ورد وشوك
أصبتَ يا سيدي في قولك: إن المشكلة تكمن في المسافة بين الرغبة والإرادة….
فهي طويلة حتماً لو كانت غير محسوبة.
فكم من الرغبات وقف دون تحقيقها فقد الإرادة وهي ذاك التصميم الواعي على أداء فعل معيّن يستلزم هدفاً ووسائل تعين على تحقيقه, وتعبّر عن مدى قدرة الشخص على السيطرة على تصرفاته واندفاعاته وعواطفه واهتماماته….
تلك المؤشرات التي تختلف في قوتها وضعفها بين شخص وآخر.
إذ غالباً ما تنتابنا الرغبة في تملّك شيء أو الحصول على نتائج معينة بالذات. وهذا أمر مشروع يعزّز بقاء الشخص قادراً على الحياة رغم كل التقلبات متسلحاً بالأمل والعمل والإرادة لتحقيق الرغبات التي غالباً ما ترتبط بالمتعة والألم.
فالمتعة بها يتعزّز البقاء، والألم يكون بما يهدّد هذا البقاء. وهو مرفوض ولا يرغب به أحد على السواء، لكن غالباً عندما تتحقق أي رغبة من الرغبات الإنسانية يفقد الحاصل عليها استمتاعه بها ويبحث عن الجديد منها ما يدلّ على أن الرغبة وجدت حقاً لتقرير البقاء وليس لجعلنا سعداء راضين بكل الأحوال…
وكأن هذه الحقيقة غائبة أو مغيبة عن أذهان بعض الساسة اعتقاداً منهم أنهم استطاعوا سلب إرادة أفراد الشعب في تحقيق أنبل الرغبات…
وأن رغباتهم في بسط نفوذهم والسلطة بشكل عام أمراً ما عاد يحتمل التمرد والإنكار. وهذا والله هو الفشل الذريع بعد أن ركنوا لإرادتهم القادرة على التركيع.
ما اقتنعوا أن الشعرة قد قصمت ظهر البعير، وأن الأمر بات يحتاج للتغيير والتعديل بالتصميم الواعي على تقصير المسافة بين الرغبة والإرادة لدى الحاكم والمحكوم لتحقيق الحلم بوطن دون إكراه يتسع للجميع.
رشا المارديني