مساعٍ أخيرة بين الحريري والخليلين لإنجاز تفاهم قبيل استشارات الإثنين مصادر «البناء»: إما تأجيل وإما تكليف الحريري بأكثرية منخفضة تدفعه للاعتذار
محمد حميّة
لم تتضح صورة الملف الحكومي حتى الساعة بانتظار ما ستفضي إليه مشاورات الأيام القليلة الفاصلة عن موعد الاستشارات النيابية الملزمة بعد غدٍ الاثنين، وبعدما حدّد الوزير جبران باسيل موقف تكتل لبنان القوي بعدم المشاركة في حكومة وفق شروط الرئيس سعد الحريري، لم يُخفِ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حقيقة وجود تعقيد في المسألة الحكومية بإشارته بألا اتفاق على التكليف، وبأن التأليف لن يكون سهلاً، لكن السيد نصرالله فصل بين التكليف والتأليف بعدما عمل سابقاً على إنجاز الملف الحكومي ضمن صفقة واحدة تكليفاً وتأليفاً.
وعلقت مصادر مطلعة على كلام السيد نصرالله بالقول لـ»البناء» إن «حزب الله لن يسير بحكومة إلا بمشاركة الجميع، ووجّه السيد رسالة للحريري، بأننا لم نتخل عنك، لكن بالمقابل عليك التخلي عن شروطك، أما الصيغة إن كانت حكومة برئاسة الحريري أم غيره فقابل للتفاوض، كما أكد السيد بأن الثنائي الشيعي كما لم يتخلَ عن الحريري لن يتخلّى عن التيار الوطني الحر. وهذا ما أكد عليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري لباسيل منذ أيام». وتخلص المصادر في حديثها لـ»البناء» للقول بأن «الوضع الحكومي تكليفاً وتأليفاً ما زال في دائرة التعقيد ويحتاج الى مزيد من المشاورات، وطالما أن الثنائي الشيعي لن يسير بأي حكومة لا تشمل جميع الأطراف وطالما لا اتفاق حتى الآن، يعني لا حكومة». لكن الملاحظ أن الأمين العام لحزب الله لم يقفل الأبواب بوجه أي حل قد يتبلور قبل استشارات الاثنين بإشارته الى أن كتلة الوفاء المقاومة ستحدّد موقفها لاحقاً وتعبر عنه الاثنين وسط معلومات «البناء» بأن التواصل مستمر بين الخليلين والحريري في محاولة أخيرة للتوصل الى حل قبل الاثنين. وما يعزز هذا الاعتقاد بأن كتلة الوفاء للمقاومة أرجأت اجتماعها الذي كان مقرراً أمس، الى صباح الاثنين المقبل، اي قبل ساعات من إجراء الاستشارات النيابية بانتظار موقف الحريري من التكليف. كما لم يتطرق السيد نصرالله الى شكل الحكومة بل تركها مفتوحة على احتمالات عدة، مشيراً الى أننا نريد حكومة فاعلة. في حين أشارت مصادر مستقبلية لـ»البناء» الى أن «الحريري لم يحسم خياراته حتى الساعة بانتظار مشاورات الساعات المقبلة».
وقالت أوساط مطلعة على مسار التأليف لـ»لبناء» إن «احتمالات تأجيل الاستشارات تساوي احتمال حصولها بسبب عدم التوصل الى اتفاق حتى الآن بين القوى السياسية على التكليف ولا على التأليف، وبالتالي فإن أغلب الكتل النيابية لم تحدّد موقفها حتى الآن من التكليف بانتظار قرار الحريري وموقف كتلته النيابية»، مضيفة: «إن حصلت استشارات بلا اتفاق سياسي، فإن ذلك ليس من مصلحة الحريري لأنه لن يحصد أكثر من 68 نائباً كحد أقصى هي أصوات كتل المستقبل والاشتراكي والتنمية والتحرير وميقاتي وامتناع تكتل لبنان القوي وكتلة الوفاء للمقاومة والكتائب وكتل أخرى عن تسميته، وعدم حسم موقف القوات والمستقلين. وهذا ما سيدفع الحريري الى الاعتذار عن التأليف او استباق الاستشارات والطلب من رئيس الجمهورية ميشال عون تأجيلها لمزيد من المشاورات مع باسيل والثنائي الشيعي بغية حصد أكبر عدد من الاصوات تصل الى أكثرية مرجحة ومعتبرة».
وتضيف المصادر أن «الحريري لن يقبل بأكثرية منخفضة إذ إن والده الرئيس الراحل رفيق الحريري اعتذر رغم تكليفه آنذاك بـ 85 نائباً في إحدى حكومات عهد الرئيس اميل لحود».
وتشير الأوساط الى أن «الكرة في ملعب الحريري كرئيس حكومة تصريف أعمال أولاً وكممثل أقوى في طائفته ثانياً وكرئيس مكلف محتمل ثالثاً ورئيس يملك حق تزكية مرشح آخر رابعاً»، وتسأل الأوساط: «فإلى متى سيبقى لبنان رهينة في يد الحريري؟».
ومن الخيارات المطروحة أن تبقى الاستشارات قائمة بموعدها ولا تشارك فيها كتلة المستقبل إذا تيقنت من أن تكليف الحريري سيحصل بأكثرية منخفضة، وفي هذه الحالة فلن يؤجل عون الاستشارات لكي لا يتحمل مسؤولية عدم التكليف بل ستردّ كتل الثنائي الشيعي والحلفاء وتكتل التيار العوني بعدم الحضور الى بعبدا، وبالتالي لا مسؤولية على رئيس الجمهورية إذا بادر الى تأجيلها بعذر عدم حضور الكتل».
وقبيل كلمة السيد نصرالله سرّبت أوساط بيت الوسط موقفاً نقلته وسائل اعلام أشارت فيه الى «أنها ليست في وارد السجال او الردّ على أحد لا سيما أن موقف الحريري واضح ومعلن، وهو موقف يرتكز إلى قيام حكومة بمواصفات جديدة بعيدة من منطق المحاصصة التقليدية وتحاكي الحراك الشعبي والمخاطر الاقتصادية والأعباء المعيشية ومواقف أصدقاء لبنان»، ورأت أن «تحميل الحريري مسؤولية حرق الأسماء مردود جملة وتفصيلاً، وكذلك أيضاً بعض ردود الفعل التي اشتغلت على تحميل دار الفتوى وشخصيات إسلامية مسألة الحق الحصري بتسمية الرئيس المكلف، «ولا يجوز بالتالي تغليف وجهات نظرها بأي استهدافات واطر دستورية».
وقالت: «إذا كان هناك من يعتبر الميثاقية شرطاً لوصول الأقوياء في طوائفهم إلى المواقع الأولى في السلطة، فإن هذا الاعتبار يسقط عند حدود تشكيل الحكومات التي تبقى حقاً حصرياً منوط دستورياً برئيسي الجمهورية والحكومة فقط لا غير».
في المقابل أكدت أوساط بعبدا أن «الاستشارات في موعدها، لكن قد تؤجّل إذا كانت هناك مصلحة عليا ودواعٍ كبيرة ومهمة كما حصل الأسبوع الماضي».وتحدثت معلومات عن زيارة مرتقبة للحريري إلى قصر بعبدا للحوار مع رئيس الجمهورية. وتصرّ بعبدا على احترام الميثاقية في أي تشكيلة حكومية ما فسرته مصادر على أنه رفض مسبق لتوقيع أي تشكيلة من دون مشاركة التيار الوطني الحر ودعوة للحريري للتفاوض مع باسيل، كما تصرّ بعبدا على حكومة تكنوسياسية لمصلحة البلاد.