الداخلية العراقية تستنكر «جريمة الوثبة» التي هزت الرأي العام.. والمتظاهرون يطلقون هاشتاغ «القاتل لا يمثلني» السيستاني يندّد بقتل وخطف المحتجين العراقيين ويدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة
ندّد السيد علي السيستاني، المرجعية الدينية العليا في العراق، أمس، بقتل وخطف المحتجين في الآونة الأخيرة وحثّ الدولة على السيطرة على استخدام الأسلحة.
ودعا السيستاني في خطبة الجمعة عبر ممثل له في مدينة كربلاء، أمس، القوات المسلحة إلى أن تظل مهنية وموالية للدولة وبعيدة عن النفوذ الأجنبي.
وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد خالد المحنا، أمس، إن التحقيقات ما زالت مستمرة بشأن جريمة «حادثة الوثبة».
وشهدت ساحة الوثبة القريبة من سوق الشورجة وسط بغداد، واقعة غير مسبوقة منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في العراق مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تضمنت قتل شخص وحرق منزله وتعليق جثته على أحد أعمدة الكهرباء، إذ اتهمه قتلته بأنه «قتل 5 متظاهرين بالرصاص».
وقال المحنا لوكالة الأنباء العراقية (واع) إن «التحقيقات لا تزال مستمرّة بشأن جريمة حادثة الوثبة»، مبيناً أنه «لم يتم تسليم أو استلام أي متهم بجريمة الوثبة لغاية الآن وإنما الإجراءات التحقيقية مستمرة».
وبحسب وزارة الدفاع، فإن المجني عليه «شاب لم يتجاوز 17 عاماً وكان منذ 5 أيام يطلب من المتظاهرين المتجمعين أمام منزله الابتعاد، لكنهم رفضوا فدخل معهم في مشادة كلامية سرعان ما تحوّلت إلى شجار وتراشق بالكلام، وبعدها رمى بعض الأشخاص قذائف مولوتوف على منزله، وكان يحمل مسدساً وأطلق عدداً من العيارات النارية فوق الرأس فاقتحموا منزله وقتلوه وسحلوه وعلّقوه على أحد الأعمدة».
وأصدر متظاهرو ساحة التحرير في بغداد، أمس، بياناً أدان الواقعة. وقال: «خرجنا سلميين من أجل الإصلاح وحقن الدماء ووضع المجرمين بيد القضاء، خرجنا من أجل إعادة كل شيء إلى وضعه الطبيعي، خرجنا ونحن رافعون شعار السلمية، راهنا عليها كثيراً وسنراهن وستكون هي شعارنا الدائم».
واعتبر البيان أن «ما حدث في ساحة الوثبة جريمة يدينها المتظاهرون وتدينها الإنسانية والأديان ويعاقب عليها القانون». ونقل البيان عن «شهود عيان من المدنيين والقوات الأمنية» أن «أحد الأشخاص قام من سكنه في منطقة ساحة الوثبة وهو تحت تأثير المخدرات بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين وقتل عدداً منهم، من دون أي تدخل من القوات الأمنية، ما دفع البعض إلى مهاجمة منزله وحدث ما حدث، أمام رفض تام من قبل المتظاهرين السلميين لجميع هذه الأفعال».
واجتاح هاشتاغ «#القاتل_لايمثلني « مواقع التواصل الاجتماعي العراقية، على خلفية إعدام المواطن وتعليق جثته وسط بغداد.
وذكر المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية أن «قاضي التحقيق المختص بقضايا الأمن الوطني باشر بإجراء التحقيق بخصوص جريمة قتل الشاب في ساحة الوثبة». وأضاف أنه «سوف تصدر مذكرات قبض بحق كل من شارك في ارتكاب هذه الجريمة البشعة».
وفي سياق متصل، أدانت «المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق» الجريمة البشعة التي حصلت في ساحة الوثبة.
وجاء في بيان للمفوضية، نشرته على حسابها في فيسبوك: « تدين المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق وبشدة ما حدث في منطقة ساحة الوثبة من جريمة بشعة استهدفت أحد المواطنين وأمام أنظار آلاف المتظاهرين وعدسات الكاميرات».
وأضاف البيان: «وفي الوقت الذي تستنكر فيه المفوضية مثل هذه الأفعال الشنيعة التي لا تمتّ للإنسانية بصلة ومنافية لكل قيم ومبادئ حقوق الإنسان والحق في الحياة… فإن المفوضية العليا لحقوق الإنسان تجدد مطالبتها للمتظاهرين بالحفاظ على سلمية المظاهرات والتعاون مع القوات الأمنية في تقديم الجناة إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل».
وطالبت المفوضية القوات الأمنية بتعزيز تواجدها في ساحات التظاهر، والعمل على رصد أي حالات مشبوهة قد تستهدف المتظاهرين السلميين، ومنع تكرار مثل هذه الحالات مستقبلاً.
وأظهرت مشاهد مصوّرة، على مواقع التواصل الاجتماعي، تعليق جثة أحد الاشخاص، بـ «عمودٍ كهربائي» من قدميه، وسط ساحة الوثبة ببغداد.
وارتفعت حصيلة العنف (قتل واختطاف وتهديد)، الذي يلاحق الإعلاميين، والصحافيين العاملين على تغطية التظاهرات في العراق، إلى أكثر من 100 إعلامي من بينهم 3 شهداء حتى الآن، مع نجاة رئيس صحيفة من محاولة اغتيال وسط العاصمة بغداد.
وشهد الأسبوع الماضي مقتل المصوّر الحربي البارز، الشاب «أحمد المهنا»، في هجوم بالسلاح الأبيض «السكاكين» على يد مجموعة مسلحة اقتحمت ساحة الخلاني، وجسر السنك، في بغداد، ليلة الجمعة الماضي 6 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بعد نحو يومين من اختطاف زميله «زيد محمد الخفاجي» على يد مجموعة مسلحة أيضاً بعد عودته من المظاهرات، إلى منزله في حي القاهرة.
وقفزت حصيلة ملاحقة الإعلاميين والصحافيين في العراق، من 30 إلى 100 في غضون شهر واحد فقط، في حصيلة مستمرّة مع تواصل الأحداث في البلاد، وتزايد عمليات الاغتيال بكاتم الصوت التي تلاحق أيضاً الناشطين، والكتاب البارزين الداعمين والمشاركين في المظاهرات التي تشهدها العاصمة، ومدن الوسط، والجنوب.ويتعرّض الناشطون والمتظاهرون في عموم محافظات العراق، لعمليات اختطاف، واعتقال، وقتل، ومحاولات اغتيال، بسبب مشاركتهم وتضامنهم في التظاهرات التي تشهدها البلاد، منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.