الهجوم المستقبليّ على القضاء
خلال شهرين تصدّت مراجع قضائية مختلفة لملفات تتصل بتهم فساد بدأت بملف وزارة الاتصالات عندما استدعى المدعي العام المالي وزيري الاتصالات الحالي محمد شقير والسابق جمال الجراح؛ وكل منهما ينتمي لتيار المستقبل. وكان الجواب مهيناً بحق القضاء رغم حجم الوقائع الكثيرة التي تشير إلى تحويلهما الوزارة إلى مغارة علي بابا.
ما جرى أمس، في قصر العدل في بعبدا فاق كل تصوّر بعدما هاجم النائب المحامي هادي حبيش مكتب القاضية غادة عون بالتهديد والوعيد لقيامها بتوقيف موظفة متهمة بالهدر والفساد تنتمي بولائها لهذا النائب المستقبلي أو لتياره.
يجري ذلك في الوقت الذي يستعدّ الرئيس سعد الحريري لتقديم نفسه مرشحاً وحيداً لرئاسة الحكومة التي تأتي بعد انتفاضة شعبية شعارها الأبرز مكافحة الفساد؛ وبعدما كان الرئيس الحريري نفسه قد أعلن عزوفه عن ترشيح نفسه لتولي رئاسة الحكومة، لأنه يتعقد بأن الناس طالبت بمحاسبة المسؤولين وفي مقدمتهم رئيس الحكومة.
السؤال الحقيقي موجّه للرئيس الحريري حول ما إذا كان منسجماً مع نفسه في كلامه عن الحاجة ليراجع المسؤولون في الحكومة، وفي مقدمتهم رئيسهم، تعاملهم مع قضايا الهدر والفساد وضرورة إظهار نهج جديد على هذا الصعيد. فهل هذا هو النهج الجديد؟
الآن طلب مجلس القضاء الأعلى من مدّعي عام التمييز الإدعاء على النائب المحامي وطلب رفع الحصانة عنه لمحاكمته بتهم التهجّم على مقر حكوميّ والتطاول على القضاء وإعاقة سير العدالة وتهديد أحد القضاة، والقضية ستكون أمام أول جلسة نيابية. فهل سيُقدم الرئيس الحريري الحماية لمنع رفع الحصانة عن النائب الميليشيوي الذي اقتحم مقراً قضائياً أم سيظهر نهجاً جديداً؟ وهل سينتبه قادة الحراك إلى أن الأمر أمامهم أيضاً لقول كلمة غير مسيَّسة تجاه العلاقة بين مثلث القضاء والسياسة والفساد؟
التعليق السياسي