التوتر يتصاعد في الشارع واقتحام وإقفال المحتجّين للمؤسّسات الرسمية يتواصل
ساد الهدوء العاصمة والمناطق أمس بعد تصاعد التوتر في الشارع ليل أول من أمس إثر انتشار فيديو يسيء إلى قيادات سياسية ومقامات دينية على مواقع التواصل الاجتماعي نشره لبناني مقيم في ألمانيا، وما أعقب ذلك من عمليات حرق لعدد من خيم الحراك في النبطية وساحة إيليا في صيدا وفي البقاع الغربي. إلاّ أن التظاهرات والاعتصامات تواصلت من أجل تحقيق المطالب الإقتصادية والمعيشية.
ففي بيروت، دخلت مجموعة من الناشطين غرفة التجارة والصناعة حيث كان يُعقد اجتماع بحضور وزير الإتصالات في حكومة تصريف الأعمال محمد شقير. وحصلت مواجهة كلامية بين الحاضرين وبين الناشطين الذين أبدوا اعتراضهم على خصخصة قطاع الخلوي ثم غادر الناشطون المكان.
ولاحقاً، أصدر المكتب الإعلامي لشقير بياناً أشار فيه إلى «أنه خلال الاجتماع الذي كانت تعقده الهيئات الاقتصادية في مقرّ غرفة بيروت وجبل لبنان بحضور وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال كميل أبو سليمان ووزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات في حكومة تصريف الأعمال عادل أفيوني، والذي ركز بشكل أساسي على مناقشة الإجراءات والخطوات المطلوبة لتقوية صمود الاقتصاد الوطني والمؤسسات وإعطاء دفعة لتحريك العجلة الاقتصادية وحماية اليد العاملة اللبنانية والحفاظ على القدرة الشرائية ومداخيل اللبنانيين، دخلت مجموعة من الناشطين عنوة إلى قاعة اجتماع الهيئات عند انتهائه، حيث وجهوا للوزير شقير مجموعة من المطالب والأسئلة المتعلقة بقطاع الإتصالات».
ولفت المكتب إلى أنّ شقير استمع بإيجابية إلى كلّ المطالب والأسئلة التي طرحها الناشطون، ومن ثم أجاب على مختلف المواضيع التي طرحت.
وأشار إلى أنّ شقير «أبدى للناشطين استعداده الدائم للحوار مع أيّ مواطن ومع أيّ مجموعة حول قطاع الاتصالات وإعطاء إجابات واضحة وصريحة موثقة بالمستندات».
وشدّد على «أنّ حق التظاهر والتعبير عن الرأي إعلاء الصوت هو حق مصان بالدستور، وعلى ضرورة الحفاظ على القانون وحرمة المؤسسات والمواطنين بمختلف فئاتهم، لأن هذه المبادئ هي أسس بناء دولة ديموقراطية حديثة».
من جهة أخرى، أوضح المحتجون في إقليم الخروب، في بيان، أن لا علاقة لهم «لا بقطع الأوتوستراد الساحلي في محلة السعديات ولا بشريط الفيديو الذي نشر عبر وسائل الاعلام» ويمسّ يعض المقامات الدينية، مؤكدين «الحرص على الإستقرار»، ومستنكرين «كلّ أشكال التحريض التي تمس بالسلم الأهلي».
وفي النبطية، نظم معتصمون وقفة احتجاجية على خلفية تحطيم خيمتهم بالقرب من السراي الحكومية في النبطية، وردّدوا الأغاني والشعارات الوطنية، مستنكرين ما حدث. وألقى أحمد داغر كلمة قال فيها «لن تثنينا هذه التحركات، وسنبقى في الساحة نرفع شعار الانتفاضة لاسترداد الأموال المنهوبة وإلغاء حكم المصرف الذي يحجز أموال المودعين في البنوك».
وقطعت نسوة الطريق لدقيقة واحدة احتجاجاً، وسط تدابير أمنية للجيش وقوى الأمن الداخلي.
وفي صيدا، انطلقت مسيرة طالبية من ساحة تقاطع إيليا باتجاه شوارع المدينة وسوقها التجاري، احتجاجاً على الاعتداء الذي تعرّضت له خيم المعتصمين في حديقة الناتوت عند ساحة التقاطع من قبل مجموعة من الشبان الملثمين. وردّدوا خلالها هتافات مناهضة للسلطة.
ومساء، نفذ المحتجون وقفة أمام سراي صيدا الحكومي استنكاراً لما حصل من تعدّ وتحطيم لخيمه في ساحة إيليا. ورفع المشاركون الأعلام اللبنانية ولافتة كُتب عليها «عم يلعبوا بالشعب اللبناني لوتو إذا مش الاثنين الخميس»، وأطلقوا هتافات تدعو إلى مواصلة التحرك لتحقيق المطالب، وذلك وسط انتشار لعناصر الجيش والقوى الأمنية عند مداخل السراي.
وتُلي بيان باسم الحراك استنكر ما جرى، مؤكداً «الحرص على عدم التعرّض لأيّ من الرموز والقيادات السياسية منذ بداية الحراك درءاً للفتنة»، ومشدّداً على «مواصلة الانتفاضة» داعياً الجميع إلى الوحدة الوطنية والبقاء جنباً إلى جنب في ساحة إيليا.
بعد ذلك، أنشد الجميع النشيد الوطني اللبناني وأطلقوا الهتافات المطلبية وتابعوا المسيرة باتجاه ساحة إيليا .
وفي طرابلس، تجمّع عدد من المتظاهرين أمام شركة قاديشا في البحصاص، وردّدوا هتافات مناهضة للسياسة التي تتبعها وزارة الطاقة في ملف الكهرباء وطلبوا من الموظفين ترك مكاتبهم وإقفال الأبواب، كما نصبوا خيمة أمام المدخل الخارجي للشركة.
وشهدت المدينة حركة سير طبيعية، وفتحت الدوائر الحكومية والمؤسسات التربوية والعامة أبوابها، فيما كانت جميع الطرق سالكة أمام حركة المرور باستثناء مسارب ساحة النور.
وفي عكار، اعتصمت مجموعة من المحتجين أمام مؤسسة كهرباء لبنان ومركز التنظيم المدني في حلبا، وأطلقوا الهتافات المطالبة بمكافحة الفساد، وطلبوا من الموظفين التوقف عن العمل وتم إقفالهما .
وفي زحلة، نفذ أصحاب المقالع والكسارات اعتصاماً امام سراي زحلة. كما نفّذ أهالي البقاع الشمالي المنضمون للحراك المدني، وقفة تضامنية شجباً للاعتداء الذي تعرضت له خيمة الحراك في بلدة الزيتون البقاع الشمالي وإحراقها بالكامل .
كما أكد المعتصمون سلمية الحراك، وأن حركتهم هي لتحقيق مطالبهم المعيشية المحقة وإقامة دولة مدنية قائمة على العدالة والمساواة وإستعادة المال المنهوب إلى الشعب .
مواقف
إلى ذلك، أكد الأمين العام لـ»التنظيم الشعبي الناصري» النائب أسامة سعد في بيان «أنّ الانتفاضة ستستمرّ وتتصاعد حتى تحقيق كامل أهدافها»، محذراً «من تسمية أحد أركان منظومة السلطة الفاسدة في الاستشارات النيابية، ومن إعادة تشكيل حكومة محاصصة طائفية، وذلك بذريعة الأوضاع الطارئة»، مؤكداً «أنّ إرادة الثوّار ستنتصر حتماً، وأنّ عقارب الساعة لن تعود أبداً إلى الوراء».
من جهته، أكد عضو قيادة حركة «أمل» عباس عباس خلال لقاء سياسي في بلدة السلطانية الجنوبية تمسك الحركة «بمطالب الحراك المدني والتي هي أولى مطالب الحركة ومنها إلغاء الطائفية السياسية والعمل على التحوّل إلى الدولة المدنية ورفع التدخلات بشأن القضاء وجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية».
وحثّ الحاضرين على «الصبر والصمود وعدم الإنجرار إلى الفتنة الطائفية التي يسعى لها أعداء الوطن»، مشيراً الى «ما يتعرض له الرئيس نبيه بري صمّام أمان الوطن من سباب وشتائم»، واصفاً هذا التصرف بأنه «عمل مشبوه وخبيث بات معروف المصادر والأهداف والأيدي الخفية والاستخباراتية التي تحركه وحتى أدواته المحلية المأجورة».وشدد على أنه «من غير المسموح لأي حراك مطلبي وشعبي أيا كان أن يخرج عن مساره الوطني لصالح ارتهانات خارجية وخدمة لمشاريع مشبوهة بالتطاول والإفتراء على هذه المقامات والرموز وضرب مصالح الوطن ووحدته».