الحراك فضح الأندية تعلموا من ميساك
} ابراهيم وزنه
انعكست حركة الاحتجاجات المطلبية في لبنان بشكل كبير على الواقع الكروي المحلي، الأندية أطلقت صرختها وأعلنت حالة التقشّف وكذلك ارتفعت نداءات الاستغاثة من اللاعبين والمدربين الذين يعوّلون بنسبة عالية على ما تدرّه رواتبهم من فتات يسعفهم في مواجهة الحياة طلباً لعيش كريم في بلد متخم بالتناقضات والمفاجآت والانقسامات، أما الاتحاد اللبناني لكرة القدم، فقد وقف حائراً أمام اقتراحات رؤساء الأندية المتعددة، وكلّ يغني على ليلاه وهذا أمر طبيعي في بلد مثل لبنان، ومن خضّم هذه المشكلة المستجدة وارتداداتها لفتنا التصريح الذي صدر مؤخراً عن أمين سر أحد أندية الدرجة الأولى، وفيه أشار إلى أن ناديه غارق في عجز مادي كبير ما جعله يطلب من بعض لاعبيه عدم الحضور للمشاركة في التمارين بغية توفير 300 ألف ليرة لبنانية أسبوعياً ، عبارة عن بدل مواصلاتهم للوصول إلى الملعب! وعلى هذا المشهد الدرامي المخيف لا بدّ من تعليق وكلام … ومن دون مجاملات.
بصراحة، كل نادٍ يصل إلى هذا الحد من المعاناة عليه الانسحاب من تحت الأضواء والمسارعة للانزواء في دوري الدرجة الثانية، فأندية الدرجة الأولى في جميع دول العالم هي واجهة اللعبة ومنها يتم اختيار لاعبي المنتخب الوطني، لذلك من الضروري أن تملك مقراً وملعباً وجمعية عمومية وحيثية معينة مع مروحة علاقات تدر بعض المال الرعائي، أما أن يصل الأمر إلى «مد اليد» واستثمار العلاقات مع السعي للوصول إلى الأضواء بغية أخذ الصور على قاعدة «شوفيني يا منيرة» فهذا أمر مرفوض لكونه ينعكس سلباً على اللعبة بشكل عام، وهنا نجدد مطلبنا بأن يضع الاتحاد معايير خاصة ملزمة لأندية الدرجة الأولى، ولا بأس من انقاص عددها، فالمهم النوعية وليس الكمية في هذا المجال، وكفى مجاملة للواقعين المناطقي والطائفي الذي اعتدناه في بلادنا.
في زيارة خاصة لرئيس نادي هومنمن ميساك نجاريان منذ عدّة سنوات، سألته متى سيعود فريقكم إلى الأضواء، وللهومنمن صولات وجولات وبطولات تشهد على تاريخه المرصع بالانجازات، فأجابني «ليس المهم أن نصعد إلى الأولى فحسب، فالمطلوب أولاً هو تأمين موازنة البقاء والمنافسة ومتى توفّر ذلك سترانا في الأولى وهذا أمر سهل علينا». جواب ومنطقي وواقعي علّ من يقرأه يتعظ ويتعلّم… مصيبة أنديتنا أنها تعتاش على المبادرات الفردية، وكثيرة هي الأسماء التي غادرت اللعبة بعدما سئمت من أجوائها غير الرياضية … بعدما فضح الحراك الأندية، نتمنى أن يتحرّك الوعي في نفوس الممسكين باللعبة من اداريين واتحاديين وصولاً إلى اللاعبين والمدربين.