ياسر الحاج .. تحدّى ذاته فأرتقى نجماً سلّوياً
} ابراهيم وزنه
مع رفاقه في الحي استهل ياسر الحاج، ابن بلدة الغبيري، رحلته في عالم كرة السلة، فكانت السلة مربوطة الى عامود الكهرباء وتحتها يمضي الفتية ساعات من النزالات الثنائية وفي نفس الوقت كان يمارس كرة القدم مع الحرص على متابعته لمباريات الدوري الالماني عبر التلفزيون، في العام 1980 انتسب الى مدرسة الكرمل سان جوزيف ليجد نفسه وهو في العاشرة من عمره الأبرز بين أقرانه في لعبة كرة السلة، وهنا يتذكّر: «كانت مدرستنا تولي فرقها الرياضية اهتماماً زائداً وما جعلني أتعلّق باللعبة أكثر فأكثر هو مدربي واستاذي في تلك الفترة عبد الحفيظ الوتّار الذي علّمني ألفباء اللعبة ولطالما تنبّأ لي التألق في ميادينها»، ثم يتابع: «خلال العطلة الصيفية كنت ألعب كرة السلة مع رفاقي في بلدة قبيع حيث نصيّف عبر تثبيت «التارة» في جدار موقف السيارات، ولطالما كنت أذهب الى نادي الشباب الواقع عند خطوط التماس في الشياح لأشبع رغباتي الرياضية وأطوّر مهاراتي في التصويب، ومن سنة الى سنة بدأت ملامح الطول الموروث من جهة الوالدين معاً تظهر جلياً على قامتي وهذا ما كان يدخل السرور الى مدربي واستاذي عبد الحفيظ الوتار».
ما بين دعم الوالدة وصدّ الوالد!
واصل ياسر الحاج رحلته الرياضية بشغف وانتظام ما بين الحي والمدرسة والبيت الصيفي وهذا ما أهّله للانضمام الى فريق المدرسة، لكن مع بدء المرحلة الثانوية زادت ضغوطات والده عليه، فالأب يريد لأصغر ابنائه مستقبلاً علمياً زاهراً خصوصاً وأن ولديه هاني ومحمد كانا من المجلّين علمياً وخصوصاً في الامتحانات الرسمية، مع الاشارة الى أن صد الوالد قابله تشجيع خفي من جانب الوالدة، ولما انكشف هذا الأمر، عمد الوالد ذات يوم الى إقفال الباب بوجه ياسر العائد الى البيت تمام العاشرة ليلاً بعد مشاركته في أحدى المباريات (1987)، الا أنه وبعد نجاحه الجيد في الشهادة الثانوية ودخوله الى جامعة LAU وانضمامه الى منتخبها الأول بدعم ورعاية مدربه «الوتار» أيضاً ومن ثم تألقه في ميادين اللعبة هدأت نقمة الوالد الذي اضطر لتغيير موقفه ليصبح من الداعمين والمواكبين لياسر الذي انضم حينها الى منتخب غسان بكري الدائر في فلك النادي الرياضي (1987) والذي كان يشرف عليه اللاعب عادل فواز، ومن رفاقه في تلك المرحلة: وليد دمياطي، جاسم قانصوه، بسام جدايل، حكمت الزين، عارف الزين، عاصم نوام، علي العجمي ومازن العطّار.
الى «الرياضي» در
في أواخر العام 1987 نجح عادل فواز بتمهيد الطريق امام انتقال مجموعته الى النادي الرياضي، ويومها لم تكن اللعبة محل الاهتمام أو تحت الضوء، لذلك تمّت التواقيع بشكل مجاني، ويومها كانت العاصمة بيروت مقسومة أمنياً وسياسياً الى شرقية وغربية، ومع ذلك كانت المباريات تجري بين فرق المنطقتين تحت عناوين الدورات الودية والمناسبات الرياضية الجامعة، ويروي ياسر: «كنا نقطع المعابر لنلعب مع فرق التضامن والاحياء والكهرباء والعمل وابناء الخليج وكنا ننسج علاقاتنا الرياضية بشكل بعيد عن أي تأثيرات طائفية او سياسية وهذا الواقع هو الذي أدّى لاحقاً الى نهضة اللعبة محلياً وقارياً»، ويطيب لياسر التأكيد «موقف والدي تجاه شغفي بكرة السلة لجهة إمعانه في صدّي عن ممارستها ولّد عندي الرغبة والاصرار لأثبات ذاتي في الميدانين الرياضي والعلمي والحمدلله لقيد أنهيت الماجستير في ادارة الاعمال من جامعة LAU كما فرضت نفسي لاعباً بين الكبار بفضل توجيهات المدرب القدوة عبد الحفيظ الوتار». وبعد سنتين من ارتدائه للقميص الأصفر إضطر ياسر للانتقال الى صفوف نادي الكهرباء عام 1990، وعلى هذا يعلّق : «كان ملعب الرياضي الحالي مركزاً للجيش السوري وكان الفريق يتمرّن على ملعب ثانوية الحسين بن علي في عائشة بكار، وهذا الوضع بالاضافة الى تشجيع عادل فواز الذي تربطه علاقة وطيده بالسيد فيكتور حداد (رئيس نادي الكهرباء السابق) فتحا لي الطريق للانتقال من دون أي عوائق الى نلدي الكهرباء ومن اول مواسمي معه صعد الفريق الى مصاف أندية الدرجة الأولى …ويومها كنت اتقاضى 250 دولاراً شهرياً من النادي الذوقي»، ثم يضيف لافتاً «في هذا العام (1990) تفرّق لاعبو الرياضي باتجاه الأندية، أما عن لاعبي الكهرباء الذين لعبت معهم في تلك الأثناء فهم : طوني بارود، ساكو كورجيان، روبير عماد، شوقي ابو شبكة، ناجي خليل وجو كعدو».
عودة ووداع «على مضض»!
في العام 1992 عاد ياسر الى عرينه الأول النادي الرياضي بعدما استعادت «المنارة» ملعبها وبريقها الأصفر المشّع ليبقى معه حتى العام 2004، حيث قرر الانتقال ـ وعلى مضض ـ الى نادي الشانفيل حيث لعب معه موسماً كاملاً (2005) ومباراتين أو ثلاث من الموسم التالي قبل أن يترك اللعبة نهائياً في العام 2006. ووراء اعتزاله القسري «السياسة التي اتبعها المدرب غسان سركيس لجهة ابعاده اللاعبين الكبار واشراك اللاعبين الشباب وهذا ما اعتمده مع استلامه لدفة الرياضي الفنية، وهذا ما دفعني لترك النادي والالتحاق بالشانفيل، لكن وبعد سنة استلم سركيس دفة التدريب في الشانفيل ليكرر نفس السياسة… هنا آثرت الابتعاد والاهتمام بعملي وابنتي». ولاحقاً تم انتخاب ياسر الحاج عضوا في الاتحاد اللبناني لكرة السلة.
المال والرياضة والإعلام
«لا شك أن استثمار المال بشكل مدروس في الواقع الرياضي سيثمر تحسّناً في النتائج والمستويات أما في لبنان فطريقة صرف المال الخاطئة أدّت الى التراجع وخصوصاً في الالعاب الجماعية» انها خلاصة الدرس الذي تعلّمه ياسر الحاج من ملاعبنا المحلية، وعن نظرته للمواسم الأخيرة قال «قبل الأزمة الأخيرة … كان المال متوفّراً والتنافس في أوجّه والاعلام ينقل جيداً .. لكن المستوى في تراجع قياساً الى الماضي القريب حيث تأهل لبنان ثلاث مرات الى المونديال العالمي». وهنا يستدرك ناصحاً «الاحتراف الحقيقي وحده القادر على استعادة الرياضة اللبنانية لمجدها وازدهارها»، أما عن استفادته المادية من كرة السلة، فيقول «أول راتب أخذته مع منتخب غسان بكري (1987) كان 250 ليرة ثم أصبح 250 دولارا مع الكهرباء (1990) أما راتبي الأول مع الرياضي (1992) فكان 600 دولاراً فيما أعلى راتب معه 4000 دولاراً». وفي هذا المجال يضيف موضّحاً «ثلاثة عوامل رئيسية رفعت من سمعة السلة اللبنانية في العقد الأخير، وهي : النقل التلفزيوني وانطوان الشويري واستقدام الاجانب المتميزين».
ذكريات سلّوية
كثيرة هي المباريات التي برز فيها لاعب الارتكاز ياسر الحاج مع ناديه (الرياضي) أو مع المنتخب الوطني، لكن العالق في ذاكرته، مباراة الرياضي مع الاتحاد السكندري ضمن بطولة الاندية العربية في بيروت حيث سجّل 28 نقطة، أما مع المنتخب فالمباراة مع نظيره السوري في اليابان حيث سجّل 21 نقطة وحل لبنان سابعاً وسوريا في المركز الثامن، ليختم «أما أجمل مباراة في العمر فهي مع كوريا الجنوبية في الصين حيث تأهلنا على ضوء فوزنا الى مونديال انديانا بوليس 2002 «، وفي جوجلة آرائه الخاصة بالافضل من اللاعبين المحليين، فهم: فادي الخطيب في الطليعة، وفي مركز صانع الالعاب : بولس بشارة ووليد دمياطي وروني فهد. أما في مركز الجناح : غازي بستاني وعبده شدياق وطوني بارود وايلي مشنتف وغالب رضا، وللارتكاز : ايلي نصر وجو كعدو، فيما يتوقّع المزيد من التألق لأحمد ابراهيم ووائل عرقجي وأمير سعود.
بطاقة تعريف
الاسم : ياسر احمد الحاج
محل وتاريخ الولادة : الغبيري 1970
المستوى العلمي : ماجستير في ادارة الاعمال
الوضع العائلي : مطلّق ولديه ابنة (ياسمين 20 سنة)
نواد لعب معها: الرياضي والكهرباء والشانفيل
قدوته في الحياة : والده الذي توفي في العام 2007حكمته المفضّلة: الدهر يومان … يوم لك ويوم عليك