مختصر مفيد: ستبقى الكلمة الفصل في سورية
– يتناسى البعض أن وقوع الخيار على سورية لتكون فيها وعليها حرب الحروب الكبرى في العالم وليس في الشرق الأوسط وحسب، لم يأت من كونها الأسهل، بل جاء لكونها تختزن كل العناصر التي تتيح للنصر فيها أن يكون نصراً لكل الحلف الذي تقوده أو كانت تقوده واشنطن في المنطقة والعالم. فهي نصر لواشنطن أولاً بمنع روسيا والصين وإيران من المنفذ المتوسطي، والنصر على سورية وفيها نصر لـ»إسرائيل» بضمان الهيمنة على الجولان وقطع ظهر المقاومة وضرب سندها والإخلال بالتوازنات التي أنتجتها حرب تموز، ونصر للسعودية بمدّ نفوذها إلى منطقة المشرق ومنها تكريس الزعامة السعودية عربياً، ونصر لتركيا التي شكلت قاعدة الحرب وخلفيتها، ونصر لفرنسا الحالمة باستعادة مجدها الاستعماري ومنها وفيها تغيير جيواستراتيجي لموازين القوة وحسابات السيطرة وإعادة إنتاج للمشروع الإمبراطوري الأميركي بالسيطرة على أسواق الطاقة وأنابيبها.
– لهذه الأسباب التي لا تختزنها أي حرب أخرى شكلت الحرب على سورية وفيها أم الحروب ولا تزال؛ وكل حرب أو مواجهة أخرى محاولة لتحقيق ربح جانبي أو تخفيض خسارة جانبية بالتوازي مع وقائع المأزق الذي دخلته منذ سنوات خطة الحرب على سورية وفيها، لكن تلك الحروب الجانبية على أهميتها لا تشكل ولا يمكن أن تشكل بديلاً عن الدور الذي بدأ وهو قائم وسيتواصل لمكانة الحرب في سورية وعليها، وهي حرب لم تنته بعد حيث لا تزال سورية البلد الوحيد في العالم الذي تنشط على أرضه وفي أجوائه القوى الكبرى الإقليمية والدولية حيث التركي والأميركي والإسرائيلي ومقابلهم روسيا وإيران والمقاومة.
– كل حركة تصدر في الميدان عن هذه القوى فوق الأرض وفي الأجواء السورية هي رسالة أو ردّ على رسالة لقوى كبرى مقابلة وموازية وكل تقدم يحققه محور من الحلفاء في الجغرافيا السورية هو تراجع لمحور من حلفاء مقابلين ليس محصور الآثار في سورية وحدها، بل هو جزء من سلم التوازن الأهم الحاكم للعلاقات بين المحورين المتقابلين في أكثر من ساحة اشتباك على مساحة العالم.
– تدخل الحرب في سورية مرحلة جديدة مع معركة إدلب وترتسم من خلالها مواعيد رحيل وسقوف الأدوار الأميركية والتركية والإسرائيلية مع كل تقدم يحققه الجيش السوري مدعوماً من حلفائه في روسيا وإيران والمقاومة، ولذلك تشتد الضغوط في ساحات الاشتباك الأخرى، ولذلك تتأخر التسويات بانتظار نتائج الجولة الراهنة من هذه الحرب التي يتجه الجيش السوري لحسمها.
ناصر قنديل