رحيل المناضل القومي عبد اللطيف كنفاني ورئيس الحزب فارس سعد على رأس وفد مركزي قدّم التعازي.. رمز للصمود والتمسّك بمفاتيح العودة إلى فلسطين
غيّب الموت في 8/12/2019 سنديانة باسقة من سنديانات الحزب السوري القومي الاجتماعي، المناضل القومي عبد اللطيف حسن كنفاني، وقد وري الثرى في مدافن حرج بيروت. وأمس قدّم وفد مركزي من الحزب السوري القومي الاجتماعي برئاسة رئيس الحزب فارس سعد التعازي في نادي خريجي الجامعة الأميركية في بيروت.
يذكر أن الرفيق الراحل من مواليد مدينة حيفا ـ فلسطين في العام 1926، تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الجمعية الإسلامية (مدرسة البرج) المقابلة لبيته تماماً. ثم تابع في كلية الفنون في صيدا ومن بعدها في الجامعة الأميركية في بيروت، ليعود بعدها إلى القدس ليدرس فيها الحقوق في معهد الحقوق حيث عيّن هناك ناموساً لمنفذية القدس في الحزب السوري القومي الاجتماعي.
في العام 1948 احتل اليهود أجزاء كبيرة من فلسطين فتهجر مع عائلته إلى بيروت حيث عيّن منفذاً عاماً لمنفذية الطلبة الجامعيين. ثم تابع عمله في عدد من الوظائف التي توزّعت بين لبنان والكويت وقبرص والسعودية وعُمان.
ألّف عدداً من الكتب كان أهمّها (15 شارع البرج – حيفا) وهو عنوان منزله في فلسطين، ورواية (من عكا وإليها)، وله يوميات عن حيفا بالانجليزية.
تزوّج من السيدة فاطمة البرادعي، ولهما أربعة أبناء: فؤاد، سابية، أغر ورجا.
يُذكر أنّ دائرة الأملاك لدى كيان الاحتلال «الإسرائيلي» استولت على بيوت العديد من أبناء شعبنا بما فيها بيت عائلة كنفاني في حيفا. وقد قاد الرفيق المناضل حملة وتحدث للاعلام مشيراً بل مؤكداً أنه لا ولن يبيع بيته، ولن يقبل بأيّ قانون استيلائي يفرض على أملاكه وأملاك عائلته وسائر الفلسطينيين. إلا أنّ دائرة الأملاك الصهيونية باعت البيت من شركة استثمارية حوّلته إلى مكاتب بعد أن أضافت عليه عدداً من الطوابق وشوّهت شكله الأصلي.
جمعية الثقافة العربية بحيفا بادرت في العام الماضي إلى تنظيم جولة رمزية من حيفا إلى بيروت، وكانت إحدى محطات حافلة هذا المشروع قرب بيت الرفيق كنفاني.
كان الراحل رمزاً وفعلاً للتحدي والصمود والحفاظ على الموروث بكلّ مكوّناته، فـ لفلسطين شعبها الحامل مفاتيح العودة ليفتحوا بها أقفال بيوتهم.
وتكريماً لهذا العطاء الاستثنائي، والعمر الزاخر بالنضال في مواجهة الاحتلال اليهودي لفلسطين، وتقديراً لمسيرة حافلة بالعطاء القومي، منحه رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وسام الثبات، وهو وسام يُمنح لمن مضى على انتمائه للحزب 50 عاماً.
وكان الراحل قد تسلّم الوسام المذكور في احتفال أعدّ لتلك الغاية في قاعة المركز العربي في مخيم برج البراجنة – بيروت بتاريخ 03/04/2011.
بعد تسلّمه الوسام، ألقى الرفيق عبد اللطيف كنفاني كلمة جاء فيها:
«كنت واحداً من الذين اعتنقوا العقيدة القومية التي أتى بها الحزب وما زاد إيماني بالمبادئ التي نادى بها، على سموّها، كوني فلسطينيّ المنبت وقد تعرّفت على هوية وطني وجغرافيته في مدرستي الابتدائية في حيفا على أنه سورية الجنوبية، وما عزّز ذلك خارطة معلقة كان يقف قبالتها أستاذنا حسين أفندي حماد يشرح لنا ويعلق.
أضاف: ما كان يمرّ يوم مدرسي دون أن ننتظم في طابور صباحي نطلق العنان لأناشيدنا الحماسية وفي مقدّمها نشيد «أنت سورية بلادي… أنت عنوان الفخامة». كما كنا أضف إلى كلّ ذلك، المناداة بكينونة فلسطين جزءاً من الوطن السوري أطلقها عدد من رجالات العمل الوطني في مطلع القرن ليأتي أنطون سعاده بفيض علمه ونور بصيرته يبلور الحقائق ويخطط الطريق.
وأردف: كان يعود الطلبة من معاهدهم المستجدة ومن الجامعة الأميركية في بيروت بالذات حاملين معهم مبادئ الحزب الذي انتموا إليه ليكتشفوا أن له انتشاراً في بلدهم، وإنْ كان مثل ذلك الانتشار على درجة من السرية. كان من الطبيعي أن ينصهر هؤلاء وسواهم ممن استهوتهم طروحات القومية العربية في خضمّ النضال من أجل فلسطين وأن يحملوا أقدارهم على أكفهم.وختم كنفاني: «يقلقني، نعم يقلقني، ما يشهده الساح الفلسطيني من تنابذ واختلاف في المقاربة ولكنني مطمئن في قرارة النفس إلى أنّ البوصلة واحدة والمرتجى واحد وما دام الأمر كذلك فلا بدّ من الالتقاء في سبيل سوي”.