مقال لجريدة «تشرين» الأدب الوجيز حركة تجاوزية جديدة
} أمين الذيب*
نشر الصديق الأديب علي الراعي؛ في موقع صحيفة «تشرين» الالكتروني الصادر يوم الأربعاء في 28 آب الحالي 2019؛ مقالاً تحت عنوان «الأدب الوجيز».
تُفضي المقدمة بشكل قاطع وجليّ إلى أن الكاتب لم يطّلع على مدوّنات ملتقى الأدب الوجيز المنشورة جميعها في الصحف الورقية والالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي؛ خاصّة صفحة الملتقى على «الفيسبوك»؛ ولم يتابع المؤتمرات النقدية التي أقامها الملتقى أكان في تونس أم في بيروت؛ وما صدر عنها في البيانات الختامية.
دأب الأدب الوجيز منذ ما يزيد على خمس سنوات؛ على التعمّق في دراسة الحضارات القديمة؛ منذ العصر السومريّ وما تلاه حتى يومنا هذا؛ مروراً بالزمن العربي الشعريّ والأدبيّ؛ وليس آخرها النفريّ أو رولان بارت أو ابن سينا وأخوان الصفا أو ديكارت وغاستون باشلار، ومجموعة من الذين تناولوا مسألة الإيجاز في الشعر والأدب خاصة أدب البيت الشعري الواحد؛ وقد صدر في كتاب لأدونيس؛ ولا يجوز إطلاقاً؛ فكرياً أو فلسفياً أن نتحامل على توصيف الابتكار بأنه ناشئ عن ضيق نفس أو نَفس؛ فملتقى الأدب الوجيز بطور تأصيل نوع أدبي جديد؛ ونحن أدرى أن الجديد في بلادنا الرازخة تحت معايير وسقوف متعددة لن تستسيغ أي تجديد وحكماً ستشكك فيه.
بقيت مسألة الإيجاز في الحضارات المتعاقبة مندثرة تقع تحت ضغط وهيمنة السائد الثابت؛ الى أن ابتكرنا مصطلح الأدب الوجيز وبنينا منطلقاته الفكرية كنوع أدبي جديد شرحنا أعلاه وباختصار مندرجاته الفكرية والفلسفية.
أمّا الإشكالية التي طرحها المقال عن شخصيّة الأدب الوجيز؛ هل هو نوع أو جنس أدبي مستقل يعمل على تأصيل النوع؛ هذه الأسئلة؛ نشأت إثر دعوة الملتقى السوريّ للنصوص القصيرة؛ لاحتفالية إطلاق ملتقى الأدب الوجيز في سورية؛ والتي تداعينا؛ كملتقى أدب وجيز؛ من لبنان وسورية والعراق تلبية لدعوتكم الكريمة؛ هي أسئلة مشروعة لو كانت مرتكزة على مناقشة المنطلقات الفكرية التي أرساها الملتقى؛ لذلك أتى استسهال وصف الملتقى وما يطرحه بمثابة إطار يتساوى مع الشذرة كلحظة شعورية عابرة أو الهايكو كلحظة بصرية دون بصيرتها والذي تتوسّع دائرته للاستسهال وخلو النص من البلاغة والشعرية؛ إن المساواة بحد ذاتها بين أجناس متفاوتة فكرياً وفلسفياً؛ إنما تستوجب دعوتنا لأن لا يُحكم على الأمور إلا بعد معرفتها وسبر عمقها ومداها وأهدافها وغاياتها والإ سيأتي التوصيف منقوصاً وسطحياً، كما قرأنا في المقال.
بمعنى ليس كل نصّ قصير أدب وجيز؛ فالأدب الوجيز حركة تجاوزية نقدية؛ نابعة من خصوصية حضارتنا وثقافتنا وقيمنا ومُثُلنا العليا؛ صحيح أن الشعر والأدب بصفة عامة صفات إنسانية عالمية والمقياس الإبداعي هو شعرية النصّ. فعلى سبيل المثال إن إطلاق تسمية الهايكو العربي هي انتحال صفة موصوفة كأن نقول مرسيدس عربية أو بوينغ عربية؛ وأن نطبّق مقولة الفيلسوف الصيني (تسو) في الهايكو كأننا نقطع قطعاً نهائياً مع حضارتنا ونقتبس حضارة أخرى لتحل محلها، بينما الأدب الوجيز نابع من صلب الحضارة ويعمل على تطويرها، كما هو سياق الحياة التجاوزيّ؛ انها دعوة لكافة المهتمّين الى دخول صفحة الأدب الوجيز على «الفيسبوك» الزاخرة بمقالات تنظيرية نقدية ربما تساهم بفهم حركتنا ومناقشتها معرفياً بما يفيد حيوية الشعر والأدب والتجديد.
*مؤسس ملتقى الأدب الوجيز.