لافروف وبومبيو يتفقان على مؤتمر أمن الخليج وضمان حرية الملاحة… وتنشيط قنوات التنسيق موقف لباسيل اليوم أو غداً… “خارج الحكومة ونحاسبها في المجلس والشارع”! فوضى في الطرقات وتظاهرات أمام منازل قضاة وسياسيين… وإخلاء خيمة “فضلو”
كتب المحرّر السياسي
كشف وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن حجم المشاكل المعقدة التي تضغط على العلاقات الروسية الأميركية، متناولاً مع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو تفاصيل المقاربات المتباينة تجاه الملفات الإقليمية والدولية وصيغ المساعي المشتركة لمعالجة الخلافات، لكن اللافت كان إعلان لافروف عن اتفاق روسي أميركي على عقد مؤتمر إقليمي دولي خاص بأمن الخليج وضمان حرية الملاحة في مياهه، يضمّ دول المنطقة والدول المعنية بأمن الخليج وأمن الملاحة الدولية. والمؤتمر فكرة ظهرت للعلن مع زيارة وزير خارجية عُمان يوسف بن علوي إلى طهران ناقلاً الموافقة السعودية والإيرانية على المؤتمر، ما يجعل المشروع خطوة هامة في فتح قنوات التفاوض بين طهران وكل من واشنطن والرياض، يؤسس لصياغة تسويات تبدو التسوية اليمنية أكثرها حظوظاً، ويبدو تخفيض منسوب التوتر في ساحات سورية ولبنان والعراق مرشحاً للإفادة من نتائج هذا المناخ الجديد.
المعلومات الواردة من مصادر متابعة في باريس عشية انعقاد المؤتمر الدولي لدعم لبنان، الذي سيضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وإيطاليا وألمانيا إضافة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، تفادياً لإضفاء أي طابع سياسي عليه، تقول إن فرنسا التي ترعى تنظيم المؤتمر تريده تأكيداً على خلاصتين ستظهران في البيان الختامي للمؤتمر: الأولى هي التأكيد على تشجيع الأطراف المختلفة في لبنان على تسريع ولادة حكومة يدعمها اللبنانيون وتكون بقوة هذا الدعم قادرة على مواجهة التحدّيات، من دون الإيحاء بتبني المجتمعين أي شروط سياسية تؤيد أو تعارض أياً من الصيغ التي يتداولها اللبنانيون. والثانية هي التأكيد على أن الإرادة الدولية بمساعدة لبنان لتخطي المرحلة الخطرة التي يعيشها اقتصادياً ومالياً، وأن الإمكانات متوفرة لتحقيق الدعم الفوري اللازم، لكنها تنتظر ولادة الحكومة الجديدة، ولا تضع شروطاً سياسية لضخها في القنوات المالية اللازمة، وفقاً لمقرّرات مؤتمر سيدر.
رغم هذا المناخ الدولي لم تتبدّل الصورة في الداخل اللبناني حيث المراوحة سيدة الموقف في المشهد الحكومي المتوقف عند عشية استقالة الرئيس سعد الحريري، وشروطه المتصلة بحكومة تكنوقراط مقابل موقف ثنائي حركة امل وحزب الله الداعي لحكومة تكنوسياسية، بالإضافة للعقدة المرتبطة بتولي الحريري رئاسة الحكومة وما تطرحه تجاه فرضية عودة أو عدم عودة الوزير جبران باسيل إلى التشكيلة الحكومية، ووفقاً لمصادر تابعت موقف الوزير باسيل، فإن موقفاً جديداً سيصدر عنه اليوم أو غداً يحدّد نظرة التيار الوطني الحر لملف الحكومي. وقالت المصادر إن الموقف قد يفاجئ الكثيرين، خصوصاً المعنيين بالملف الحكومي، ولم تستبعد المصادر أن يكون الموقف المفاجئ إعلان العزوف عن المشاركة في الحكومة الجديدة، وعن دخول التفاوض السابق لتشكيلها، وعزم التيار على التعامل مع الحكومة الجديدة بعد تشكيلها “على القطعة” فيؤيّدها حيث تصيب ويواجهها حيث تخطئ. ويعود التيار بذلك إلى المساءلة في المجلس النيابي والشارع متحرّراً من أي شراكة في المشهد الحكومي أربكت أداءه الرقابي النيابي والشعبي خلال الفترة الماضية. وعن مشاركة التيار في تسمية الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة قالت المصادر، إن الأمر قيد الدرس، وربّما تترك التسمية لرئيس الجمهورية.
على مستوى الحراك، سجلت حالة فوضى في قطع الطرقات، بعضها اتخذ شعارات تتصل بالاحتجاج على الطوفان وفضائح الفساد في وزارة الأشغال والبلديات، وبعضها احتجاجاً على توقيف متظاهرين تصادموا مع الجيش اللبناني أو قاموا بالمشاركة في قطع الطرقات سابقاً، وبعضها بقي بلا شعار، وامتدت عمليات قطع الطرق من طريق الجنوب إلى جونية وطرابلس وصولاً إلى البقاع، بينما سارت تظاهرات ليلية في بيروت تجوّلت بين منازل وزراء الأشغال السابقين، لكن الحدث اللافت سجل في ساحة الشهداء حيث قام عشرات الناشطين في الحراك بالتصدّي لجماعة الجامعة الأميركية الذين يحيون أنشطة تدعو للتطبيع مع كيان الاحتلال، وتحرّض على المقاومة، ونجح الناشطون بتعطيل ندوة عن الحياد كانت خيمة رئيس الجامعة الأميركية فضلو خوري قد بدأت بإحيائها تحت شعار “الحياد خيار استراتيجي للازدهار”، وحاصروا الخيمة ما اضطر القوى الأمنية إلى إخلائها.
تتجه الأنظار الى طاولة اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان في باريس اليوم لمناقشة الوضع في لبنان في ظل الأزمة التي يعيشها على الصعيد الاقتصادي. وغادر بيروت امس، الوفد اللبناني الرسمي المؤلف من الأمين العام لوزارة الخارجية السفير هاني شميطلي وعضوية المدير العام لوزارة المالية الآن بيفاني والمدير التنفيذي لدى مصرف لبنان رجا أبو عسلي والمستشارة الاقتصادية لرئيس حكومة تصريف الأعمال هزار كركلا. ومن المتوقع أن يناقش الوفد اللبناني مع أعضاء المجموعة الدولية التي سينضمّ اليها ممثلون عن دول الخليج وعن الهيئات المالية في الامم المتحدة، خارطة طريق من شأنها وضع لبنان على سكة الحد من التدهور واستعادة المسار الذي يؤمن الخروج التدريجي من الازمة.
كذلك غادر مطار بيروت للغاية ذاتها ممثل الامين العام الامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الذي كان قد بحث مؤتمر دعم لبنان مع الرئيس نبيه بري الذي أكّد أنّه متفائل بمؤتمر الدعم الدولي الذي سينعقد اليوم في باريس. وقال إنّ المجلس النيابي بصدد انجاز موازنة 2020 وقد شارفت لجنة المال والموازنة على إنجازها تمهيداً لإقرارها قبل نهاية العام. ورحب كوبيتش بهذه الخطوة، وأشار إلى أنه سيبلغ هذا الموضوع للمؤتمرين في باريس.
ومن عين التينة تمنّى السفير المصري الجديد لدى لبنان ياسر علوي أن يتجاوز لبنان أزمته ويتم التكليف والتأليف بأقرب وقت ممكن.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان حثّ اللبنانيين على تشكيل حكومة جديدة بسرعة أو المخاطرة بتفاقم الأزمة المالية لتهدّد استقرار البلاد.
وقال لو دريان في مؤتمر صحافي: “عليهم أن يشكلوا حكومة بسرعة لأن أي تأخير سيؤدي لاستمرار تفاقم الوضع”.
أكّد وزير الخارجية السعودي أنّ استقرار لبنان بالغ الأهمية للمملكة العربية السعودية. وقال: “من المهم للشعب اللبناني ونظامه السياسي إيجاد طريق للمضي قدما يضمن استقرار لبنان وسيادته”.
وبالتوازي مع ذلك، لم يسجل أمس، أي تطور ايجابي على خط التكليف الحكومي، لا بل على العكس، فإن المعنيين رأوا في موقف الرئيس سعد الحريري حيال تمسكه بتأليف حكومة تكنوقراط، بحسب ما نقلت عنه اوساط بيت الوسط، مواصلة رئيس حكومة تصريف الاعمال سياسة اللعب على حافة الهاوية، خاصة أن معلومات عديدة تقاطعت امس واول امس تفيد بان الرئيس الحريري هو من اتصل برئيس الجمهورية مساء الأحد ودعاه إلى تأجيل موعد الاستشارات النيابية الملزمة، معتبرة ان موعد الاستشارات الاثنين ثابت، وعلى الجميع في النهاية أن يتحمل مسؤوليته وان على الرئيس الحريري الكفّ عن الرهانات، يميناً ويساراً وتقديم اوراق اعتماد للخارج خاصة أنه يدرك اكثر من غيره ان واشنطن على وجه التحديد غير متمسكة بعودته شخصياً، وما يهمها فقط تأليف حكومة تكنوقراط.
وكان الحريري اجتمع امس، في بيت الوسط مع الوزيرين ريا الحسن وعلي حسن خليل وبحضور المستشار الاقتصادي للرئيس الحريري الدكتور نديم المنلا، وتناول الاجتماع الاوضاع المالية والاقتصادية العامة. وتجدر الإشارة في هذا السياق الى ان تحرك الحريري الذي عاد في الايام القليلة الماضية برز بشكل واضح مع تحديد موعد مؤتمر دعم لبنان، في حين أنه ومنذ استقالته تقاعس بحسب مصادر معنية بالتأليف، عن تصريف الأعمال وغض النظر عن الكثير من الاحداث التي تستدعي اجتماع حكومة تصريف الأعمال لدواعي الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان.
ورأت مصادر بيت الوسط أن “الحريري لم يقترح الا حكومة اختصاصيين تلبي طموحات اللبنانيين وتقنعالمجتمع الدولي بتقديم الدعم العاجل لمواجهة الأزمة”. وأضافت “اما اذا كان هناك من يصرّ على حكومة تكنو–سياسية لمجرد البقاء ضمن الحكومة فهم مدعوون الى تشكيل الحكومة من دون الحريري في اسرع وقت وبالشروط التي يرونها مناسبة للبنانيين ولمعالجة الازمة”.
وفي السياق، ترفض مصادر التيار الوطني الحر لـ”البناء” ما يحاول تيار المستقبل ترويجه ومفاده إصرار الوزير جبران باسيل على التوزير وفق معادلة أنا والحريري معاً داخل الحكومة او خارجها، ولفتت الى ان موقف تكتل لبنان القوي من المشاركة في الحكومة سيكون انسجاماً مع ما اعلنه الوزير جبران باسيل في الاسابيع الماضية، لافتة الى ان لبنان القوي سيذهب يوم الاثنين إلى الاستشارات الملزمة بموقف ينسجم مع هدف وحيد، هو تكليف رئيس حكومة تتوفر فيها شروط النجاح ولفتت المصادر إلى اجتماع استثنائي سيُعقده تكتل لبنان القوي في الساعات الـ 48 المقبلة للبحث في الملف الحكومي، داعية إلى ترقب الموقف الذي سيصدر عن التكتل في هذا الشأن.وكانت الـ “أو تي في” نقلت عن أوساط سياسية كلاماً مفاده أن التيار الوطني الحر يبقى عصياً على التطويق، لأنه لم ينحصر يوماً في قوالب جامدة، بل هو دوماً حركة متجددة، وطاقة إيجابية مستمرة قادرة على استخراج الحلول من عمق الأزمات. وختمت الأوساط السياسية بالعبارة الآتية: انتظروا التيار في الأيام المقبلة حيث لا تتوقعون.