التمهيد لنواف سلام يثير الريبة لقطبة مخفيّة يوم غدٍ الخميس بعد انسحاب تيار المستقبل من المنافسة برّي والحريريّ لمواجهة مشتركة لخطر الفتنة بتسريع التكليف والتأليف التداول بأسماء قبّاني والجسر كحلّ وسط يُرضي الشارع وينال التوافق
كتب المحرّر السياسيّ
على إيقاع الحذر من مخاطر المناخات الفتنوية التي أطلّت برأسها بقوة، ليل أول أمس، ولا تزال المخاوف من تكرارها تخيّم على الحسابات السياسية، والقلق من زيارة المبعوث الأميركي معاون وزير الخارجية ديفيد هيل المرتبطة بصورة مباشرة بثنائية أميركية معلنة حول لبنان، تربط الحكومة الجديدة بتوقيع ورقة ساترفيلد حول ترسيم حدود النفط والغاز، التي رفضها لبنان، يطل الاسم المدعوم أميركياً نواف سلام، كمرشح لتشكيل الحكومة الجديدة، من خلف حملة تمهيد تشارَك فيها نواب وأحزاب يقعون في دائرة النفوذ الأميركية المباشرة، ما يدفع وفقاً لمصادر سياسية متابعة قريبة من الغالبية النيابية إلى التوجّس من خطورة عدم حدوث تفاهم مع الرئيس سعد الحريري يكشف وجود ضغوط أميركية كبيرة لضم كتلة المستقبل وربما كتل أخرى إلى صف تسمية سلام. والحاجة في هذه الحالة لتسمية مرشح ينال أغلبية الأصوات ويحول دون رسوّ التكليف على سلام.
البحث في ما يجب فعله يوم الخميس عائد، لكون التأجيل غير وارد عند رئيس الجمهورية، الذي تعرّض لحملات قاسية بتحميله مسؤولية عدم الإسراع بالاستشارات النيابية، ليتبين أن كل الوقت الذي مضى لم يكن كافياً لتبلور توافق يمهّد لولادة حكومة، حتى لو تمّت تسمية رئيس مكلف، كشفت الأيام الماضية أن التسمية نفسها ليست بالسهولة التي تخيّلها الكثيرون وروّجوا لتحميل رئيس الجمهورية مسؤولية التباطؤ على هذا الأساس.
اللقاء المحوري يوم أمس، جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، وتركّز وفقاً للبيان الصادر والمصادر المطلعة على فحوى المحادثات، على الحاجة للتعاون الوثيق والانتباه الشديد لإحباط كل مسعى لإيقاع فتنة مذهبية باتت تشكل الخطر الأكبر، والتأكيد على أهمية الإسراع بتسمية رئيس مكلف وتسهيل ولادة الحكومة الجديدة، كشرط ضروري لتحصين البلد بوجه مخاطر الفوضى وسدّ منافذ الفتنة. وقالت المصادر إن جولة أفق تمّت حول الخيارات المتاحة بين الرئيسين، وكان واضحاً في ظل الأسباب التي دفعت بالرئيس الحريري لطلب تأجيل الاستشارات أن امتناع نواب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر عن تسميته يشكل حائلاً دون ميثاقية التسمية حتى لو تحقق الحصول على أغلبية وازنة نيابياً للتسمية تبدو صعبة بدون أحد الفريقين. والخيار المتاح يتمثل بفتح قنوات الحوار بين الرئيس الحريري والتيار الوطني الحر واختبار فرص التفاهم. وهو أمر ربما لا يكون ثمّة وقت متاح لتحقيقه قبل الخميس بصورة تنتج حلاً، في ظل تموضع كل من الفريقين على مواقف يصعب التراجع عنها دون أن تُصاب مصداقيته بالأذى. وهذا ينقل النقاش إلى دائرة ثانية هي التفكير باسم يقترحه الرئيس الحريري لحكومة تشارك القوى السياسية والنيابية في احتضانها ورعاية توازناتها، تتشكل من اختصاصيين مسيّسين، وربما يكون هذا الخيار قادراً على حصد أغلبية كبيرة من أصوات النواب تصل إلى المئة وتزيد، وتفتح طريق تشكيل حكومة بسرعة.
قوى الغالبية تفرّغت بالتوازي للبحث في كيفية التعامل مع فرضيّة عدم تلقي الجواب المنتظر من الرئيس الحريري اليوم، خصوصاً أن الأسماء التي تمّ التداول بها من بيئة تيار المستقبل مع الرئيس الحريري والتي تقدّمها الوزيران السابقان خالد قباني وسمير الجسر، ربما تصلح لتسميتها حتى لو لم يتمّ التوصل لتفاهم مع الرئيس الحريري عملاً بمعادلة دستوريّة معلومة في التسمية وهي أن لا ترشيح شخصياً أو حزبياً للاسم الذي يكلف تشكيل الحكومة، ومن غير المنطقي توقع اعتذار مَن تتم تسميته في ظرف كالذي يمرّ فيه لبنان. وإن حدث الاعتذار يكون التصرف حينها وفق المقتضى الذي يفترض العودة للاستشارات مجدداً.
وعشية خميس الحسم يوم غدٍ، بادر رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الى الاتصال برئيس المجلس النيابي نبيه لزيارته فكان اللقاء الذي استمر ساعة ونصف الساعة، استكمل خلاله النقاش والبحث في ملف التكليف والتأليف الذي لا يزال محلّ تجاذب سياسي بين المعنيين، خاصة أن المعلومات تشير إلى أن لا بديل حقيقياً عن الحريري لتأليف الحكومة والذي بات أمام خيارين إما ان يسمّي شخصية من كتلته أو تياره لتحظى بثقة الكتل النيابية عند الاستشارات النيابية الملزمة أو أن يتجه الى تبني مقاربة سياسية جديدة تقوم على موافقته على تأليف حكومة تكنوسياسية.
ولفتت مصادر عين التينة لـ»البناء» الى ان الرئيس بري الذي يؤكد اهمية تولي الرئيس الحريري رئاسة الحكومة العتيدة اكد ان على الجميع التنازل من جهته لمصلحة البلد الذي لم يعد يحتمل في ظل ما يعانيه من ازمات مالية، اقتصادية ومعيشية.
وبحسب المصادر، سأل بري الحريري في حال موافقته على تأليف حكومة تكنوسياسية، عن إمكان قبوله بصيغة تترك الخيار له لتسمية الوزراء الاخصائيين المستقلين في مقابل أن تضم الحكومة 4 وزراء سياسيين يمثلون الكتل النيابية الأساسية، بعيداً عن الوجوه التي تمثل استفزازاً للشارع.
وأكد الرئيسان بري والحريري في بيان وجوب تحلّي اللبنانيين كل اللبنانيين في هذه المرحلة بالوعي واليقظة وعدم الانجرار نحو الفتنة التي يدأب البعض على العمل جاهداً نحو جرّ البلاد للوقوع في أتونها، والتي لا يمكن أن تواجه إلا بالحفاظ على السلم الاهلي والوحدة الوطنية ونبذ التحريض وأولاً وأخيراً إفساح المجال امام القوى الامنية والجيش اللبناني للقيام بأدوارهم وتنفيذ مهامهم في حفظ الامن والمحافظة على امن الناس وحماية الممتلكات العامة والخاصة.
وفي الشأن الحكومي، شدّد البيان على أن الحاجة الوطنية باتت أكثر من ملحّة للإسراع في تشكيل الحكومة وضرورة مقاربة هذا الاستحقاق بأجواء هادئة بعيداً عن التشنج السياسي، تتقدم فيها مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح.
وعشية زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي دايفيد هيل لبنان يوم الجمعة، حيث سيلتقي عدداً من المسؤولين، افادت مصادر مطلعة لـ»البناء» ان هيل سيبحث المعنيين بملفات تتصل بالحكومة والنفط والغاز، وبمطالب الحراك، لافتة الى ان الجو الغربي وتحديداً الأميركي بات واضحاً أن مساعدة لبنان الاقتصادية مشروطة بجملة من القيود والشروط والتي تحمل في طياتها مزيداً من الضغط على حزب الله. ولفتت المصادر الى ان الحريري حاول تأجيل الاستشارات الى ما بعد زيارة هيل بيد أن رئيس الجمهورية رفض المزيد من التأجيل، معتبرة ان الامور باتت واضحة. فالموقف القواتي من عدم تسمية الحريري كان دليلاً على موقف غربي غير مؤيد للحريري، داعية الى انتظار ما ستحمله الاتصالات في الساعات القليلة المقبلة على أكثر من خط معني بالتأليف قبل موعد الاستشارات يوم الخميس.
الى ذلك، طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من قائد القوات الدولية في الجنوب الجنرال ستيفانو دل كول، خلال استقباله في قصر بعبدا، التحقيق في أسباب خرق باخرة استكشاف للنفط يونانية تعمل لصالح الجيش الإسرائيلي في المياه الإقليمية اللبنانية والبقاء فيها لمدة 7 ساعات. واكد الرئيس عون ان لبنان يرفض اي تعدٍّ على حقوقه المشروعة ضمن مياهه الإقليمية، معتبراً ان الخروق الإسرائيلية البحرية للسيادة اللبنانية لا تقل خطورة عن الخروق البرية والجوية التي تواصل «إسرائيل» القيام بها.
إلى ذلك يزور بيروت مساعد وزير خارجية اليابان اتسوهيكو تاكاهاشي الجمعة المقبل، للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسي مجلس النواب وحكومة تصريف الأعمال ويبحث معهم المستجدّات في لبنان والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
إلى ذلك، عاد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل من جنيف الى بيروت، بعدما شارك في المؤتمر العالمي للاجئين الذي انعقد في مقر الأمم المتحدة بمشاركة رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية.
وأعلن باسيل من جنيف أن «الوضع لا يبشر بالخير وما حصل بسورية مهدّد ان يحصل عندنا. ومأساة النزوح واللجوء مسؤولية مشتركة، وإما أن تتحملوا معنا الأعباء ام النتائج.»
وأوضح أن «اقتصاد بلد واحد لا يستطيع تحمل كلفة شعبين ولا ناتج محلياً من دون عامل محلي، ودَعَونا دوماً إلى تنظيم عودة ممرحلة وآمنة وكريمة للنازحين السوريين وحذّرنا من تحوّل الكثيرين منهم إلى طالبي عمل.» وشدد على أن «كارثة انهيار لبنان ستعني أن أي بلد في العالم لن يجرؤ بعدها على استقبال أيّ نازح».وعلى خط آخر، أعلن رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان «أننا سندعو لجلسة مغلقة لاستيضاح رئيس جمعية المصارف وحاكم مصرف لبنان ووزير المال حول الآليات وتطمين الناس حول ودائعهم».