رسالة مفتوحة إلى الرئيس المكلف
} العميد مارون خريش*
صرّحتَ منذ اللحظة الأولى للتكليف أنّك مستقل، وأنّك لم تجتمع بأحد قبل التكليف، وأنّك سوف تُشكّل وزارة من الاختصاصيين المستقلّين، وشدّدت على ذلك. وأنك يا دولة الرئيس المُكلّف وحدك من سيختار الوزراء ويَعرضُ التشكيلة على فخامة الرئيس لكي يوقّع المراسيم.
لن أدخل في شرحٍ مستفيضٍ لكلمة مستقلّ، لأنّ جميع اللبنانيين يعرفون معناها. فالمستقلّ هو من لم يكن منتسباً إلى أيّ حزب من أحزاب السلطة الطائفية منها والعقائديّة ولا يحمل بطاقة حزبيّة وأيضاً لم يكن مساعداً للمسؤولين الحزبيين في الحكم كمستشار أو مقاول أو وكيل أو قريب لدرجة معيّنة.
وأعتقد، دولة الرئيس أنّ أيّ اسم من الأسماء لن يَسْلم من انتقاد من هنا أو تُهمة من هناك. فما دُمتَ ستشكّل الحكومة من مستقلّين غير مفروضين من قبل الأحزاب والكتل التي أعطتك أصوات نوّابها في عملية الاستشارات النيابية ولا من الكتل الأخرى التي حجبت عنك أصواتها أو أعطتها لشخصيّات أخرى محترمة من جميع اللبنانيّين، فإنني أدعوك إلى السير في تأليف الحكومة التي تريدها ضمن هذه المعايير مهما كانت الأسماء التي تتألف منها، على أن تضمّ اختصاصات متكاملة من جميع الميادين وتشكّل فريقاً متجانساً.
صدّقني دولة الرئيس انّ الناس لن يدوم اعتراضُها على الأسماء بل يريدون ان يطمئنّوا على مستقبلهم. يريدونك ان تقول لهم ماذا ستفعل هذه الحكومة لحماية وإنقاذ إيداعاتهم ومدّخراتهم في المصارف؟ وكيف ستتصرّف حيال الدين الداخلي والخارجي؟ هل ستدفع حكومتك خدمة هذا الدين والمستحَق منه من أموال الاحتياط أو من الواردات أو من الأموال المنتظر ورودها من مؤتمر «سيدر» بينما الشعب على أبواب مجاعةٍ دقّ ناقوس الخطر بشأنها الكثير من الخبراء الاقتصاديين والماليين وبعض السياسيين، وأخذت تظهر بوادرها في مختلف المدن والمناطق اللبنانيّة؟ الناس يريدون معرفة مشروعك لموازنة الدولة لعام ٢٠٢٠ التي كادت لجنة الموازنة والمال في مجلس النواب ان تنهي مناقشتَها على ضوء الورقة الاقتصادية التي قدّمها رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري في بداية الثورة؟ قل للناس من أين ستؤمّن اعتمادات للكهرباء والدواء والمعدّات الطبية، وللمواد الاساسيّة؟ قل لنا ما هي خطتك لمنع الانهيار المالي؟ وكيف ستستمرّ في دفع الرواتب والمعاشات؟ وما هي التدابير الضريبية التي ستتخذها لاستمرارية القطاع الخاص الذي انهارت شركاته بالآلاف؟ وما هي خطتك للتحفيز الاقتصادي؟ قل لنا إنك سوف تسترجع الأموال المنهوبة من الدولة، وإنك ستوقف هذه الجريمة المتمادية في الزمن منذ ثلاثين عاماً بدعمك لاستقلالية القضاء ومنع التدخل السياسي بشؤونه. قل لنا إنك لن تسمح بنشر الموازنة إلا بعد إنجاز الحسابات الماليّة للدولة (قطع الحساب) وفقاً للأصول الدستورية ونشرها.
قل لنا إنك ستشطب الدين العام المترتب لصالح المصرف المركزي والمصارف التجارية. قل لنا إنك سوف تخفض هذا الدين ليس بالاستدانة أو بإعادة الجدولة وإنما بوقف الإنفاق غير المجدي. قل لنا إنك ستعتمد المعايير العلمية في حلّ الازمات المعيشية ومعالجة النفايات الصلبة بما يوفّر المال العام ويحافظ على البيئة.
قل لنا إنك سوف تعمل على تطوير نظامنا الدفاعي ودمج كلّ الطاقات الوطنية واستخدام كلّ الوسائل المتاحة لمواجهة الأخطار الكثيرة المُحدِقة ببلدنا بدءاً من الخطر الصهيوني مروراً بالتطرف الإسلامي وصولاً إلى مواجهة الجريمة المنظمة وفوضى حمل السلاح خارج القانون.
دولة الرئيس
لا تركُنَنَّ إلى نفس الأشخاص، ولا تستعملنَّ نفس الوسائل وإلا لن تصل إلى الإنقاذ الذي ترجوه فتضيعُ فرصتك التي ساقَك إليها الله، ويخيب أمل الشعب اللبناني بنهوض الوطن…
*رئيس الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى