مؤتمر باريس يفرض شروطاًً على الحكومة قبل تأليفها حزب الله يدرس خياراته ومصادر عونية لـ»البناء»: لن نسكت بعد الآن عن الفساد كرمى للتسوية مع الحريري
} محمد حميّة
بشكل لا يرقى إلى الشك، ظهرت الشروط الدولية من باريس مقابل تسهيل تأليف الحكومة وإمداد لبنان بالدعم المالي لانقاذ اقتصاده.
وإذ أكدت مجموعة الدعم الدولية للبنان في نهاية مؤتمرها الذي عقد في باريس، الحفاظ على استقرار لبنان ووحدته وأمنه وسيادته واستقلاله على أراضيه كافة، كان لافتاً ربطها تشديدها تشكيل حكومة جديدة بقدرتها على القيام بسلة الإصلاحات الاقتصادية، و»إبعاد لبنان عن التوتر والأزمات الإقليمية». وما أخفاه بيان المجموعة كشفه وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الذي جدّد وصفه لحزب الله بالإرهابي في معرض حديثه عن تأليف الحكومة اللبنانية!
فبيان مؤتمر المجموعة الدولية معطوفاً على المواقف الأميركية المتلاحقة حول لبنان والملف الحكومي، يؤكدان عمق التدخل الأميركي في الاحداث اللبنانية إن في الشارع أم في المفاوضات حول تأليف الحكومة، فوصف وزير الخارجية الاميركي لحزب الله بالإرهابي واشتراطه تأليف الحكومة قبل أي دعم خارجي للبنان، يؤكد ذلك. وبرأي مصادر مطلعة على موقف حزب الله فإن «المخطط الأميركي يتكشف أكثر بالتوازي مع مواقف وحملات على المقاومة وسلاحها من سياسيين ورجال دين وحفلات التسويق للتطبيع مع إسرائيل التي تقام في إحدى خيم ساحة الشهداء يشارك فيها أشخاص معروفون بترويجهم للتطبيع وعلاقتهم المشبوهة بأميركا وإسرائيل». وتشير المصادر لـ»البناء» الى أن «موقف بومبيو يؤشر الى إصرار أميركي على إبعاد حزب الله وحلفائه عن الحكومة».
وفيما كانت الأضواء منصبّة على مؤتمر باريس لترقب نتائجه على المستوى السياسي والحكومي في بيروت، بقي الملف الحكومي في دائرة الجمود وتذهب مصادر سياسية لأبعد من ذلك بالقول «إننا عدنا الى المربع الأول»، وسط سيناريوات عدة بدأت تتبلور لكل واحد منها أبعاده ومحاذيره.
وإذا يتجه التيار الوطني الحر الى صفوف المعارضة، أوضحت مصادر مطلعة في تكتل لبنان القوي لـ»البناء» أن «موقف التكتل انطلق من ضرورات المصلحة الوطنية وليس من مصلحة التيار»، مشيرة الى «رأيين في التكتل: الأول يقوده رئيس التيار جبران باسيل يعلن على الملأ بأننا لم نعُد نستطيع التغطية على الفساد لمصلحة التسوية مع سعد الحريري والتي لم تستطع تحقيق إنجازات على مستوى الإصلاحات ومكافحة الفساد، ولذلك صار من الضروري بمكان ما التخفف من المسؤولية التي ترتبها هذه التسوية على التيار والعودة الى صفوف المعارضة وإلى قواعدنا الأساسية وموقعنا الطبيعي ألا وهو في الشارع للدفاع عن البلد وحقوق المواطنين ونقود حملة ضد الفساد ونضغط على الحكومة في هذا الاتجاه ولو تطلب الأمر البقاء خارج السلطة»، الا ان الرأي الآخر يشكك بجدوى بقاء التيار في المعارضة إذا كانت الحكومة ستتجه الى تحقيق ثلاثة أمور: الإنتاجية والإصلاحات والدعم المالي الخارجي. واذا تحققت هذه الإنجازات سيعزو بعض الاطراف نجاح الحكومة لخروج التيار منها، كما يعتبر أن خروج التيار تهرب من المسؤولية».
وإذ بات معلوماً أن حزب الله ليس موافقاً على خروج التيار الوطني الحر من الحكومة ولا رئيس المجلس النيابي نبيه بري، تقول أوساط مطلعة لـ»البناء» الى أن «الرئيس ميشال عون والتيار الحر يضغطان على حزب الله للسير بحكومة مواجهة من الأغلبية النيابية ويرى التيار بأنه الخاسر الأول من استمرار الأوضاع على ما هي عليه ويجدر بفريق الأغلبية استعادة زمام المبادرة قبل أن يُشلّ عمل المجلس النيابي لسبب ما إلا أن حزب الله بحسب الأوساط يدرس خياراته بجدّية فهو لا يريد في الوقت الراهن المواجهة وإخراج مكوّن أساسي في البلد من السلطة، ولا يدرك ما سيترتب عليه من فتنة تعدّ لها جهات غربية، لكن السيد حسن نصرالله سيضع الرأي العام، بحسب المصادر بصورة الأطراف التي تعرقل تأليف حكومة وحدة وطنية وسينتقل من ضفة المسايرة للرئيس سعد الحريري الى موقع تحميله المسؤولية وكشف المماطلة التي يستمرّ بها». ويقف حزب الله في الوسط بين خيارين: الأول المواجهة التي يدفع اليها التيار الوطني الحر والثاني ترك الحريري ومن خلفه واشنطن التمادي في تعميق الأزمة المالية والاقتصادية والمصرفية وتوسيع الشرخ المجتمعي في البلد تحت عنوان الثورة وتحقيق المطالب المعيشية وصولاً الى الانهيار الكامل. وهنا ترجح المصادر أن لا يذهب حزب الله الى المواجهة إلا بعد أن تصل الأمور الى الخطوط الحمر». والسؤال المطروح هنا، هل يوافق حزب الله على تكليف الحريري في استشارات الاثنين من دون الاتفاق معه على رؤية للتأليف قبل التكليف؟ تجيب الاوساط «وإن كُلّف الحريري فلن يستطيع التأليف دون العودة الى حزب الله والتيار الوطني الحر، ولاحقاً في نيل الثقة»، وترجّح الأوساط ذهاب الاكثرية النيابية الى رمي الكرة عند الحريري وتكليفه بأكثرية ضعيفة أي بأصوات كتل التنمية والتحرير والمستقبل واللقاء الديموقراطي والرئيس نجيب ميقاتي وبعض النواب المستقلين فيما تمتنع كتلة الوفاء للمقاومة وتكتل لبنان القوي عن تسمية أحد او إيداع أصواتهم عند رئيس الجمهورية».