الكرة في ملعب الحريري للاختيار بين صيغتين حكوميتين: تأجيل الاستشارات.. أو اثنين شاحب نصرالله: حكومة جامعة.. والتيار والمستقبل ضمناً.. برئاسة الحريري أو مَن يسمّيه واشنطن تحذّر: الاضطرابات مستمرّة حتى نحقق أهدافنا.. وقطع الطرقات ينفّذ أمرَ العمليات
كتب المحرّر السياسيّ
برز قطع الطرقات ليل أمس، للمرة الأولى منفصلاً عن أيّ نشاط يتصل بالحراك الشعبي، وظهر عملاً ميليشياوياً يهدّد السلم الأهلي ويعتدي على حريات الناس وأمنهم، ينفذ أمر عمليات عبرت عنه المندوبة الأميركية في نيويورك بقولها إن الاضطرابات ستستمر في لبنان حتى تحقق واشنطن أهدافها، والأهداف الأميركية شرحها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو بالتفصيل رابطاً مساعدة واشنطن لبنان مالياً بتعاون الأطراف اللبنانية لإضعاف حزب الله، وإضعاف حزب الله الذي يشكل إخراج حزب الله من الحكومة بدايته، شرح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله معانيه، في سياق السعي الأميركي لإضعاف لبنان بوجه “إسرائيل” ومطامعها وعدوانيتها، خصوصاً أن الطلبات الأميركية من لبنان بقبول الصيغة التي تنتقص من حقوقه بالنفط والغاز معلنة وواضحة على لسان أكثر من مسؤول أميركي، وشكلت وصفة واضحة قدّمها رئيس أركان جيش الاحتلال السابق غادي إيزنكوت بقوله إن الفرصة سانحة مع الحراك الشعبي في لبنان للضغط من أجل الحصول على ترسيم مناسب للمصالح الإسرائيلية في النفط والغاز.
كلام السيد نصرالله المخصص للوضع في لبنان، خصوصاً الوضع الحكومي أكد رفض حكومات اللون الواحد سواء كانت تمثل الغالبية النيابية أم تمثل تسليماً للرئيس سعد الحريري بشروط تشكيل حكومة لا تحترم معايير التمثيل الجامع للمكوّنات الرئيسية الكبرى في المجلس النيابي. ووضع السيد نصرالله المشهد الحكومي أمام خياري حكومة تضمّ المكوّنات الرئيسية ومنها تيار المستقبل والتيار الوطني الحر يترأسها الحريري نفسه أو حكومة مشابهة برئاسة من يسمّيه الحريري لهذه المهمة وتوافق عليه قوى الأغلبية.
الخياران ليسا على الطاولة الآن، فالشروط التي طرحها الرئيس الحريري بحكومة تكنوقراط برئاسته يختار هو وزراءها، ليست الحكومة الجامعة التي طلبها السيد نصرالله، والفرضية المتمثلة بتسمية الحريري لبديل لرئاسة الحكومة سحبت مع انسحاب المرشح لتشكيل الحكومة سمير الخطيب من أمام دار الفتوى وبنصيحتها كما قال، لأن الحريري مرشح وحيد لرئاسة الحكومة، ما يعني أن مستقبل الحكومة الجديدة عاد إلى المربّع الأول عشية استقالة الرئيس الحريري وحكومته، بينما ليس أمام الكتل النيابية لموعد الاستشارات في قصر بعبدا إلا يومان. ووفقاً لمصادر متابعة فإن الوضع الحالي ما لم يحدث اي تغيير، يعني تسمية الرئيس الحريري بعدد لا يصل إلى أغلبية النواب أي 65 نائباً وإن وصل فلن يزيد عنه إلا قليلاً، علماً أن البعض توقع تسمية الرئيس الحريري بأقل من 50 نائباً إذا بقي المشهد على حاله، متوقعاً أن يستدرك الحريري ذلك بطلب تأجيل الاستشارات وربما بزيارة بعبدا لطلب التأجيل، والبديل المشرّف لليوم الشاحب سيزيده شحوباً باللجوء إلى غياب الكتل عن الاستشارات وبالتالي ترك التأجيل يفرض نفسه كأمر واقع.
نافذة الأمل المفتوحة على تفاهمات يمكن أن تولد خلال عطلة نهاية الأسبوع لم تغلق. فالاتصالات يمكن أن تُسفِر في أي لحظة عن تفاهم يتيح تسمية الحريري إذا قبل الحريري حلاً معيناً يرضي الوزير جبران باسيل للعودة عن البقاء خارج الحكومة، أو وافق الحريري على تعويم خيار الخطيب أو ما يشبهه وقام بتوفير الدعم اللازم له شعبياً وسياسياً وضمن موافقة دار الفتوى وتكتل الرؤساء السابقين للحكومات.
بكل الأحوال وفقاً لكلام السيد نصرالله سيستهلك تأليف الحكومة بعد تخطي عقدة التكليف المزيد من الوقت، وبالتالي تكشف التطورات أن أسوأ ما وقع به الحراك والرئيس الحريري معاً كان تلاقيهما في منتصف الطريق على استقالة الحكومة، وإدخال لبنان في متاهة طويلة معقدة حتى تولد حكومة جديدة، وفي الانتظار دوامة تتيح للخارج الدخول على خط التلاعب بالداخل وأمنه وممارسة الضغوط لصالح أجندات لا تخدم مصلحة لبنان، وفتح الباب أمام الفوضى السياسية والأمنية وتفاقم الأخطار الاقتصادية.
وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن «هناك خيارات عدة من بينها خيار حكومة اللون الواحد التي رفضها حزب الله وحركة أمل بعد دراسة مخاطرها وتداعياتها التي ستؤدي إلى تفاقم الوضع وتعجز عن معالجة الأزمة».
وعن الخيار الثاني كشف السيد نصر الله أنّه يتمحور أيضاً حول حكومة من لون واحد لكن بوجه آخر، وأوضح «يتمثل هذا الخيار بانسحاب التيار وحزب الله وبقية الحلفاء من الحكومة»، معتبراً أن هذا الخيار مرفوض انطلاقًا من مصلحة البلد، ولفت الى أن «حكومة اللون الواحد وحدنا أم من الفريق الآخر وحده خيار غير مناسب ولا يساعد على إنقاذ البلد في هذه المرحلة، مشدداً على أن الحلّ للأزمة الحالية هو تعاون الجميع وتقديم التنازلات». وحول الخيار الثالث، قال «يتمثل هذا الخيار بحكومة يرأسها الرئيس سعد الحريري ولم يكن لدينا مانع، لكن هذا الخيار لم يتحقق من الحريري لأنه طرح شروطاً غير مناسبة».
ورأى أن “الخيار الرابع هو اسم يقترحه أو يوافق عليه الرئيس الحريري أو تيار المستقبل وتقبل به الغالبية النيابية وقبلنا بهذا الخيار”. ولفت إلى أن الخيارين الثالث والرابع مطروحان ومشروطان بمساعدة الحريري على الحل”. ولفت السيد نصرالله الى أن “الكتل النيابية حتى الآن لم تتوافق على اسم وكتلة الوفاء للمقاومة ستعبر عن موقفها يوم الاثنين”، آملاً تكليف شخصية لتأليف الحكومة في الاستشارات النيابية الاثنين المقبل”.
وأكد السيد نصر الله أن قطع الطرقات خلال الاحتجاجات عرّض الناس للخطر، حيث كان هناك من يريد الفوضى والصدام، ونجح الناس حتى الآن بعدم الاستدراج لها، داعياً إلى المزيد من الصبر والتحمل والوعي، والجيش اللبناني وقيادته بالمسارعة لفتح أي طريق يجري قطعه. كما أعلن عن تشكيل حزب الله وحركة أمل لجانًا لضبط شارعهما رغم الاستفزازات الكثيرة التي تمّ التعرّض لها، ودعا الأنصار إلى ضبط أعصابهم والصبر والتحمل وعدم الانجرار إلى أي توتر، موضحاً أننا “نقترب من النهاية إن شاء الله”.
وحذّر من التدخل الأميركي في لبنان وفي اختراق الحراك، مشيراً الى أنه “عند حدوث أية احتجاجات أو تظاهرات في بلد ما نجد أن الأميركيين يتدخلون بسرعة لمحاولة استغلال وتوظيف هذه التظاهرات بما يخدم مصالحهم بشكل “وقح” وعلني”، داعياً “كل من له مشكلة ما ويتظاهر أو يحتج عليها أن لا يسمح للأميركيين أن يستغلوا حراكه”. وبحسب أوساط مطلعة لـ”البناء” فإن السيد نصرالله قدم تشخيصاً لأهل الحراك وترك لهم استخلاص النتائج وعدم السماح للأميركيين بالاستثمار عليه؛ وبالتالي يكون السيد قد أيّد مطالب الحراك وفي الوقت نفسه وضعهم أمام مسؤولياتهم وحذّرهم من “مغبة السماح للأميركيين باستخدامهم او الاستثمار على مطالبهم لتحقيق أهداف سياسية لا علاقة لها بالمطالب الاجتماعية بل بحلّ مشاكل أميركا و”إسرائيل” على حساب حقوقنا السيادية الوطنية”.
وفي خطوة مقصودة، تزامنت مع كلمة السيد نصرالله، صدر قرار أميركي يتضمن عقوبات جديدة شملت أكثر من رجل أعمال وشركة على صلة بحزب الله، كما زعم الأميركيون.
أما اللافت فكان إعلان قناة العربية عن هذا القرار قبيل صدوره! كما كانت لافتة التصريحات الأميركية المتتالية حول لبنان وضد حزب الله التي رأت فيها مصادر رداً على كلام السيد نصرالله ضد الأميركيين، وأعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر أن «حزب الله تسبّب بمشاكل اقتصادية للبنان»، وأشار إلى أن «كل من يتورّط في تمويله معرض للعقوبات».
وكشف شينكر في حديثٍ لـ»العربية» أن «أشخاصاً من كافة المذاهب والأديان متورّطون بتمويل حزب الله». وغرّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على “تويتر” قائلاً: “نقف الى جانب الشعب اللبناني في محاربة الفساد والإرهاب. اليوم قمنا بتصنيف رجلي أعمال لبنانيين قاما بدعم حزب الله من خلال أنشطة مالية غير شرعية”. وأضاف: «سنواصل استخدام كل إمكاناتنا المتاحة لمواجهة التهديد الذي يمثله حزب الله».
وبموازاة، التصعيد الأميركي، برزت التصعيد في الشارع من قبل مجموعات قطاع الطرق التي عمدت في وقت واحد الى قطع عدد من الطرقات في مختلف المناطق اللبنانية. الأمر الذي يؤكد «اختراق اميركا لبعض المجموعات التي تدّعي انتماءها للحراك والتماهي الواضح بين قطاع الطرق والتصريحات والأهداف الأميركية».
ووقع إشكال أمس، أمام معمل الجية الحراري بين عدد من المتظاهرين وعناصر الجيش اللبناني على خلفية تنفيذ شبان من بلدة برجا، اعتصاماً داخل معمل الجية الحراري التابع لـ»مؤسسة كهرباء لبنان»، احتجاجاً على الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي في منطقة إقليم الخروب. أدى الى سقوط 9 جرحى بينهم رئيس بلدية برجا. كما دخلت مجموعات من الحراك الى مبنى «أوجيرو» في بئر حسن وحصلت مواجهات مع الموظفين أدت الى سقوط جرحى.
على صعيد آخر، مثلت رئيسة هيئة إدارة السير والمركبات هدى سلوم، أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة القاضي جورج رزق، الذي استجوبها في حضور وكيلها المحامي مروان ضاهر، في ادعاء النيابة العامة ضدّها بجرم الرشى والإثراء غير المشروع. وفي نهاية الجلسة قرّر تركها بسند اقامة.
لكن القاضية عون استأنفت قرار القاضي رزق بترك سلوم وأبقت عليها موقوفة، فيما شهد ملف النافعة ادعاء جديداً شمل 16 موظفاً وسمساراً.
وكان النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات استدعى النائب المستقبلي هادي حبيش الى جلسة تحقيق صباح أمس بعد الادعاء عليه، الا أن حبيش رفض ذلك ولم يحضر. وقد أرسل عويدات كتابًا لإبلاغ رئيس مجلس النواب نبيه بري بواسطة وزير العدل.وقالت القاضية عون في تصريح تلفزيوني إنها كانت تستطيع أن توقف حبيش في اللحظة نفسها، لكنها لم تفعل حفاظًا على أرواح الناس، لأنه حضر ومعه ميليشيا.