»إسرائيل» ونفق السياسة الروسي… انعدام الرؤية
ربى يوسف شاهين
التغييرات والتطورات الإقليمية والدولية الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، نتيجة سياسات الغرب والإدارة الأميركية، أفرزت تناقضات في العلاقات السياسية بين العديد من الدول، خاصة تلك التي تُصنف من الدول العظمى والدول ذات الدور الاقليمي، ولكن اللافت أن ما يسمى عند الإدارات السياسية الغربية لجهة التطورات الحاصلة في البلاد العربية، يتم تسميته بالشرق الاوسط الجديد، لكن ما هو إلا فوضى عارمة في هذه المنطقة، وأخطر دلائلها الحرب على سورية واليمن، ولا ننسى العراق الذي نالته المخططات الإرهابية، لتتولد جُملة من المتغيرات السياسية في العلاقة بين البلدان، كعلاقة روسيا الاتحادية مع الكيان الاسرائيلي.
الحرب على سورية، اظهرت ملفات كثيرة من جوانب الخلاف الذي بدأت معالمه تظهر منذ اسقاط الطائرة الروسية “إيل-20”، ومقتل الخبراء الروس، وذلك بصواريخ سورية مضادة للطائرات، نتيجة انتهاك الطيران الإسرائيلي للمجال الجوي السوري في محافظة اللاذقية، مما زاد في عُمق الأزمة بين إسرائيل وروسيا، حيث رفضت روسيا نتائج التحقيقات التي أجراها سلاح الجو الإسرائيلي، حول هذه الحادثة، وإتهام إسرائيل بالكذب، وهذا ما اكدته الصحف الإسرائيلية لجهة “إنّ الأزمة بين إسرائيل وروسيا خطيرة وعميقة”، كما في صحيفة معاريف الإسرائيلية.
تعتمد “إسرائيل” في تبريراتها للعدوان على دمشق أمام روسيا، بأنّ هناك أهدافاً تابعة لإيران وحزب الله.
فما هي التطورات التي فاقمت الخلاف الروسي الإسرائيلي؟
نشرت صحيفة “يديعوت احرونوت” تقريراً أكدت فيه أنّ روسيا تُشدّد معارضتها لمواصلة الهجمات الإسرائيلية الجوية في سورية، وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها إلى “أنّ روسيا وافقت لأول مرة على بيان مشترك مع إيران وتركيا، يُندّد بشدة الهجمات الإسرائيلية في سورية”.
الواضح انّ التمادي الإسرائيلي في انتهاك القانون الدولي، واستمرار سلاح الجو الإسرائيلي بانتهاك الأجواء السورية وقصف مواقع للدولة السورية، بدأ يُزعج الحليف الروسي، والذي بدا واضحاً في التصريحات الروسية في 20 تشرين الثاني /نوفمبر، عندما نفذ سلاح الجو الاسرائيلي عشرات الغارات ضدّ أهداف في سورية، بما في ذلك قصف المبنى في مطار دمشق، والذي تدّعي “إسرائيل” بأنه تابع للحرس الثوري الإيراني.
الخروقات التي تُنفذها اسرائيل غير مبالية بالاتفاق الروسي الإسرائيلي، لعدم تنفيذ غارات عدوانية في ظل التطورات الحاصلة على الساحة السورية. فالإعلان الصادر الاربعاء 11/12/2019 عقب الجولة الاخيرة من مباحثات استانا، يُعدّ قفزة بدرجة أخرى ضد إسرائيل، وفق “يديعوت أحرنوت” التي اعتبرت “انّ روسيا تعلن لأول مرة معارضتها بشدة للهجمات الإسرائيلية في سورية”.
روسيا تُدرك أنّ السياسة العدائية الإسرائيلية تجاه سورية، وانتهازها للحرب على سورية لتنفيذ اجنداتها الخاصة في تعزيز الدمار والفوضى على الارض السورية.
النظرة الإسرائيلية لروسيا…
ما يُقلق “إسرائيل” هو تدهور العلاقة مع روسيا، فالأخيرة دولة عظمى، أما الولايات المتحدة ورغم الدعم الأميركي لـ “إسرائيل” ضدّ الفلسطينيين، لكن أهمية الولايات المتحدة بالنسبة لـ “إسرائيل” تكمن في حمايتها من دول عظمى اخرى كـ روسيا. لكن الدور الأميركي أصبح في تراجع بعد سياساتها الخاطئة في الشرق الأوسط، وإنقلاب موازين القوى لصالح روسيا في تلك المنطقة، والذي تحاول “إسرائيل” استغلاله على كافة الاتجاهات، من خلال الحفاظ على الرضى الروسي، وهذا ما بدا جلياً من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، ووفق صحيفة “يديعوت احرونوت” فإنّ “محافل رفيعة المستوى في جهاز الامن الإسرائيلي قدّرت التصريحات الروسية العلنية بأنها لا تعكس بالضرورة موقف الرئيس فلاديمير بوتين”.في النتيجة الحليف الروسي وإنْ كانت له مصالح مشتركة مع “إسرائيل” في علاقتهما التجارية والعسكرية، لكن الأكيد أنّ روسيا ستقف في وجه الغطرسة الإسرائيلية، التي تحاول فرض إملاءاتها لكسب نقاط لها على حساب الدولة السورية.