، وتقاذف المعنيون المسؤوليات، وبقيت الكارثة التي أصابت منازل المواطنين في المنطقة بخسائر كبيرة، وأخذت آلاف السيارات وركابها رهائن لساعات امتدّت من الصباح حتى بعد الظهر.
على الصعيد المالي سجل مع الإعلان عن موعد الاستشارات النيابية هبوط سعر دولار بيروت من 2200 ليرة إلى ما دون الـ 2000، وتوقّعت مصادر مصرفية انخفاضاً ثانياً بعد مرسوم التكليف، وانخفاضاً ثالثاً مع إعلان تشكيل الحكومة، بحيث يرسو الدولار على سعر قريب من السعر الرسمي، ليستقرّ على هذا السعر مع نيل الحكومة الثقة النيابية وبدء عملها الدستوري، الذي سيكون تحريك أموال سيدر في طليعتها.
بعد إعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انطلاق الاستشارات النيابية الملزمة الاثنين المقبل لتكليف رئيس لتأليف الحكومة، تترقب الأوساط السياسية والشعبية ما ستؤول اليه هذه الاستشارات، فيما لم يلحظ يوم أمس تغيراً في موعد الاستشارات ولا في مواقف الأطراف لا سيما الرئيس سعد الحريري الذي لا يزال على موقفه بتسمية المرشح سمير الخطيب، بحسب ما قالت مصادره لـ»البناء». واستمرت المشاورات على أكثر من صعيد بعيداً عن الإعلام لاستكمال الاتفاق على التأليف بعد حسم مسألة التكليف حتى الساعة، رغم وجود مخاوف من حصول مفاجآت في ربع الساعة الأخير تؤثر على مسار الملف. وهذا ما ألمح اليه الرئيس نجيب ميقاتي الذي أعلن أن كتلته ستسمّي الحريري كاشفاً عن أسماء سياسية قد تظهر على الساحة قبل بدء الاستشارات. وسط استمرار رؤساء الحكومات السابقين والنائب نهاد المشنوق حملتهم على رئاسة الجمهورية على خلفية تعاطيها مع ملف التكليف والتأليف في محاولة واضحة لعرقلة الاتفاق على الخطيب.
ولفتت مصادر بيت الوسط لـ»البناء» الى أن «موقف الحريري لم يتغيّر بدعمه للخطيب وسيتشاور مع كتلته النيابية لاتخاذ الموقف النهائي، لكن الاتجاه هو تسمية الخطيب الاثنين».
ولفتت مصادر سياسية لـ»البناء» الى أن «موقف كتلة المستقبل يحدّد مسار الاستشارات»، ولفتت الى «إمكانية أن تحصل تطورات حتى الاثنين تخلط الأوراق ملمّحة الى تحركات شعبية غير مسبوقة ستشهدها الساحات والشوارع نهاية الأسبوع قد تؤثر على مواقف بعض الكتل النيابية لا سيما كتلة المستقبل»، مضيفة أن «الاستشارات ستكشف مدى جدية تأييد الحريري للمرشح سمير الخطيب»، فيما رجّحت مصادر أخرى اتجاه كتلة المستقبل الى وضع أصواتها في عهدة رئيس الجمهورية؛ الأمر الذي يحتسب موافقة ضمنيّة بناء على حالات سابقة».
وفُهم من كلام رئيس القوات سمير جعجع أن حزبه لن يشارك في الحكومة، ووصف في مؤتمر صحافي الأخصائيين في الحكومة بأنهم مجرد ديكور للقوى السياسية ذاتها.
واستمرّ الحراك بالتظاهر وقطع الطرقات في عدد من المناطق، لا سيما في مناطق تُعدّ مناطق نفوذ لـ»القوات» وتيار المستقبل، لكن هيئة شؤون الإعلام في «المستقبل» أكدت في بيان أمس أن «التيار غير معني لا من قريب ولا من بعيد، بما يتمّ تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي من بيان منسوب الى ما يسمّى «الهيئة الداعمة للشيخ سعد الدين رفيق الحريري» يدعو إلى مسيرة باتجاه بيت الوسط، صباح السبت في 7 كانون الأول الحالي، تحت عنوان «معك يا شيخ سعد» ودعم الطائفة السنية، ويهمّ «تيار المستقبل» التأكيد على أن الدعوة صادرة عن جهة مجهولة وهي غير موجودة في الأساس، وينبّه المحازبين وكافة المواطنين الى وجوب عدم التعامل معها».
وأشار الوزير محمود قماطي الى أن «هناك تأكيداً حتى الآن على أن التكليف سيحصل الاثنين، بحسب الالتزامات التي حصلت بين الفرقاء». وأشار قماطي في حديثٍ تلفزيوني إلى أن «كل الاهتمام ينصبّ على التكليف ولا يتطرق الى الامور الأخرى سواء لجهة النسب في التمثيل داخل الحكومة والحقائب وتوزّعها وحول الحراك وتمثيله بالحكومة بل تم طرح عناوين من دون حسم للنتائج»، وكشف أن «حزب الله سيشارك في الحكومة على المستوى السياسي»، وقال: «تجربتنا على مستوى الاختصاصيين أثبتت أنها كانت ناجحة». ولفت إلى أن «معطيات وصلت الى المسؤولين اللبنانيين من أكثر من دولة أوروبية وعالمية وإقليمية عن وعود جدية بمساعدات لكي لا يصل لبنان إلى الانهيار والفوضى».
واعتبر قماطي أن “لبلد يحتاج الى حكومة والخارج ضغط وما زال يضغط لأهداف سياسية إلا أنه بدأ يتراجع”. وقال إن “هناك مساعدات بعد الحكومة”. وشدد على أن “لبنان لم يصل الى مرحلة الانهيار بحسب الرأي الاقتصادي ومصلحة لبنان فوق كل اعتبار”.
الى ذلك، أكد حزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي على ضرورة تحصين لبنان في وحدته واستقراره وعناصر قوته، والتمسك بالخيارات الوطنية التي تحفظ لبنان موقعاً ودوراً بوجه العدوانية “الإسرائيلية” وسياسات الهيمنة الأميركية، لا سيما سياسة إحداث الفتن في لبنان والمنطقة، وصون معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي تحمي لبنان وتردع العدو، وأكدوا أن أي قوة في العالم لم تستطع في السابق ولن تستطيع في المستقبل فرض مشيئتها على لبنان، الذي استطاع بمقاومته وصموده وتضحيات أبنائه أن يحرّر أرضه ويلحق الهزيمة بالعدو الصهيوني.موقف الحزبين جاء بعد زيارة وفد من قيادة القومي ضم نائب رئيس الحزب وائل الحسنية، عميد الخارجية قيصر عبيد وعميد الإعلام معن حمية، الى رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم أمين السيد بحضور الوزير قماطي ود. علي ضاهر وسعيد نصر الدين، جرى خلال اللقاء عرض الأوضاع العامة والمستجدات السياسية، واعتبر المجتمعون أن مطالب الناس المعيشية والاقتصادية هي مطالب محقّة ومشروعة، وعلى الحكومة المقبلة تحقيقها بالسرعة القصوى، والبدء بمعالجات جادة وجذرية لكل المشاكل والأزمات الاقتصادية، وصولاً إلى تحقيق الأمن الاجتماعي الذي يشكل أحد عوامل التحصين الوطني، إضافة الى ضرورة الشروع في إصلاحات بنيوية على الصعد كافة.