ألق الميلاد وسموّه العظيم
} منال محمد يوسف
ميلاد آخر وشموع من المحبة نريدها أن لا تنطفئ، نريدها أقواس قزحية دائمة التودّد إلى كل شيء جميل دائمة الالتماع والاشتعال المتوهّج، تنـــسج الكثـــير من الأقاصيص البراقة المعـــنى في حبّ الطفولة وســـواها، نريدُ أن تتجدّد فينا في كلّ يوم معـــاني الميلاد وعظمته، فكلّ منا يحتاج إلى ميلاد جديد في آنٍ ولحـــظة.. نحتاجُ إلى ميلادٍ آخر نرتجي منه دفء المحبة وأن لا يستســـلم لأزمنة اللون الرمادي. نرتجي منه أن يحمل لنا وريقات التجدد الدائم ومعزوفة الهناء والابتهاج الزاهر بألوان الحياة المثلى، ألوان الفرح ولحظاته التي باتت معدودة أو معدومة.
ميلاد آخر وأجراس العيد ذاتها تسألُ: هل يموت فرح الميلاد ويخفت وهج المحبة والسّلام؟ هل يضرب اليباس موعداً مع شجيرات سوريتنا الحبيبة شجيرات عيدها الوهّاج، عيدها المرتهن لمقوّمات عديدة تكاد تقترب من كلّ شيء قدسيّ، تكاد أن تقترب منا وتتلو على مسامعنا تراتيل قدسيّة تراتيل يزهو بها سمو المجدليات التي تمثل الميلاد ومعانيه النبيلة الراقية، معانيه التي ننادي عليها كي تستبدل يباب هذه الأيام بخير الميلاد وعطائه وأناشيد محبته القزحيّة اللون، قزحيّة الولادة المتجددة التي يجب تتجدّد روحها السامية فينا. تتجدد في ثنايا كلّ روح تبحث عن سلامها الموعود وحلمها المأمول تبحث في ارتجاء الأعياد وفرحها المنظور. ذاك الفرح الذي لا نسمح لأحد أن يسرق شيئاً من قدسيّة أنواره.
ميلاد آخر نريده الوقت القزحي الذي يمدّنا بألوان الحياة، بألوان جميلة اللون والمعنى الفيروزي، جميلة التوافق والتودد الإنساني وميلاد آخر نريدُ معزوفته جميلة الإنشاد، جميلة الأغاني والأهازيج التي لا تموت، إنما تشبه قصائد الحياة.
وميلاد آخر نتمناه أن يكون ميلاداً للكلمات الطيبة والتسامح الإنساني، نريده أن يكون التماع الشيء أو الأشياء ليس في أيامٍ محـــددة من العام، وإنما أن نسعى جاهدين لتحــمّل كـــلّ الأيـــام معـــنى الأعياد وسمو عظمتها.
ميلاد آخر نريده أن يأتي إلينا لينسينا ويلات ما نمرُّ به ويمنحنا شيئاً من وشاحه الدافئ، من شاله المطرّز بخيوط الأمنيات.. وبيارق من أجراسٍ تقرع هنا وهناك تقرع محبةً وسلاماً.
ميلاد آخر نمشي على دروبه متمنين ألا نضيع عناوينه الوضّاءة وأحوال أعياده المرجوة أملاً، المرجوة ثقافة من التعايش الإنساني المشترك الذي يجب أن ننشده جميعاً ونسعى إليه كمن يسعى إلى تلوين الشيء العظيم ومدلولات ميلاده يوزّع زيتونه وليمونه على بيارات وقتنا، على بيارات أيامنا ويوزّع أقاصيص فرحه القادم، يوزّعها على موائد شهية الألوان القرمزية، شهيّة الوقت المزركش بومضات الفرح الذي لا نتمناه، أن يكون عابراً في حياتنا، وموسمياً على أيامنا.
نتمناه أن يكون شيئاً من القبس المرتجى وشيئاً من أضواء عزٍ مجيد لا تنتهي أيامه، ولا يخفت بريق أنواره، بريق معانيه السامية.
ميلاد آخر… نتمنى أن يفرض حضوره البهي على كلّ أوقاتنا، على كلّ بيارات الأيام، هل يتغير حالها وتستضيف ألفاً من الميلاد الجديد المستجد، يوزّع أضـــواء على شجيرات أيامنا ويجعلها خيّرة الأماني، خيــرّة الابتسامات الهائمة.
ميلاد آخر نريـــدُ أن يذكّـــرنا بما يحــمله هذا العيد من معانٍ سامية ليس للمسيحيـــين فحســـب وإنما لمن ينظر بعين المحبة الصادقة ويحترم رســالات المحــبة والسّــلام. وميلاد آخر نريدُ أن ينشر الدفء القدسيّ “قدسيّ المحبة، قدسيّ التراتيل السامية، ننتظر وهجه لكي ينشر شذى الدفء السرمدي على كل جيشنا العظيم ينشر وشاح محبته على وطننا الحبيب وعلى كلّ العالم.