الحريري لتعديل الطائف أو إسقاطه؟
ناصر قنديل
– تقدّم رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري بتصوّره لقيام حكومة جديدة. يقوم هذا التصوّر على ثنائية قوامها، نقل حق تسمية رئيس الحكومة من الأغلبية النيابية إلى دار الفتوى باعتبار رئيس الحكومة يمثل منصباً سيادياً تتمثل من خلاله طائفته في الدولة، واشتراط إطلاق يده في تشكيل حكومة تكنوقراط ومنحها صلاحيات استثنائية، بمعنى تهميش المجلس النيابي سواء في تشكيل الحكومة التي جعلها اتفاق الطائف صاحبة السلطة العليا مجتمعة، بعدما كانت هذه السلطة بيد رئيس الجمهورية يعاونه وزراء يختارهم، لتصير بيد رئيس الحكومة يعاونه وزراء يختارهم. ولا يلغي هذا الاستنتاج قول الرئيس الحريري بأن الأغلبية النيابية باقية وقادرة على سحب الثقة بالحكومة متى شاءت، لأن القصد هو القول إن ما يدعو إليه الرئيس الحريري هو نظام دستوري جديد، وليس القول إذا كان هذا النظام قابلاً لحياة أم لا، فهو نظام يعمل في بريطانيا، حيث الملكة بلا صلاحيات فعلية ولا شراكة في تشكيل الحكومات، كما يريد الحريري لدور رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة يختار الوزراء ويملك السلطة التنفيذية، لكن مع فارقين هما أن رئيس الحكومة في بريطانيا ليس ممثلاً لطائفته تختاره كنيسة في بلد متعدّد الكنائس، ورئيس الحكومة في بريطانيا يُنتخب من الشعب مباشرة.
– يستطيع الرئيس الحريري أن يُصارح الأطراف اللبنانية الشريكة في المجلس النيابي، خصوصاً الشركاء في تطبيق مضمون اتفاق الطائف من الطوائف الأخرى بأنه يعتقد أن اتفاق الطائف انتهى وبات لبنان يحتاج إلى صيغة جديدة للحكم. وفي هذه الحالة عليه أن يختار بين صيغتين بديلتين، واحدة مدنيّة تحرّر الرئاسات من التوزيع الطائفي وتعتمد انتخاب رئيسي الجمهورية والحكومة من الشعب مباشرة، ونيلهما صلاحيات تشبه صلاحيات كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في فرنسا، وله أن يختار الترشح على أي منهما، أو أن يدعو لنظام رئاسي يُنتخب رئيسه من الشعب وينال صلاحيات تشبه صلاحيات الرئيس الأميركي لكن بدون أي قيد طائفي على حق الترشح للرئاسة. أما أن يحتفظ الحريري من الطائف بتوزيع الرئاسات طائفياً، وينقل مركز تسمية رئيس الحكومة من الاستشارات النيابية التي يجريها رئيس الجمهورية، إلى المشاورات والاتصالات التي قال المرشح السابق لرئيس الحكومة سمير الخطيب إن سماحة مفتي الجمهورية قد أجراها، ويُضيف إلى ذلك حق رئيس الحكومة باختيار الوزراء من خارج الكتل النيابية ليكونوا معاونين لرئيس الحكومة، ويصير رئيس الحكومة ملكاً متوّجاً ويصير لبنان مملكة تسكنها طوائف ويُديرها ملك تختاره مرجعية دينية. – قديكونالرئيسالحريريقارئاًلتوازناتالمعادلةالماليةالراهنةويعتقدأنبمستطاعهتمريرهذاالتعديلالدستوريّالخطيربجعلهعرفاًوسابقة،لكنهمطالَببأنيقرأجيداًكيفيتمّالتأسيسللحروبالأهلية،ومطالَبٌبأنيدركبأنحصرالسلطاتبيدموقعدستوريبلونطائفيواحدسبقوجرىاختبارهقبلاتفاقالطائف،وأدّىإلىحربامتدتإلىعشرينسنة،وجاءاتفاقالطائفلينتقلبلبنانإلىمرحلةتوزيعالصلاحياتبينالمناصبالدستوريةتمهيداًللخروجمنالطائفيةالتييعيدهالرئيسالحريريإلىصيغتهاالمتطرّفةفياستنفارالغرائزوالعصبياتالمجرّبةوالمختبرةلعقود. وإذاكانالوضعالاقتصاديالصعبسيحجبعنعيوناللبنانيينهذهالنقلةالخطيرةفيالمجالالسياسيوالوطني،فإنذلكلنيمنعبعدمروروقتمناسبانفجاراًيطيحبكلشيء. ومنحقاللبنانيينعلىالرئيسالحريريفيمثلهذهاللحظةانتظارالتضحياتلاتحقيقالمكاسبوالأرباحالسياسيةوالطائفية،بلمنحقهمعليهأنيقولبأناتفاقالطائفكحارسللصيغةالطائفية،قدأدىوظيفتهوباتالخروجمنالصيغةالطائفيةواجباًملحاً،وعندهافلنذهبلنظاممدنيودستورجديدينظممؤسساتالدولةوأداءها.