«إقفال المصارف لأسبوعين كان خطأ جسيماً» عجاقة رفض أيّ اقتطاع من الودائع ودعا إلى لجم أسعار الصيرفة
يقارب الباحث الاقتصادي الأستاذ في الجامعة اللبنانية البروفسور جاسم عجاقة، الوضع الاقتصادي من منطلق «حاجات المواطن الأساسية التي هي من صلب الحاجات الفسيولوجية التي حدّدها ماسلو في هرمه الشهير»، حيث يعتبر أن «كل سياسة اقتصادية يجب أن يكون محورها المواطن، حيث إن هذه السياسة لا يمكن أن تعتمد على الشق الاقتصادي فقط، بل يجب أن تأخذ بالاعتبار الشق الاجتماعي والبيئي»، وأن «تقاطع هذه الأبعاد مع بعضها هي ما يُسمّى بالتنمية المستدامة التي حدّدتها الأمم المتحدة في أهدافها 2030.
وخلال ندوة حواريّة نظمتها اللجنة العلميّة في نقابة المهندسين في طرابلس، بعنوان «واقع الاقتصاد اللبناني: التصنيف، المصارف، الودائع والليرة»، في قاعة المؤتمرات في مبنى النقابة، بحضور نقيب المهندسين في طرابلس بسام زيادة وأعضاء مجالس بلدية وحشد من المهندسين وأساتذة وطلاب جامعيين ومهتمين، شرح عجاقة التكوين الهيكلي للاقتصاد اللبناني، حيث أبرز عيوبه «واعتماده على الاستيراد لسد حاجاته من السلع والبضائع مما يخلق عجزاً في الميزان التجاري أصبحت أبعاده خطيرة على الكيان اللبناني». وربط بين عجز الميزان التجاري واحتياطات مصرف لبنان من العملات من خلال ميزان المدفوعات، حيث شرح الهندسة المالية للعام 2016 واصفاً إياها بـ «العملية الجراحية التي حوّلت ميزان المدفوعات من عجز في العام 2015 إلى فائض في العام 2016 وأنقذت الوضع المالي للدولة بحسب صندوق النقد الدولي».
ثم أظهر أرقام المالية العامة «والإنفاق المفرط الذي حمل الخزينة أعباء خياليّة بلغت 175 مليار دولار أميركي منذ العام 2007 وحتى أيلول 2019»، وفند «الإنفاق التراكمي على الشكل التالي: الأجور والتعويضات والتقاعد (54 مليار دولار أميركي)، خدمة الدين العام (55 مليار دولار أميركي)، دعم مؤسسة كهرباء لبنان (20 مليار دولار أميركي)، النفقات التشغيلية (20 مليار دولار أميركي)، نفقات الخزينة (15 مليار دولار أميركي) والنفقات الاستثمارية (7 مليارات دولار أميركي».
وشرح آلية تأثير العجز في الموازنة على الاقتصاد وعلى قرارات وكالات التصنيف الإئتماني التي خفضت تصنيف لبنان إلى درجتين قبل التعثر.
تناول أبعاد السياسة النقدية وعلى رأسها ثبات الليرة والفوائد وآلية استخدام الاحتياط لتأمين الثبات النقدي، كما تناول الاحتياط من العملات الأجنبية بالتفصيل وشرح أهم مكوّناته وطرح توزيع أصول المصرف المركزي عملاً بالمادة 69 من قانون النقد والتسليف. كما عرض خارطة تظهر توزيع أموال المودعين بين المصارف التجارية ومصرف لبنان وتوظيفها في دين الدولة.
وانتقل إلى أزمة القطاع المصرفي، فاعتبر أن «إقفال المصارف لمدة أسبوعين في 17 تشرين الأول كان خطأ جسيماً ارتكبته المصارف، حيث إن الثقة تداعت إثر ذلك ولم يعد بمقدور المصارف تلبية المطالب بالدولار إذ وصلت قيمة السحوبات بالدولار منذ العقوبات على جمال تراست بنك إلى حدود 4 مليارات دولار أميركي. وعند فرض المصارف القيود على حركة الدولار والسحب النقدي، زاد الطلب على الدولار لدى الصيارفة مما رفع من سعره».
ودان «الممارسات غير الأخلاقية برفض تحويل أموال إلى الطلاب الذين يدرسون في الخارج، كما ومنع سحب الرواتب، خصوصاً للذين لا يمتلكون بطاقات مصرفيّة أو شيكات»، مناشداً جمعية المصارف «التدخل لحل هذا الأمر».
واتهم الصيارفة بـ»الاحتكار وبوجود تواطؤ بينهم وبين بعض الموظفين في المصارف»، ودعا إلى «اعتماد إجراء أساسي مشابه للتعميم الذي أصدره مصرف لبنان من ناحية عدم قبول شراء الدولارات بأكثر من 1600 ليرة لبنانية من قبل الصيارفة». وأكد أن «لا شرعية لاقتطاع أموال من ودائع المودعين في ظل تفشي الفساد»، وسأل: «هل تعرف الدولة قيمة الأموال التي تحتاجها للخروج من هذه الأزمة كلياً؟».كما رفض «المس بسعر صرف الليرة الرسمي مقابل الدولار نظراً إلى أهميته في الأمن الاجتماعي»، داعياً إلى «لجم أسعار الصيرفة بكل الوسائل القانونية والنقدية». وحذر من «التداعيات الاجتماعية الكارثية التي سيخلفها التأخير في تشكيل الحكومة»، ودعا السلطات إلى «التسريع في تشكيل هذه الحكومة لاستعادة الثقة بالاقتصاد وبالقطاع المصرفي».