المأزق السعودي في اليمن النفط مقابل العرش…!
محمد صادق الحسيني
في ظل الحديث المتواتر عما بات يُسمّى باحتمالات وقف الحرب على اليمن أو فتح باب الحوار بين الرياض وصنعاء، ومدى جدية قوى تحالف العدوان في هذا الأمر.
فإن كل العلائم والقرائن والمؤشرات تفيد بزيف هذه الادعاءات، كما تفيد مصادر وثيقة الصلة بالملف اليمني!
وحتى نفهم تكتيكات نظام الرياض ونمط تعامله مع الحرب المفروضة على الشعب اليمني المظلوم والتي عمل النظام السعودي فيها بمثابة الأداة الطيعة بيد المعسكر الغربي المعادي لاستقلال اليمن وحرياته ننقل اليكم المشهدية السعودية كما هي في الميدان، وكيف أسقطها الصمود اليمني الأسطوري…
1 – كان الجنرال الإيطالي، جوليو دوهيت Giulio Douhet، هو أول من وضع نظرية القصف الجوي وأول من دعا الى صناعة قاذفات قنابل، بهدف نقل الحرب والعمليات الحربية الى عمق أراضي العدو وعدم اقتصار ذلك على جبهات القتال الحدودية، كما كانت تدار الحروب حتى بدايات استخدام الطائرات في عمليات القصف الجوي، خلال الحرب العالمية الأولى.
2 – وهذا بالضبط ما طبقته السعودية في تكتيكات عدوانها على اليمن، منذ 26/3/2016. اذ انها بدأت حملة قصف جوي أشبه بالقصف الجوي النازي لبريطانيا، إبان الحرب العالمية الثانية وقصف طائرات الحلفاء للمدن الالمانية، منذ سنة 1943 وحتى نهاية الحرب. ذلك القصف الذي لم يوفر لا شجراً ولا حجراً في كل أنحاء المانيا.
فقد قام سلاح الجو السعودي والإماراتي والإسرائيلي، بمساندة مباشرة أميركية بريطانية فرنسية، بشن ما يزيد على نصف مليون غارة جوية منذ بدء العدوان حتى اليوم.
3- لكن نجاح الحكومة اليمنية في صنعاء وقواتها المسلحة، بمساندة حركة أنصار الله، في استيعاب تأثير الصدمة، الذي كان يرمي اليه السعوديون منذ اليوم الاول للعدوان، والصمود الأسطوري للشعب اليمني العظيم قد أفشل تلك المخططات تماماً.
4- ليس هذا فحسب، بل إن القوات المسلحة اليمنية قد بدأت، ومنذ اليوم الأول في تطبيق تكتيك المناطق الحرام. أي المناطق التي يمنع العدو من دخولها تحت أي ظرف كان، وذلك لمنعه من إحداث خروقات عسكرية تؤسس لتصدّع خطوط الدفاع للقوات المسلحة اليمنية. وقد نجحت هذه التكتيكات نجاحاً باهراً ومهدت الطريق لخطوات هامة على مسارات العدوان على اليمن والتأسيس لإلحاق الهزيمة الاستراتيجية بمنفذيه، أي التحالف الاميركي الاسرائيلي السعودي.
5- وفي ظل الثبات في خطوط الدفاع، قامت القوات المسلحة اليمنية بتحديث مخزونها من مختلف الاسلحة، الصاروخية منها والمدفعية الصاروخية، الى جانب وسائل الدفاع الجوي، وبمساعدة بعض القوى العربية، التي لا ولن تعرفها قوى العدوان. والحديث هنا لا يجري عن إيران ولا عن الحرس الثوري الإيراني.
مما أدى الى وصول صناعة الصواريخ اليمنية الى مستوى من التطور العسكري الذي سمح لهذه القوات بفتح معركة نقل المعركة الى العمق السعودي، وذلك عندما بدأ سلاح الصواريخ اليمني بقصف المنشآت السعودية في مدن مثل الرياض وجدة، إضافة الى مدن الجنوب مثل أبها وجيزان ونجران.
6- وقد أدى هذا التطور الى انتقال الجيش والقوات المسلحة اليمنية من حالة الدفاع الإيجابي المستميت الى حالة الهجوم الاستراتيجي، باستخدام الصواريخ؛ الأمر الذي أدى الى إخراج سلاح الجو السعودي من المعركة تماماً، من خلال إبطال مفعوله على الأرض أولاً
ومن خلال بدء سلاح الدفاع الجوي اليمني بالتصدّي لطائراته، خاصة المروحيات وطائرات الاستطلاع، ثانياً.
7- في حين شكّل الهجوم الجوي الصاروخي اليمني، على مجمعات أرامكو السعودية في ابقيق وخريص، بتاريخ 14/9/2019، قمة النجاحات الاستراتيجية، في مسار الهجوم اليمني الاستراتيجي المعاكس. ذلك الهجوم الذي دمّر أجزاء كبيرة من تلك المنشآت وأوقف نصف إنتاج السعودية من النفط.
ولعل من المهم التنويه بآراء العديد من الخبراء والمحللين العسكريين والسياسيين، بمن فيهم الإسرائيليون، الذين يعتقدون او حتى يؤكدون بأن السعودية تواجه مأزقاً حقيقياً في اليمن مما دفعها، أكثر فأكثر، الى التقرب من “إسرائيل” في محاولة منها لتشكيل تحالف إسرائيلي سعودي معادٍ لليمن وبقية أطراف حلف المقاومة. الأمر الذي يرفض الانصياع لتبعاته صانعو القرار في واشنطن وتل أبيب، وذلك خوفاً من الخسائر التي قد تلحق بـ”إسرائيل” والمصالح الأميركية في المنطقة، في حال حصول أي مواجهة اقليمية.
8 – من هنا، وبناء على ما تقدم، فإن المصادر الأوروبية الدبلوماسية والأمنية، التي تتابع تفاصيل العدوان على اليمن، تؤكد أن سعي السعودية، الى الدخول في نوع من الحوار مع الحكومة اليمنية وحركة أنصار الله، لا يعبر عن تحول في خيارات الحكومة السعودية وإنما هو تعبير عن :
عجز تحالف العدوان عن تحقيق أية نتائج ميدانية وتيقنه من استحالة تغيير موازين القوى العسكرية في الميدان، خاصة أن محمد بن سلمان قد تلقى تحذيرات، من أكثر من جهة أميركية وإسرائيلية، مؤداها ان استمرار العدوان سوف يجبر القوات المسلحة اليمنية على توجيه المزيد من الضربات ضد أهداف استراتيجية سعودية. الأمر الذي قد يؤدي الى شلل الدولة السعودية.
– وهنا يبدو أن ثمة محاولة محكمة من بن سلمان لتأمين فترة هدوء، او فترة سماح، كما يسميها البعض، لتأمين بيع عملاق النفط السعودي، شركة أرامكو، أي خصخصتها عن طريق بيعها لمستثمرين ماليين، وبالتالي نقل ملكيتها من الدولة السعوديه الى مستثمرين مختلفين لا نستثني منهم لا الأميركي ولا الإسرائيلي. خاصة أن محمد بن سلمان يروّج، من خلال الآلة الإعلامية السعودية الى أن قيمة أرامكو، في أسواق البورصة الدولية، ستصل الى تريليوني دولار.
وعلى ذمة محمد بن سلمان، وفِي ظل عدم وجود اية معلومات موثوقة، من جهات مالية دولية، حول قيمة الحصه التي تمّ بيعها من أرامكو، نقل وعلى ذمته فإن هذه القائمة بلغت ستة وعشرين مليار دولار.
9- وبغض النظر عن القائمة الفعلية أو الاسمية لهذه الشركة فإن استمرار الضربات الصاروخية اليمنية سوف يقضي على فرص بيعها، وبالتالي على فرص محمد بن سلمان في تقديمها قرباناً للسيد الأميركي على مذبح وصوله او إيصاله الى العرش السعودي. الأمر الذي يدفع الكثيرين من الخبراء لتحذير الجانب اليمني في صنعاء من الوقوع في فخ الهدنة، سواءٌ المؤقتة أو الطويلة الأمد، خاصة أن مَن يخطّط لبن سلمان هم خبراء أمنيون أميركيون وإسرائيليون يجيدون إضاعة الوقت وخلق الأوهام والكثير من السراب دون الوصول الى أي هدف.
10 – لذلك فإنهم يَرَوْن بان مواصلة الهجوم الاستراتيجي اليمني هو الطريق الأضمن والأقصر لوقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب اليمني، وبالتالي هزيمة العدوان وردّ السيف الى نحره وتحرير كل شبر من أرض اليمن من قوى العدوان وصولاً الى تحرير الركن اليماني من العلو والاستكبار السعودي كما هو حلم كل يمني منذ عقود.
لكل نبأ مستقر ولكن يعلمون،بعدناطيبين،قولواالله.