بوتين لتفاهم حول أوكرانيا في باريس… ولافروف في واشنطن… والاجتماع الدولي للبنان غداً فضيحة الأمطار وفيلم الفساد الطويل… والمفاوضات الحكومية لحل عقدة الحريري ـ باسيل حردان يدعو المطران عودة للتراجع… لأن المقاومة ظاهرة نبيلة… والجسد اللبناني منهك
كتب المحرّر السياسيّ
في مناخات دولية تتجه للانقشاع عن مناخات إيجابية، تلاقيها مناخات إقليمية مشابهة، تتعقد الأزمة الحكومية بفعل الرهانات التي رافقت ولادتها على أجواء دولية إقليمية كانت مرشحة للتصعيد، وتسبب فارق التوقيت الإيراني السريع بحسم الاضطرابات في إرباك الكثير من الحسابات وإسقاط الكثير من المشاريع، وتحوّلت محاولات السيطرة على انتفاضة الشعب اللبناني لتوظيفها في استقالة الحكومة، من نعمة على الرئيس الحريري بتوفيرها ذريعة الانسحاب من معادلة تعبر عن نتائج الانتخابات الأخيرة التي أنتجت غالبية معاكسة للمجالس النيابية السابقة منذ عام 2005، إلى نقمة لأن الاستقالة ترافقت مع شروط للعودة، وسيناريوات لحكومات برئاسات بديلة كان يتمّ حرقها، على خلفية قراءة الانهيار المقبل، بقرار دولي لتركيع المقاومة وحلفائها، حيث الانتظار لصيف التسويات الموعود بتوازنات جديدة، هو الأفضل، وإذ تتسارع المساعي الهادفة من الخارج لمنع الانهيار واعتباره مصدر خطر يجب تفاديه، بعدما صار صمود المقاومة والحلفاء مع المتغيرات الإيرانية، سبباً كافياً لتبدل البوصلة الغربية، وصار على الرئيس الحريري إيجاد عذر ديني للعودة لرئاسة الحكومة، وربما لتغيير شروط العودة أو تعديلها.
دولياً، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن اجتماعات مجموعة النورماندي التي تضم فرنسا وألمانيا وأوكرانيا، كانت إيجابية جداً في باريس. وقالت المصادر المتابعة في باريس إن جداول زمنية لتبادل الأسرى بين الحكومة الأوكرانية والأقاليم الشرقية التي أعلنت انفصالها، سيجري ترتيبه وفقاً لاتفاقات مينسك، بينما وصل وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إلى واشنطن للقاء نظيره مايك بومبيو تمهيداً للقاء الرئيس دونالد ترامب، حيث ملفات سورية وأوكرانيا وفنزويلا، وخصوصاً الأسلحة الاستراتيجية على مائدة المباحثات، واحتمالات التحضير لقمة روسية اميركية ليس مستبعداً، بينما الانفراجات الإقليمية في العلاقات الإيرانية السعودية التي عبر عنها وزير خارجية عُمان يوسف بن علوي، تتزامن مع انفراجات موازية مع سورية تتولاها الإمارات، وتستضيف باريس لترجمة الاهتمام بتفادي الانهيار في لبنان مؤتمراً تشارك فيه روسيا وأميركا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والصين بالإضافة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية. والبيان المتوقع صدوره يشدّد على الحاجة لتسريع ولادة حكومة فاعلة، دون تحديد تفاصيل كانت ترد في بيانات سابقة كحكومة تكنوقراط، تسهيلاً لما يقوله الفرنسيون عن الحاجة لحكومة جامعة تمثل جميع المكونات اللبنانية، وتستبعد التسويق لفكرة حكومة بدون حزب الله كشرط للتمويل.
سياسياً، لم يبدأ بعد فعلياً التفاوض مع الرئيس سعد الحريري من قبل أطراف الغالبية النيابية، رغم الاستعداد الذي أبداه رئيس مجلس النواب لمساعدة الحريري في تقريب الآراء بينه وبين حزب الله، فيما بدا أن التيار الوطني الحر ورئيسه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل لا يملكان الحماس لدخول هذا التفاوض رداً على ما تصفه أوساط التيار بالمناورات التي رافقت المفاوضات السابقة واستهلكت شهراً وأكثر بلا طائل، وبدا أيضاً أن حزب الله الذي يتحدّث عن فرضية بقاء الأمور لشهر أو شهرين على حالها، متمسّك بعودة الرئيس الحريري، لكنه لم يعد يرى موجباً لشروط وشروط معاكسة، ويدعو لتسريع تدوير الزوايا بروح التعاون والتنازلات المتبادلة لإطلاق الحكومة الجديدة. وتقول المصادر المتابعة إن بداية التفاوض لا تزال مطلوبة عند النقطة التي توقف عندها في بداياته قبل تداول أسماء غير اسم الرئيس الحريري، أي ما تمّ وصفه بعقدة الحريري – باسيل.
دعا رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، المسؤولين الروحيين والسياسيين والاقتصاديين أن يمارسوا أعلى مستويات المسؤولية الوطنية حرصاً على الأمن والاستقرار، وإسهاماً في تيسير الحلول للأزمة المعيشية المتفاقمة وتفرّعاتها.
موقف حردان جاء في تصريح علّق فيه على الكلام الصادر عن مطران بيروت للروم الأرثوذكس المتروبوليت الياس عودة، واستغرب حردان «أن يَصْدُر عن مطران مخضرم كلامٌ يَنِمُّ عن اتجاه بعيد عن الموضوعية، مفتعلاً شرخاً جديداً في الجسد اللبناني، المنهَك أصلاً بعصبيات فئوية تمتصّ حيويته وتحرّضه للتعامي عن الخطر الحقيقي، وتصطنع مأزومية إضافية نحن في غنى عن سلبياتها وتداعياتها».
وأضاف «إن المقاومة يا سيادة المطران عودة هي ظاهرة نبيلة هزمت الاحتلال «الإسرائيلي» والإرهاب التدميري وصنعَتْ لشعبنا رايةً من الشرف والعزّ والكرامة. ونحن، إذْ نستهجن ما أدليتم به أخيراً، نُهيب بكم التراجع عن تصريحكم الأخير إحقاقاً للحق وحرصاً على الوحدة الوطنية التي يجب أن تبقى هاجسنا الأول».
وانعكس تأجيل الاستشارات النيابية الى الاثنين المقبل حالة من الاسترخاء السياسي والحكومي، فيما تتجه الأنظار الى باريس التي تستضيف مؤتمراً دوليًا بشأن لبنان غداً الهدف منه بحسب بيان وزارة الخارجية الفرنسية «دفع بيروت للإسراع بتشكيل حكومة يمكنها تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد».
وقد حدد البيان مواصفات الحكومة التي تؤيدها فرنسا مستبدلاً مصطلح «تكنوقراط» الذي يردده الأميركيون بكلمة «حكومة فاعلة»، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول: «ينبغي أن يُمكّن هذا الاجتماع المجتمع الدولي من الدعوة إلى التشكيل السريع لحكومة فاعلة وذات مصداقية تتخذ القرارات الضرورية لاستعادة الوضع الاقتصادي وتلبية الطموحات التي عبّر عنها الشعب اللبناني».
وعوّلت مصادر سياسية لـ»البناء» على مؤتمر باريس عله يفتح ثغرة في جدار الأزمة ويشكل الدعم المالي الموعود للبنان، دفعاً سياسياً يترجم بتأليف حكومة جديدة. ونقلت مصادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه لـ»البناء» تمسكه ومعه حزب الله بالرئيس سعد الحريري، نظراً لدوره ومسؤوليته في مواجهة الوضع الخطير الذي وصلنا اليه واستثمار شبكة علاقاته الدولية في معالجة الأزمات المالية وإنقاذ الوضع الاقتصادي»، إلا أنّها شدّدت على ضرورة تنازل الحريري عن شروطه لتسهيل التأليف آملة في الوصول إلى قواسم مشتركة في نهاية المطاف.
وبرز موقف لافت لرئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد خلال لقاء سياسي في البقاع الغربي أعلن فيه أن «تشكيل الحكومة سيتمّ في النهاية، لكننا لم نعش للحظة أن الأمور ستسير بشكل جيد وأن سمير الخطيب سيتكلّف وسيشكل حكومة، وبأحسن الحالات كانوا سيسمحون له أن يتكلف ثم يتعذّر التأليف فيعتذر فيأتي الحريري. لم يسمحوا له بأن يصل وأبقوه لعشية الإستشارات. ونحن الآن أمام معطيات جديدة». مضيفاً: «في النهاية سنجد حلاً لموضوع الحكومة. ممكن أن تطول شهراً أو شهرين لكننا سنجد لها حلاً. ليست المشكلة في تشكيل الحكومة وعدم تشكيل الحكومة بل الوضع الاقتصادي مع الناس ما العمل به؟ سعر صرف الدولار الذي اختلف ما العمل به؟ ورغم قربنا من الناس، لأننا منهم، لكن لا تصدقوا أحداً بأننا يمكن أن نحل محل الدولة، الدولة هي التي يجب أن تتصدّى لمعالجة الوضع الاقتصادي بكل ممثليها عن المكونات اللبنانية كلها، وعلى كل الممثلين لهذا الشعب أن يتحدوا ويتعاونوا حتى يضعوا تشريعات ومبادرات للتخفيف من معاناة الناس». وجزم رعد بأننا «لن نناقش بشروط تمس بسيادة البلد. وشروط تجعل لبنان تابعاً لدولة خارجية بسياستها، لا نستطيع أن نتجاوب معها. ونحن مستعدون لتقديم تنازلات لكن ليس على حساب الكرامة والسيادة الوطنية أبداً».
في غضون ذلك، انعكس موقف دار الفتوى فيما خصّ مسألة التكليف انقساماً سياسياً بين النواب السنة في المجلس النيابي، فقد شنّ عضوا اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين النائب فيصل كرامي والوزير حسن مراد هجوماً على المفتي عبد اللطيف دريان، حيث أشار كرامي الى أن «ما قاله مفتي الجمهورية مردود له وسعد الحريري لا يمثل كل الطائفة السنية، ودريان أصبح مفتي سعد الحريري، ونحن نريده الأب الراعي الصالح للطائفة السنية».
فيما كتب مراد على «تويتر» قائلاً: «من المحزن ان يتحول مقام مفتي الجمهورية من مرجعية لكل البيوت اللبنانية إلى مرجعية مذهبية لبيتٍ واحد، ولو كان في الوسط، حرصاً على الدار وأهلها راجعوا حساباتكم قبل أن يعيد تاريخ ليس ببعيد نفسه وقبل فوات الأوان».
وفي تطوّر خطير، عمد عدد من المتظاهرين في طرابلس الى التهجم على منزل النائب فيصل كرامي ورمي الحجارة وأكياس من النفايات أمام مدخل المبني، ما أدى الى إشكال مع مرافقي كرامي تطوّر إلى تدافع ما استدعى تدخل عناصر الجيش للفصل بين الفريقين وقد أدّى الى سقوط عدد من الجرحى.
وربطت مصادر “البناء” بين موقف كرامي من المفتي دريان والحريري أمس الاول وأمس وبين عملية الاعتداء على منزله، متهمة تيار المستقبل بالوقوف خلف هذه الهجمات. وأكد مستشار النائب كرامي علاء جليلاتي أن “هناك نية لاختلاق إشكالات مع حرس منزل النائب كرامي أمس واليوم، والرسالة واضحة خصوصًا بعد الكلام الذي قاله كرامي أمس”. وشدّد على أن “الشبان لم يأتوا من تلقاء أنفسهم وسيكون لكرامي مؤتمر صحافي اليوم يتطرق فيه الى التطورات”.