الجيش السوري يحسم جرجناز ويتقدّم نحو المعرة… ولافروف والمعلم لقرار الحسم العسكري تمرّد “المستقبل” يتجاوز الخط الأحمر للجيش… وعشاء الميلاد في الساحة يكشف قادة الحراك دياب ينال دعم الغالبية لحكومة من 20 وزيراً لوجوه جديدة… وأسبوع السنة الأخير للأسماء
كتب المحرّر السياسيّ
الحدث هناك في شمال الشمال، حيث الجيش السوري يكتب من جديد ملاحم انتصاراته المتدحرجة في ريف إدلب الشرقي ويتقدّم في عشرات البلدات والقرى، وصولاً لمدينة جرجناز ليصير على أبواب معرة النعمان، المدينة الأهم على بوابات إدلب وسراقب باتجاه حلب، وعيون العالم صارت هناك، وتعليقات المواقف الغربية عادت إلى عادتها بإعلان دعم جماعات جبهة النصرة، فيما ترجم جيش الاحتلال عاداته بالغارات التي تستهدف العمق السوري، للتأثير على مجريات العمليات العسكرية، بينما كان وزير الخارجية السورية وليد المعلم ووزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف يؤكدان خيار الحسم العسكري بوجه الجماعات الإرهابية.
بخلفية الاهتمام الدولي والإقليمي بالحدث السوري، وقراءة الوضع اللبناني على هذه الخلفية، تفرّغ اللبنانيون للبنانياتهم، بعيداً عن الضغوط، وكان تمادي تيار المستقبل بتهديد الأمن والاستقرار بأعمال الشغب التي شهدتها طرق عدة، في العاصمة والمحافظات، شمالاً وجنوباً وبقاعاً. وهو ما قالت مصادر متابعة إنه تخطى الخطوط الحمراء للجيش اللبناني، وهو ما تبلّغه تيار المستقبل، ووعد بالتجاوب مع قيادة الجيش بإنهاء هذا الشكل من الحضور في الشارع، والاكتفاء بالاعتصامات بعيداً عن العبث بحرية التنقل. وبعدما سيطر حضور تيار المستقبل على ما كان يفترض أن يمثل مليونيّة الاحتجاج على تسمية الرئيس المكلف الدكتور حسان دياب، وجاء الحضور هزيلاً بالقياس لما كان مقرراً، وبرزت أصوات آلاف المستقبليين الآتين من الشمال إلى ساحة الشهداء مسيطرة على الساحة بسبب غياب المشاركة الشعبية، وهو ما كرّسته صورة عشاء الميلاد الذي تمّت الدعوة إليه من الجماعات المسيطرة على الساحات، وافتقدت المشاركة الشعبية فبدا قادة الحراك وحدهم وحولهم عشرات المشاركين، في مناسبة احتفالية جاذبة وعشاء متعدّد الأطباق في بلد ينتفض فيه الجياع، حيث لا تفسير للضمور إلا الضمور نفسه.
على جبهة تأليف الحكومة، قالت مصادر متابعة إن الرئيس المكلّف الدكتور حسان دياب قد نال ما طلبه من قيادة الغالبية النيابية لجهة شكل الحكومة ومواصفاتها، فتثبتت حكومة الاختصاصيين، والوجوه الجديدة، ومن غير النواب والحزبيين، وثبت العدد على 20 وزيراً. وقالت المصادر إن التداول بالأسماء والحقائب قد بدأ لكن لا شيء تمّ تثبيته بصورة نهائية، وأن لائحة بعشرات الأسماء المقترحة يُضاف إليها يومياً المزيد، سيتم من بينها انتقاء أسماء الوزراء وفقاً لتوزيع حقائبهم، وأن الأسبوع الأخير من العام سيكون مكرساً لإنهاء تجميع المعطيات الكافية حول الأسماء المطروحة، وإنهاء إضافة أسماء جديدة، لتكون الأيام الأولى من العام المقبل مخصصة للجوجلة واستعراض السيناريوات المفترضة للتشكيلة الحكومية، علماً أن الحقائب السيادية والشخصيات التي ستسند إليها ربما تكون قد توضّحت خلال أيام قليلة.
يبدو أن قطار تأليف الحكومة الجديدة يسير بشكل طبيعي رغم اعتراضات تيار المستقل الاستعراضية في الشارع والتي صارت محل استنكار وإدانة مختلف الشرائح الشعبية من مختلف المناطق والقوى السياسية، بما فيها رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط الذي وصف التحركات بالعنفية، محذّراً من تداعياتها السلبية بمنع المواطنين من الذهاب إلى اشغالهم وخلق توترات مذهبية.
أما الرئيس المكلف حسان دياب فيمشي قِدماً واثق الخطى، بحسب وصف أوساط نيابية، مشيرة لـ»البناء» الى أن «دياب يجري مشاورات مع الكتل النيابية بعيداً عن الأضواء للوصول معها الى صيغة حكومية توافقية بمشاركة الجميع ستعمل سريعاً لاتخاذ خطوات وإجراءات اقتصادية لتخفيف وطأة الأزمات عن المواطنين»، مشيرة الى أن «لا ممانعة إقليمية ودولية على تكليف دياب أما الأصوات التي تتحدّث عن رفض سعودي للتعامل مع دياب فغير صحيح، لا سيما أن مصدراً سعودياً أكد أمس بأن من قال ذلك لا يمثل موقف المملكة». ولفتت المعلومات إلى أن «السعودية تنتظر صيغة الحكومة وبرنامجها وسياساتها لتبني على الشيء مقتضاه»، أما موقف دار الفتوى بحسب المصادر فمرتبط بقرار الرئيس سعد الحريري نفسه، حيث إن المحيطين بالحريري من عائلته ورؤساء الحكومات السابقين وبعض القنوات الأمنية المرتبطة بالخارج يعملون على عرقلة تأليف الحكومة واسقاط دياب في الشارع لا سيما مع المعلومات التي انتشرت عن خلاف داخل عائلة الحريري بين الرئيس سعد الحريري من جهة والنائب بهية الحريري وابنها الأمين العام لتيار المستقبل احمد الحريري من جهة ثانية؛ وهذا السبب وراء تغيّب بهية الحريري عن وفد كتلة المستقبل خلال استشارات بعبدا».
وكان لافتاً أمس، إعلان ما يسمّى “لواء عكار” السيطرة على معبر العبدة الحدودي مع سورية وقطع الطريق الدولية من سورية وإليها ومن السيارات والشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والمحروقات من العبور واضعين شروطاً لذلك كتراجع الحكومة السورية عن فرض رسوم على الشاحنات اللبنانية العابرة الى سورية والأردن.
وقال الوزير حسن مراد في تصريح: “حلفاء الحريري هم مَن تركوه وحيدًا وخذلوه والمشكلة معه هي اعتماده على حلفائه دائماً وإقامته اتفاقيات جانبية مع حلفائنا”.
وعلمت “البناء” ان “الحزب الاشتراكي اتخذ قراره بعدم المشاركة في الحكومة، فيما تيار المستقبل من الممكن ان يشارك بطريقة غير مباشرة عبر وزراء مقربين او محسوبين عليه”. ورجحت المصادر أن تكون الحكومة من 18 وزيراً او 24 مع وزراء اختصاصيين يمثلون الأحزاب السياسية والحراك”، ونقلت مصادر عين التينة أن المستشار الاقتصادي الخاص لرئيس مجلس النواب نبيه بري الخبير غازي وزني سيكون وزير المال في الحكومة، والأمر بات محسوماً”.
أما على صعيد تمثيل الحراك الشعبي، فهو العقدة الأصعب لحجم الانقسام والتشظي والصراع والتنافس بين مجموعاته على الدخول الى الجنة الحكومية، ووفق معلومات لـ”البناء” فإن بعض “قادة” المجموعات تتواصل سراً مع اطراف حزبية في السلطة لطرح اسمها للمشاركة في الحكومة.
وقالت مصادر بعض مجموعات الحراك لـ”البناء” إننا “لا نريد الحكم على النيات بل ننتظر لنرى ما سيقدّمه الرئيس المكلف الجديد على صعيد صيغة الحكومة ونوعية الوزراء وحجم الحضور الحزبي والسلطة فيها ومدى التغيير في التركيبة الحكومية وسياسات الحكومات السابقة”، وأدانت المصادر عمليات قطع الطرق من المستقبل لإعادة فرض الحريري رئيساً موضحة أن هؤلاء الذين يستقدمون من مناطق متعددة لا يمثلون الحراك والمتظاهرين بل هم أزلام ومناصرو السلطة، موضحة ان “الحراك كان يقدم على قطع بعض طرقات محددة ولبعض الوقت لكن لسنا مسؤولين عن قطع طرقات خلدة والجية والناعمة وغيرها من الطرقات الحيوية في البقاع والشمال التي تمس بحرية وحركة انتقال المواطنين وتؤدي الى توترات مذهبية”. في المقابل تشير أوساط مجموعات اخرى من الحراك التي تتبع لحزب 7 الى “أنهم يستعدون للتصعيد في الشارع بعد عطلة الأعياد رفضاً لإعادة انتاج السلطة نفسها”، مشيرين لـ”البناء” الى ان “تكليف حسان دياب هو عودة الى السلطة بشكل او بآخر ولا يخدم أهداف الثورة التي بدأت منذ شهرين”.
وعلم أن لقاء يمكن ان يحصل اليوم في القصر الجمهوري بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس دياب، لإجراء جوجلة لحصيلة المشاورات النيابية التي أجراها دياب مع الكتل النيابية يوم السبت الماضي، للوقوف على آرائها في تشكيلة الحكومة الجديدة. كما يتم التطرق الى الاتصالات التي يجريها دياب مع الجهات المعنية بتشكيل الحكومة.
وكتب دياب على “تويتر” قائلاً: “لم يصدر عني أي كلام في أي موقع أو حساب على مواقع التواصل الاجتماعي وهذا هو الحساب الرسمي الوحيد بإسمي”.
الى ذلك برز موقف النائب السابق وليد جنبلاط الذي حذر من أن الاقتصاد اللبناني على باب الانهيار إن لم يكن ينهار، كما حذّر من مجاعة في الجبل ودعا المغتربين إلى مدّ يد الشراكة والدعم لتوفير الحاجات الأساسية للصمود”.
وفي حديث عبر اتصال هاتفي مع عدد من أبناء الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة الأميركية وكندا، ألقى جنبلاط المسؤولية على حلفائه من الحريري والقوات بعدم تسمية السفير نواف سلام في استشارات بعبدا، متسائلاً: “لماذا سعد الحريري والقوات لم يدعما نواف سلام، ولكن غلطة الشاطر بألف، الا اذا كانوا يريدون البقاء على النظام القديم”.وضجّت الأوساط الشعبية والاقتصادية أمس، بما نقله أحد الخبراء الاقتصاديين عن مسؤولين في السفارة السويسرية في لبنان، عن قيام قيادات سياسية لبنانية بتهريب حوالي 2 مليار دولار إلى سويسرا خلال الاشهرالاخيرة، وأفادت مصادر مصرف لبنان، بحسب قناة “ال بي سي” أنها “لم تنف خروج 2.2 مليار دولار من لبنان منذ بدء الاحتجاجات”.