ليبيا… كعكة تصفية الحسابات!
} فاديا مطر
منذ دخول ليبيا بيدر ما يسمّى الربيع العربي قبل تسع سنوات وهي تقع تحت تأثرات التقاطعات الإقليمية والدولية التي تجتاحها بكلّ مفاصلها الداخلية والخارجية، فالمشاهد للمشهد الليبي لم يعد يفرّق ما بين قطع الطرق أمام الحلّ أو فتح الطرق أمام المصالح المتقاطعة، ولربما دخول الميلشيوية والإسلاموية على خط الجغرافيا الليبية هو صيغة المشهد الذي يتموضع في قلب الكعكة وتقاسماتها، فارتبطت المعارك الليبية بمحوري الوهابية والإخوانية بات قيد تصفيات إقليمية بمكاسب دولية تجري تنسيقياتها بمجرى السياسة والإقتصاد ما بين دخول تركي – قطري إخواني، وما بين تدخل سعودي – إماراتي وهابي طرح طرفي صراع متناقض المصالح بالشكل ومندمج الغايات في المضمون، ليكون جلّ المشهد في معارك الجغرافيا الليبية هي تقاسم غنائم ما حَضر من التقسيم القادم في كلّ مستوياته، فمسرح المواجهات تغلبت فيه الأشكال الإقليمية على الشكل الميلشيوي الحاصل، وهي في عمق التناحر المصري – التركي – الخليجي لخلفيات صراع النفط والجغرافيا الساحلية والدعم الغربي المباشر وغير المباشر في جعل تصفية الحسابات خارجة عن تصفيات المحاور التي تتصارع في جغرافيا بعيدة عن الساحة الليبية والتي تسعى لإسقاط أي حلّ سياسي وإستبداله بصيغ عسكرية تنهي المشهد للصالح الغربي في جعل غنائم ليبيا تؤول لما استقدمته تركيا من دعم لميلشيات حفتر، والمآل الأوروبي الساعي ليكون شريكاً فيه، أو لما تدعمه مصر والسعودية من ميلشيات الوفاق ليكون جمعه خالصاً للصالح الأميركي والإسرائيلي بشكل غير مباشر، عبر صراع مصالح النفط في شمال شرق المتوسط والذي بدأ يأخذ من الإقتتال الليبي صيغ التناحر وفي عمقها يقف الأميركي والإسرائيلي كاسباً لكلا النتيجتين، حيث ينمّ إرتفاع التوتر العسكري في ليبيا عن مشهد تلعب فيه أنقرة بمصالح أوروبية عكست معادلات المحيط القبرصي بمنابع الغاز والنفط في شمال شرق المتوسط لتكون قصة مستقبلية مع واشنطن الحاضرة في ذات الزمان والمكان والتي تحمل القاهرة والرياض مناقلاتها في الداخل الليبي كرأس حربة للمصالح الصهيو–أميركية وتفاهمات الحلّ البعيد الذي تتحضّر فيه تنائج الإقتتال عبر إشراك الأممية ومجلس الأمن كشريك ثالث يقف في ذات الموقف الغربي، وما التلميح الأميركي لشراكة روسية في ملفات ليبيا إلا لإعطاء صيغ الحلّ شكلاً دولياً تعبّر عنه مآلات الصراع في مستقبل ليبيا، فإذا كانت صيغ الميدان العسكري جانحة للطرف الترك–أوروبي فإنها سالكة بإتجاه واشنطز ومصالحها بشكل أو بآخر، وإذا انتهت للصالح السعو–مصري فهي تأتي بذات النتيجة للكيان الصهيوني عبر ما اتفق عليه في دعم فريق يخدم ذات المصالح، فنتائج تصفيات الكعكة الليبية معروفة المصدر والمآل، وهو ذات المرشد والمموّل لباقي صراعات محاور الصراع في المنطقة، حيث لم تنضج تفاهمات سياسية تحبك قطبة الميدان في كلّ من سورية ولبنان والعراق، وتقدم الصراع مع إيران لواجهة تقارب خليجي مع طهران في شكله الحذر يضع حليف أنقرة في أروربا قيد المشاركة في التقاسمات التي تطرحها المرحلة الحالية لجهة مقاربة رؤية سياسية لحرب المضائق قد تغيّر شكل ما تنوي به إتفاقيات تحكم شرق المتوسط وهرمز بطريقة سياسية، فالمتسائل عن مصالح التصعيد في ليبيا يجب أن ينظر لشكل التفاهمات النهائية التي تحكم المرحلة الحالية في عمق محاورها التي ما زالت على صفيح ساخن قابل للتسخين أكثر فيما إذا فشل شكل التفاهم مع إيران وروسيا وما ترتكبه أنقرة من تصعيد عسكري في ليبيا وسورية وشمال شرق المتوسط بعد دخول قطع عسكرية إيطالية لمحيط حقول الغاز البحري في قبالة اليونان، وهو شكل متقدّم لما أبرزته اختلافات أنقرة مع محور واشنطن مؤخراً في مواضيّع روسيا وسورية وسقوط منطقة الشرق السوري من اليد التركية، فكعكة التصفيات الليبية ربما ستكون البديل عن فشل غير حروب دخلت إليها صراعات واشنطن مع موسكو، أو ستكون اللقمة التي تستبدلها واشنطن بتفاهمات ما قال عنه وزير الدفاع الأميركي من أنّ روسيا حاضرة وأيضاً في الشمال الأفريقي وهو المقلق لواشنطن بكلا الحالتين التي بدأت تنحسر فيها في الخليج والمتوسط.