شعب لبنان العظيم
– يعود إطلاق هذا الشعر أو النداء للعماد ميشال عون خلال فترة وجوده كرئيس للحكومة الانتقالية في بعبدا نهاية الثمانينيات، لكنه هنا توصيف لما أظهره الشعب اللبناني خلال شهور قليلة من تدخله على المشهد السياسي بصورة فاعلة.
– خلال الظهور الأول كان مشهد الأيام الثلاثة الأولى لانتفاضة الشعب اللبناني الذي خرج بصورة مدوّية فاجأت وأذهلت كل الوسط السياسي والإعلامي والدبلوماسي كتعبير جامع يعلن فشل وإفلاس القيادات السياسية للنظام الحاكم، خصوصاً على الصعيدين المالي والاقتصادي، لكن الأهم كان ما تضمّنه هذا الخروج الشعبي الكبير إلى الشارع من صفعة لقيادات أدمنت على الاستهتار بالشعب واستخفافها بكل تحذير يقول إن السياسات المالية ستؤدي إلى الانفجار الشعبي وتردّ بالقول إنها تعرف الشعب وإنه لا وجود في لبنان لحركة شعبية تنزل إلى الشارع؛ فكانت الصفعة الكبرى.
– بعد عشرة أيام كانت استقالة رئيس الحكومة ضمن صفقة منسّقة مع قادة جمعيات وهيئات تولّوا السيطرة على غضب الناس وانتفاضتهم ورفعوا شعار الاستقالة بدلاً من تفعيل العمل الحكومي وربطه بتحقيق مطالب الناس؛ فتلقفها الحريري وتناغم الطرفان في إدارة التناوب خلال ما قبل الدعوة للاستشارات النيابية وصولاً لتكليف الرئيس الجديد. وفرح الطرفان بإنجازهما في استخفاف جديد بعقول الناس وردة فعل الشعب الذي عاملوه كقطيع مطيع يجرّونه، حيث يشاؤون، بعدما أذلوه في الطرقات التي تناوبوا على قطعها. وجاءتهم الصفعة الثانية وهذه المرة بالغياب بدلاً من الحضور فجفّت الساحات وغابت الحشود وتحوّلت المليونيّات المزعومة إلى إضراب شعبي عن المشاركة لا تفسره كل الذرائع التي يسوقها أصحاب الدعوات.
– إلى جانب هاتين الظاهرتين أنجبت حركة الشعب اللبناني ظاهرة ثالثة هي لشبان من الانتفاضة عرفوا طريقهم في مواصلة الضغط على المصارف ومصرف لبنان كمسؤول رئيسي عن الوضع المالي، والتوجه نحو عناوين تحوم عليها شبهات الفساد لإيصال صوتهم القوي؛ فكانوا التعبير الأصدق عن وجع الناس رغم قلة عددهم.
– شعب ينجب هذه الظواهر هو فعلا شعب عظيم.
التعليق السياسي