الدولة والقاضية عون إدّعتا على حبيش وطالبتا بتوقيفه وإحالته إلى القضاء
تفاعلت أمس قضية تعدّي عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش أول من أمس، على النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون في قصر العدل في بعبدا، اعتراضاً على توقيفها مديرة هيئة السير هدى سلّوم بجرم قبول الرشى والإثراء غير المشروع.
وفي هذا الإطار، تقدّمت الدولة اللبنانية، ممثلةً برئيسة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر وبواسطة وكيلها القانوني المحامي ربيع الفخري، بشكوى جزائية اتخذت فيها صفة الإدّعاء الشخصي ضدّ حبيش، متهمةً إياه بالتعدي جهاراً على القاضية عون «على مرأى ومسمع من كل الموجودين في بهو قصر العدل في بعبدا». وطالبت بـ»توقيفه وإحالته إلى القضاء المختص، توصلاً لإلزامه بالتعويض على الدولة اللبنانية بما لا يقل عن مئة مليون دولار، نظراً لما ألحقته أعماله من ضرر يطال هيبة الدولة والقضاء».
بدورها تقدّمت القاضية عون بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية، اتخذت فيها صفة الإدّعاء الشخصي في حق حبيش، بجرم القدح والذم والتهديد، وطلبت التحقيق معه وتوقيفه، وإحالته على المحاكمة. وأرفقت عون الشكوى بتسجيلات تُظهر بالصوت والصورة اقتحام حبيش مكتبها، والتعرّض لها شخصياً.
كذلك، تقدّم المحامي وديع عقل بإخبار إلى النيابة العامة التمييزية في حق حبيش بجرم القدح والذم والتهديد وتحقير السلطة القضائية وإقتحام مكتب القاضية عون في داخل قصر العدل في بعبدا.
وأشار عقل في إخباره إلى «أنّ هذه الجرائم تنطبق عليها المادة 381 وما يليها من قانون العقوبات».
كما تقدّم المحاميان وسام المذبوح وأشرف الموسوي بإخبار إلى القاضية عون، بحق ربيع الزين بـ»جرم التعرّض للقضاء والنيل من سمعته بقصد الإساءة والحضّ على مخالفة القوانين والتدخل الجرمي».
واتهم المحاميان المخبر عنه بـ»استقدام بعض الفتية لمؤازرة أحد النواب وذلك بقصد الإساءة للقضاء والنيل من هيبته أثناء إجراء تحقيق قضائي، وذلك بقصد الضغط على القضاء لمحاولة إرغامه على العمل خلافاً للقانون وتحريف التحقيق عن مساره، وقد ظهر المخبر عنه بجانب النائب هادي حبيش الذي تعرّض بشكل سافر لهيبة القضاء بكل الألفاظ النابية والعبارات المسيئة للقضاء ومما هو واضح بالتنسيق مع المخبر عنه ربيع الزين الذي سعى جاهداً لنقل الحدث مباشرةً عبر وسائل التواصل الاجتماعي بقصد الإساءة والنيل من هيبة القضاء (…) وعمل أيضاً على مؤازرة النائب المذكور بتحفيز الجماهير والمتجمهرين على التصفيق وتأييده للجرائم التي بدرت منه. ومع التأكيد أن حضوره غير مبرّر وغير قانوني ومارس جرائمه داخل حرم قصر العدل والغرفة المخصّصة للمحامين في بعبدا عن سابق إصرار وترصّد».
وطالبا بـ»استدعاء الزين فوراً والتحقيق معه بما تمّ سرده من وقائع جرمية وأخذ القرار بتوقيفه وإحالته إلى المرجع القضائي الصالح لمحاكمته أصولاً ومنعه من دخول قصور العدل من دون سبب قانوني».
أما في ردود الفعل على الحادثة، فقد اعتبر نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي، في تصريح في المجلس النيابي، «أنّ ما جرى سبّب إحراجاً كبيراً للمجلس النيابي وللنوّاب جميعاً».
وأوضح «أنّ سبب الإحراج، هو أنّ كلّ تفكيرنا قائم على أساس كيفية صيانة القضاء وتحصينه والحفاظ على هيبته، لأنه المدخل الحقيقي الذي يؤدي إلى إعادة وضع البلد على السكة السليمة، إلاّ أنه من المبكر جداً أن نناقش مسألة الإدانة أو عدم الإدانة، بانتظار أن يأتي الطلب إلى المجلس النيابي فيُصار إلى التحقيق في الشأن، دراسة الظروف، الفعل وردّ الفعل، والأمر الذي أدّى إلى ذلك، ويُبنى على الشيء مقتضاه في حينه».
وتابع «القضية الأخرى التي هي مسألة مركزية وأساسية، أنّ المديرة العامة هدى سلّوم التي أحيلت إلى قاضي التحقيق وتمّ توقيفها بموجب ادّعاء بجرم الإثراء غير المشروع، أمر نحن ليس فقط كنوّاب وكمحامين، العيون مفتوحة بدقة متناهية لدراسة جدية الإثباتات التي جعلت من إمكانية الظن والشبهة ترتفع إلى درجة جعلت المدعية العامة تأخذ قرار التوقيف في هذه المسألة. العيون مفتوحة جداً ونطالب التفتيش القضائي والقضاء برمّته بأن يتعاطى مع هذه المسألة بأعلى درجات المسؤولية، لأن ثبوت الاتهامات أو أن ترقى هذه الاتهامات والإثباتات إلى مستوى يمكّن القاضي من الشك أمر ضروري لتوقيف إمرأة تلعب دوراً إدارياً متقدّماً في الإدارة اللبنانية، المسألة ليست مسألة تسلية توقيف مدير عام في الدولة اللبنانية، بصرف النظر عن الشكليات، أخذ الإذن أو عدم أخذ الإذن، بصرف النظر عن الشكلية الأخرى، قانون الإثراء غير المشروع إذا كان قد حُقّق معها به أو لا، هذه تفاصيل».
وقال «بالنسبة لي، هدى سلّوم خارج التوقيف لأنّ النيابة العامة لم تعط إذناً لملاحقتها أو توقيفها وهذا أمر أخطر بالنسبة لي من توقيفها، وبالتالي تكون في الحقيقة بريئة، نحن نريد الحقيقة في هذا الشأن والتثبّت من الإثباتات التي جعلت المدعية العامة تأخذ القرار الذي أخذته».
وناشد «مجلس القضاء الأعلى الذي لنا ثقة مطلقة فيه، رئيس مجلس القضاء الأعلى وثقتنا به ترتقي إلى مستويات متقدّمة جداً كما الرأي العام اللبناني، أن يضع يده ويتابع هذه المسألة» التي اعتبرها «دقيقة لأنه على نتائجها تتوقف أيضاً سمعة القضاء وهيبته الذي يعنينا بشكل أساسي ورئيسي ومركزي».
من جهته، استنكر رئيس المرشدية الوطنية الدكتور خطّار القنطار في بيان، «التعرّض للقاضية النزيهة غادة عون»، معتبراً أنّ حبيش «لا يرتقي إلى مستوى المسوؤلية، وقيامه بمهاجمة مكتب النائب غادة عون دليل على فساد السياسيين جميعهم وحمايتهم للموظفين الفاسدين، الذين قاموا بتوظيفهم لسرقة الدولة والمال العام».
ودعا إلى «محاسبة النائب حبيش على تعرّضه للقضاء، لا سيما أنّ القاضية عون تتمتع بالنزاهة والشفافية والمناقبية»، مستنكراً «التعرّض لها بهذه الطريقة».
وأقام أهالي بلدة الدامور، أمام محكمة الدامور، وقفة تضامنية رمزية مع إبنة البلدة القاضية عون، استنكاراً وتنديداً، حسب بيان صدر، بالحملة التي طالتها من النائب حبيش.
وتلا بشارة الخوري البيان بإسم الأهالي وجاء فيه «الدامور بكلّ أبنائها، تتضامن مع القضاء، الذي مُسّت قدسيته البارحة. ما حصل أمام مكتب القاضية الشريفة والنزيهة غادة عون، إبنة الدامور البارّة، والتي هي مثال النظافة في المهنة، مقترنةً بعمق المعرفة والعلم».
بدوره إعتبر شقيق القاضية عون جورج عون «أن الإساءة هي للعدل في لبنان»، مشيراً إلى «أننا نسامح الأذية الشخصية»، ورأى «أنّ الإساءة والإهانة بهذا الشكل للعدل في لبنان، قد لا نعرف ماذا سيكون مصير البلد». ودعا مجلس القضاء الأعلى إلى «التحرّك».
من جهته، توجه منسق التيار الوطني الحرّ في مزبود وكترمايا أنور شحادة إلى النائب حبيش بالقول «قبل أن تتكلم عن الشرفاء والقضاة الشرفاء كالقاضية غادة عون، فليتطلع على تاريخه، وأين كان؟ وماذا فعل للبلد؟ وماذا فعل بالفساد قبل الهجوم على الشرفاء في لبنان»، ووجه التحية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل، معتبراً أنّ «هذا العهد، هو عهد الإنتصارات».
وأكد العميد المتقاعد رشيد عون «أنّ القضاء رمز وسلطة مستقلة»، وندّد بتصرف النائب حبيش، داعياً إلى «رفع الحصانة عنه فوراً ومحاكمته كأي مواطن لبناني».
بعدها كانت كلمات لعدد من أبناء الدامور.
استجواب سلّوم اليوم
إلى ذلك، حدّد قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت جورج رزق جلسة، قبل ظهر اليوم الجمعة، لاستجواب سلّوم، وذلك بعد إحالة ملف الادّعاء عليها من قبل القاضية غادة عون.وقد تمت إحالة الملف على القاضي رزق عبر النيابة العامة التمييزية وفق الأصول القانونية المتبعة.