لماذا نواف سلام؟
ناصر قنديل
– من المضحك أن يحاول بعض الصحافيين التساؤل عن سبب نسبة الدفع بتسمية السفير السابق نواف سلام إلى الأميركيين باستعادة السجل الأكاديمي والدبلوماسي للرجل، ذلك أن تبني الاسم من نواب وشخصيات وأحزاب من دون أن يكون قد تبنّت ترشيحه جهة وازنة وجعلت من تسميته قضيتها، أمر غير مألوف في لبنان، ولا تفسّره الصفات المهمة التي تشترك فيها مع نواف سلام شخصيات كثيرة من طائفته، لكن أسماءها لم ترد حتى من باب ضرب المثال. وبعض هذه الأسماء له تاريخ سياسي ووزاري أكثر طمأنة في علاقاته الخارجية لشرائح لبنانية يستفزّها اسم سلام. فهل هذا الاجتماع على الاسم من حزب الكتائب وحزب القوات اللبنانية والنائب ميشال معوّض، هو اجتماع أكاديمي لهيئة منح جائزة نوبل على المنجزات العلمية، أم هو اجتماع سياسي لمختلفين لا يجمع بينهم إلا ما يربطهم من علاقة بالسياسات الأميركية، وهو ما لا ينكرونه؟
– أما وأن المسألة قرار بحجم وطن، ولا مكان للتسالي وإضاعة الوقت في البحث عن مصدر هبوط الوحي، وتزامن زيارة ديفيد هيل مع التسمية، ففي صلب الموضوع، يبدأ الأمر بجعل نواف سلام مرشحاً جدياً، كيف تعاملت القوات اللبنانية مع ترشيح الرئيس سعد الحريري وكيف أقفلت بوجهه الأبواب، في ليل طويل من الطعن بالسكاكين، انتهى بفجر التبليغ بالاعتذار عن التسمية، لأن دولة كبرى أبلغت القوات بأن الرئيس الحريري غير مرغوب فيه، كما قالت مصادر واسعة الاطلاع، ومنعاً للتملص من الكلام، نكتفي بما قاله علناً رئيس حزب القوات، من أنه لم يسمع من العواصم الإقليمية والدولية من يربط موقفه الداعم للحكومة الجديدة بترؤس الحريري لها، وانتقال القوات فوراً للقول إنها لا تمانع بسلام، ثم إبلاغها لمن يلزم بأنها ستسير بسلام. واليوم ستظهر التسميات ذلك، فلننته من الجدل حول مصدر التسمية ونتساءل عن سرّها؟
– أربعة عناوين تحتاجها التسمية، لتنضج وتصير قراراً بالنسبة لواشنطن، الأول هو بلوغ مرحلة اليقين بأن محاصرة حزب الله، وتجريده من حضور التيار الوطني الحر يستدعيان التضحية بالرئيس سعد الحريري، وليصير التقدّم بنخب جديدة مشروعاً قابلاً للتسويق، لا يعوقه التمسك بزعامة لطائفة تبرر بقاء مثيلاتها، والثاني هو الاقتناع باستحالة تسويق شخصية لها تاريخ مشبوه في علاقته بـ”إسرائيل”، والثالث هو الاقتناع بأن لبنان نقطة تشارك فرنسية أميركية تمثلها ثنائية السوربون وهارفرد، والرابع هو أن حاضنة هذا التسويق يجب أن تكون بلوغ لبنان أزمة عميقة وجدية تصل حد حافة السقوط اقتصادياً ومالياً ويصير التمويل الدولي هو المخرج الوحيد المتاح كحل إنعاشي فوري، ويمكن عندها ربط التدويل المالي بالتدويل الأمني تحت عنوان “الحياد خيار استراتيجي للازدهار” الذي يتبنّاه سلام ويملك قدرة التنظير له، ويقدّمه تحت عنوان نشر القوات الدولية على الحدود مع سورية وفي المرافئ اللبنانية ومطار بيروت. وهي الخطة التي كانت مقررة بعد صدور القرار 1701 وفشلت، وفي قلبها يصير ترسيم الحدود البحرية للنفط والغاز مهمة أمميّة تشبه الخط الأزرق وفقاً لنظرية مدّ مسؤولية اليونيفيل بحراً، لتطال ما يعادل خط انتشارها البري، أي من خط يوازي الليطاني شمالاً إلى خط يوازي الخط الأزرق جنوباً، وفي قلب هذه المنطقة يفترض أن تُمنح موافقات أممية لـ”إسرائيل” لا تجرؤ أي حكومة لبنانية على منحها. – تدويل الحدود اللبنانية بر اًوبحراً وجواً هو المشروع المطلوب أميركياً، ونواف سلام هو صاحب المشروع وليس رمزه فقط، وفقاً لنظرية الحياد خيار استراتيجي للازدهار، التي كانت عنوان ندوة في خيمة صديق سلام، فضلو خوري رئيس الجامعة الأميركية، وقام ناشطون في الحراك بمنعها.