قالت له
قالت له: بعدما مضى لنا سنوات وسنوات نمضي الأعياد فيها معاً، ماذا تقول في أن نختبر فرصة أن نمضيها كل منا في مكان ومع أصدقاء ونتراسل خلالها بالمشاعر والانطباعات لعلها فرصة فريدة لاختبار نوع جديد من التجارب؟
قال لها: أخشى أن يكون وراء الفكرة دعوة من أصدقاء تخشين التصريح بهم وبدعوتي لأكون معهم أو أن يكون فيها اختبار آخر لا أشترك فيه تريدينه مع سواي من بين هؤلاء الذين تسمّينهم بالأصدقاء.
قالت: وهل تظنّ أنني من النوع الذي يمكن أن يرتكب الحماقات أو يخوض بعد الذي بيننا في رهانات، ويجب أن تكون واثقاً أنك خياري الوحيد ولا تخطئ فهم كل ما أقول وتضعه في دائرة اتهام وظنّ يسيئ إليّ وإلينا ويبدّد ما أردته من اقتراحي ليضعنا في سجال وخلاف وظنون.
قال: ليس في الأمر ظنون، بل فهم معنى الرغبة بالابتعاد وخوض تجربة منفصلة مع آخرين بينهم حكماً من لا تستقيم الفرصة معه بوجودي، فتكون بغيابي حرة من قلق المراعاة ولو بحدود التزام مراقصة شريك وحيد وتبادل الأنخاب والقبلات والتمنيات مع هذا الشريك.
قالت: أنا أريدها تجربة بلا خطط مسبقة لمراهقة محسوبة خارج الضوابط والشراكة، لكن بلا أخطاء تؤذي مضمون ما بيننا أو تترك مجال الأوهام في عقول الشركاء غيرنا.
قال لها: حسناً، وقد توضّحت الفكرة وصار المطلوب فسحة ابتعاد نحو تجارب مراهقة تصفينها بالمسحوبة فقد تلقيت دعوة من أصدقاء مضى زمان لم أتشارك معهم سهرة أو عطلة أو احتفال وبينهم حبيبة سابقة جاءت من السفر يقيمون الحفل فرحاً بعودتها ويريدون حضوري مفاجأة لها وهدية الاحتفال وكنت قد اعتذرت احتراماً لما بيننا؛ أما وقد حررتني وأنت صاحبة الاقتراح فقد صرت شغوفاً بأن نفعل ونتبادل الكلام بعد الأعياد.
قالت: وهل هي الحبيبة التي هجرتك بدون إنذار وتزوّجت قبل عشر سنوات؟
قال: وهي التي تطلّقت قبل شهور وتعود لتبقى في البلاد.
قالت: وهل تضمن ألا ينشأ أو يقع بينكما شيء يتخطّى الضوابط ويؤذي ما بيننا؟
قال: أسعى كي لا يحدث ذلك، ولكن راقتني فكرتك لخوض التجربة.
قالت: وماذا لو حدث ما ليس في الحسبان؟
قال: تكون العاقبة على من أشعل النيران.
قالت: أشعلت حماستك للفكرة وكنت قد طويتها في النسيان.
قال: ما كنتُ لأقترح بكل تأكيد، لكن ما دمت ملهمتي فإليك البيان.
قالت: وأنا ليس في سهرتي حبيب قديم أو جديد، بل جمع المدرسة القديمة للفتيات والفتيان.
قال: حسناً تمتّعي بالتذكر والمراهقة، وسأفعل مثلك ونتقابل بعد الأعياد ونعدّ الضحايا في الميدان.
قالت له: وماذا لو صرفت النظر عن فكرتي ورافقتك وبقينا معاً فأشعر بالأمان؟
قال لها: أو نذهب لحفلة أصدقائك معاً وأستمع لطرائف مراهقتك وأنت تستعيدين الزمان.
قالت: نتقاسم الحفلتين وننتقل من مكان إلى مكان.
ضحك وقال: حفلتي في البيت كانت يا صاحبة الأفكار المجنونة حتى الهذيان.
قالت: وكيف أصدق أن حبيبتك التي كانت ليست اليوم هنا يا دون جوان.
قال: لأنها أنت التي نسيت أنها كانت رفيقة صفّي بضفيرتين وفستان.
قالت: إذن أنت الفتى الذي شكّ دبوس الفيزياء في كتفي ويقفز فوق الطاولات كسوبرمان.
قال: وأنا مَن نظم حفلة الأصدقاء وطلبت منهم إبلاغك، وأن أكون المفاجأة بلا استئذان.
قالت: وأصابتك الغيرة من كلامي كما أصابني كلامك فربحت الجولة مجدداً ومالت لك كفة الميزان.
قال لها وهو يتأبّطها: أنت ميزاني فتمايلي كما شئت ومعاً سنكون نعزف في الحياة الألحان.
ومضيا معاً يضحكان.