الفرج بالوعي والإيمان والصبر..
يوسف المسمار*
وصلني من الرفيقة سمر خليل هذه المقالة عن القول «الصبر مفتاح الفرج». كتبت فيها: «حين كنت صغيره أخبروني «أن الصبر مفتاح الفرج». وحين يتأخر الفرج نتتظره بالدعاء والصبر، ولكنهم لم يخبروني يوماً «ماذا أصنع حين ينفد الصبر؟»!!.
قالوا انتظر.. غداً يأتي الخير ويسكن بيتنا الفرح.
غداً لن نبكي وجعاً أو ذنباً أو فقراً.
غدا يزدهر العمر وتشرق الشمس ويعلو صوت الحق.
غدا يموت القهر ويطلع الفجر.
غداً تسمو بلادي رغم أنف البعض.
وجاء الغد وبعد الغد ومرّ العمر سريعاً كالبرق؛ لا الفرج أتى ونفد الصبر.. بالله عليكم علّموا الصغير شيئًا غير الصبر.
فالانتظار لم يعد يكفي».
فكان جوابي لها برسالة جاءت تحت عنوان: «الفرج بالوعي والإيمان والصبر»
رفيقتي العزيزة سمر خليل المحترمة
تحيتي السورية القومية الاجتماعية
كلامك عن الصبر جميل، والأجمل منه أن انتظار الصبر لم يعد يكفي، والأجمل من الأجمل هو ما تطلبين لتعليم الصغار شيئاً غير الصبر، ولكن يا رفيقتي العزيزة للصبر شرط أساسي لا يكون الصبر مفيداً بدونه ولن يكون مفتاحاً للفرج مهما الصبر طال ومهما طال التعليم.
صحيح أن المعلم أنطون سعاده قال: «إنكم ملاقون أعظم انتصار لأعظم صبر في التاريخ»، ولكن قوله لم يكن خاطرة تصوّرها في لحظة ألم أو حزن، بل قالها بعد إبداعه عقيدة الحياة المدرحية وبعد تحصينها بنظام العمل لها والجهاد لانتصارها، وبعد تأسيسه الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي هو حزب الأمة في تعاقب أجيالها، وبعد ممارسته القدوة أمام المقبلين على دعوته والمؤمنين بها والعاملين لها وغير المقبلين، بمناقبية أخلاقية عالية هي منار لأمتنا بجميع بناتها وأبنائها وأجيالها في تحقيق نهضتها التي هي في حال تحقيقها وتحققها تكون منارة لغيرها من الأمم من اجل حياة صالحة لعالم صالح يسعى الى القيم العليا التي يزداد صلاحها، كلما ارتقت الأجيال وامتد الزمان، حتى يكون الصبر مفتاح الفرج بعد توفر الشرط الأساسي لنوع الصبر الذي هو هو مفتاح الفرج والذي لن يتحقق إلا بفهم القول الكامل للمعلم سعاده المشروط (بإذا) والذي هو: «فإذا تمسّكتم بإيمانكم القومي الاجتماعي الذي هداكم الى الحق كل التمسك الذي لزمتموه حتى الآن، وصبرتم على الشدائد والمكاره كل الصبر الذي يحتلّه طيب عنصركم، فإنكم ملاقون أعظم انتصار لأعظم صبر في التاريخ». وهذا القول الحكيم جاء بعد استشراف سعاده بما تمكن منه من معرفة وعلم للحالة التي سنصل اليها بناء على العقلية الفردية الأنانية في الداخل التي تبعد أبناء الأمة عن حركة النهضة، وبناء على استشراف المطامع الخارجية في بلادنا التي تهدد حركة النهضة السورية القومية الاجتماعية بالجمود والسقوط والتلاشي.
ولهذه الأسباب قال: «إن آلاماً عظيمة، آلاماً لم يسبق لها مثيل، تنتظر كل ذي نفس كبيرة فينا، اذ ليس على الواحد منا أن ينكر ذاته فحسب بل عليه أن يسير وحيداً بلا أمل ولا عزاء، لأن حياتنا الاجتماعية والروحية فاسدة. فكيفما قلبت طرفك رأيت حولك نفوساً صغيرة متذمّرة من الظلمة التي هي فيها، ولكنها لا تجرؤ على الخروج الى النور. واذا وجدت نفساً تمد يدها اليك مريدة أن ترافقك في سيرك نحو النور وجدتَ ألف يد أخرى قد امتدت إليها لتبقيها في الظلمة. ليس لابن النور صديق بين أبناء الظلمة، وبقدر ما يبذل لهم من المحبة، يبذلون له من البغض».
فالفرج آتٍ يا رفيقتي وحتمي لا مفرّ منه، ولكن إذا تمسكنا بإيماننا القومي الاجتماعي النهضوي الذي هو الشرط الأول، وصبرنا على الشدائد والمكاره الداخلية والخارجية بإيمان عظيم وجهاد عظيم، فإن الصبر العظيم يكون بعد ذلك مفتاح الفرج ونلاقي: «أعظم انتصار لأعظم صبر في التاريخ»، وتكون إرادة أمتنا قدراً لا يُردّ بحزبها السوري القومي الاجتماعي الذي اتخذ طريقه طريق الحياة الطويلة الشاقة الممتدة الى آخر زمان الحياة.
كلمة أخيرة أقولها هي أن تعليم الصبر أو غير الصبر ليس مفتاحاً للفرج، بل معرفة الحقيقة، وسلوك طريق الحق، وممارسة فضائل الحق بإيمان عظيم، وصبر عظيم، وجهاد عظيم، تتحقق النهضة وتحتل أمتنا المكان المميّز بين الأمم.
هذه شوط الفرج: الوعي العظيم والإيمان العظيم والصبر العظيم.
لك محبتي رفيقتي العزيزة مع تحيتي السورية القومية الاجتماعية
*مدير إعلام عصبة الأدب العربي في البرازيل